البطالة خطر

البطالة خطر

ما يجري في أعماق المجتمع من مشكلات اجتماعية واقتصادية يعاني منها المجتمع بصمت تحت غطاء تضعه السلطة التنفيذية، لتستر عورتها. تأتي الأزمات كورقة عباد الشمس ليكشف حقيقية ما يجري تحت هذا الغطاء.

وقد أظهر انفجار الأزمة في البلاد أن البطالة ليست هي وليدة انفجار الأزمة، غير أنّ تصاعد وتيرة انفجار هذه الأزمة قد ساهم في ازدياد معدلات البطالة في البلاد، وتختلف الأرقام التي صدرت عن مختلف مراكز الدراسات الإحصائية حول نسبة البطالة في سورية، حيث تتفق جميعها على أنها مرتفعة وازداد ارتفاعها خلال سنوات الأزمة التي ضربت مختلف القطاعات: الإنتاجية من صناعة وزراعة والخدمية منها من مواصلات وصحة وسياحة وغير ذلك. وتم تصنيف سورية من قبل منظمة العمل الدولية ضمن أوائل الدول في نسب البطالة المرتفعة.
في نفس الوقت تعمل قوى النهب والفساد ما في وسعها في أجهزة الدولة وخارجها بشكل متناغم لتحميل الطبقة العاملة وكافة الكادحين تكلفة الخروج من هذه الأزمة.
من المعروف أن البطالة هي ظاهرة اجتماعية اقتصادية نشأت مع ظهور النظام الرأسمالي، بينما لم تكن هذه الظاهرة موجودة في مجتمعات واقتصاديات ما قبل الرأسمالية كما نعرفها اليوم. وتعني البطالة عدم حصول الفرد على فرصة عمل وذلك بالرغم من توفر قدرته على العمل والبحث المستمر عنه، وتنتج هذه الظاهرة عند اختلال التوازن في سوق العمل بين طالبي العمل وفرص العمل المتاحة في هذا السوق. ولأنها تنتشر بشكل أساسي بين فئات الشباب القادرين على العمل، تعد البطالة من القضايا الكبرى التي تؤثر بشكلٍ سلبي على المجتمع.
لقد ساهم تدمير الكثير من المنشآت الاقتصادية الإنتاجية للقطاع الخاص وقطاع الدولة في البلاد وهدم البيوت والمؤسسات وتشريد ملايين السوريين في ارتفاع لنسب البطالة التي كانت تزداد يوماً بعد يوم قبل انفجار الأزمة بسبب تلك السياسات الاقتصادية التي انتهجت منذ أوائل الثمانينات من القرن الماضي، مع العلم أنه لا توجد إحصائيات حقيقية رسمية تدل على الواقع الفعلي للبطالة، فمن جهة قطاع العمل غير المنظم فالواقع غير معروف، وكذلك القطاع المنظم فمعظم سجلاته بما يتعلق بعدد العاملين غير دقيقة هذا إضافة إلى عدم توثيق العمال الذين يتم فصلهم عن العمل ويصبحون في عداد العاطلين عن العمل.
ومن جهة أخرى من غير المعروف عدد الداخلين إلى سوق العمل أو الخارجين منه، أما تعويض البطالة في النظم الرأسمالية وخاصة في المراكز هو من الآليات المتبعة، بعد أن أصبحت البطالة تشكل خطراً على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي فيها محاوِلةً تحقيق التوازن ما بين حاجات التنمية الاقتصادية والسلم الاجتماعي. ويعتمد هذا النظام في صياغته المحلية إلى شرائع وقوانين دولية، حيث أقرت منظمة العمل الدولية في الاتفاقية الثانية: تنشئ كل دولة نظاماً للتأمين ضد البطالة، وشبكة من مكاتب الاستخدام عامة ومجانية تحت إشراف هيئة مركزية وتضم ممثلين للعمال وأصحاب العمل لتقديم المشورة في الأمور المتعلقة بهذه المكاتب، وكانت التوصية رقم /1/ الصادرة عن المنظمة قد أوصت أن تضع كل دولة نظاماً فعالاً للتأمين ضد البطالة سواء عن طريق مؤسسة حكومية تقوم بدفع تعويضات للعاطلين عن العمل. وكذلك أيضاً جاء في الاتفاقية رقم /168/ تتخذ كل دولة تدابير مناسبة لتحقيق نظام الحماية من البطالة لسياستها في مجال العمالة، وتحرص لهذا الغرض أن يسهم نظام الحماية من البطالة هذا وخاصة طرق وأسلوب التعويض عن البطالة في تعزيز العمالة الكاملة والمنتجة والمختارة بحرية. ويكون من آثارها تشجيع فتح باب سوق العمل أمام العمال، وإتاحة العمل أمامهم. وأن تضع كل دولة هدفاً له الأولوية، يرمي للنهوض بالعمالة الكاملة والمنتجة والمختارة بحرية بجميع الوسائل المناسبة، وبما فيها الضمان الاجتماعي.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1090