بصراحة ... كيف يعيش هذا العامل
إحدى ورش النجارة التي تصنع الموبيليا بكافة أنواعها غرف نوم– طاولة سفره– صوفايات- وهذه الأشياء تصنع بجودات مختلفة حسب السوق وحسب طلب الزبون وما يملك من قدرة على الشراء لهذه المصنوعات.
جزء من عمل هذه الورش وهي منتشرة بكثرة في الغوطة الشرقية كانت تعج بالعمال المهرة حيث أصابها الجمود قبل الأزمة وأصبحت مبيعاتها أقل بكثير مما سبق بسبب المستورد الأجنبي الذي سمحت الحكومات السابقة لانفجار الأزمة بدخولها وأصبحت تنافس المنتج المحلي الذي يعمل به آلاف العمال بمختلف الاختصاصات ضمن صنعة النجارة.
في الأزمة وانفجارها توقفت هذه الصنعة وتوقف معها آلاف العمال والحرفيين وأغلقت الورش أبوابها وخسرت هذه الورش الكثير من الكفاءات التي جزء منها بقي ولم يغادر مكانه والجزء الآخر غادر كما غادر الملايين من أبناء شعبنا وطنهم بحثاً عن مكان آمن ومكان يؤمن لهم قوت يومهم.
عند دخولنا إلى إحدى الورش وهي سابقاً كانت تضج بالعمل والعمال، وهي الآن هي خاوية وفارغة ومعطلة عن الإنتاج لأسباب كثيرة عددها لنا صاحب الورشة الذي يقول إننا أصبحنا عاطلين عن العمل «والي عم نشتغله ما بيجيب همه كهربا ما في مواد أولية يعني خشب وأكسسوارات مافي وإن وجدت أسعارها غاليه بالنسبة للكهربا بيعتمدوا على الأمبيرات وبيدفعوا كل أسبوع 100 ألف ليرة سورية وسطي ثمن استجرار الكهرباء ليشتغلوا ضمن الحد الأدنى».
هذا بالنسبة لصاحب الورشة أما العامل الوحيد بهذه الورشة هو السيد أبو عبد الله بالعقد الرابع من العمر يعمل في الحفر على الخشب حسب الرسمات التي تطلب منه وعمله هذا يتطلب فنّاً ومهارة عالية لدقة العمل ولإظهار جمالية الرسمة التي تبدع يداه على إظهارها ويتعامل مع خشب السنديان القاسي ولكن مهارته تطوع قساوة الخشب وبالوقت نفسه لم يستطع تطويع قساوة الحياة التي عاشها خلال سنوات الأزمة وهو في مكانه لم يغادر وبقي إلى الآن.
أبو عبد الله لديه أربعة أطفال وجميعهم في المدرسة وكما قال لي «علمك كفايه قديش بدهم مصروف ليروحوا ع المدرسة» وسألته عن الأجرة التي يتقاضاها فقال لي 100 ألف ليرة سورية بالأسبوع يعني بالشهر 400 ألف «هذا الأجر شبده يكفي أكل أو مصاريف مدرسه أو معالجة للحكما أذا مرض حدا من العيله جاوبني شبده يكفي».
سألته سؤالاً استفزازياً فأجابني بانفعال وحرقة قلب كما يقال قلت له «بالطبخة الي بتطبخها مرتك قديش بتحط لحمه؟ فكانت الزوره العجيبه وقال لي يمكن بنجيب وقية لحمه لأسبوع واحد وأحيانا بيمر الشهر ما بنجيب شي هاد هو حالنا ما عاد بقدر قلك أكثر».
نحن بدورنا لن نقول أكثر مما قاله هذا العامل الرائع.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1090