الاستقالات موقف احتجاجي
كشف رئيس اتحاد عمال اللاذقية منعم عثمان عن أن عدد العمال المتقدمين بطلبات استقالة في المحافظة بلغ منذ بداية العام وحتى تاريخه 516 عاملاً مشيراً إلى أن 149 عاملاً في المؤسسة العامة للتبغ و230 عاملاً في شركات الغزل و58 عاملاً في الزراعة و31 عاملاً في قطاع البلديات و27 عاملاً في مديرية الموارد المائية و31 عاملاً في مديرية الصحة.
طبعاً عدا عن العمال الذين لجأوا إلى التقاعد المبكر، والذي كان أوفر لهم من العمل ناهيك عن العمال المتسربين من القطاع العام حيث يعتبر هؤلاء وبعد غيابهم مدة خمسة عشر يوماً متصلة بحكم المستقيلين وهذا العدد الكبير نسبياً في محافظة واحدة فقط، وليست هناك إحصائية دقيقة عن عدد المستقيلين في القطاع العام أو المتسربين منه منذ بداية الأزمة وحتى الآن.
هناك أسباب كثيرة لهذا النزيف الذي يتعرض له القطاع العام والذي أفقده كفاءات في مجالات عديدة وأدى إلى تراجع أداء القطاع العام بكافة مؤسساته الإنتاجية والخدمية ولكن أهمها والذي لم يأتِ على ذكره رئيس اتحاد عمال محافظة اللاذقية وكأنه لا يعلم جوهر المشكلة وهو الراتب الهزيل الذي يتقاضونه مقابل عملهم والذي لا يغطي سوى 3% من تكاليف المعيشة فقط وهو الذي يعتبر سبباً مشتركاً بين جميع المستقيلين.
حلول خلبية
الحكومة ومنذ بداية الأزمة لم تجد حلاً لمعالجة هذه المشكلة سوى ربط الاستقالات بموافقات أمنية وهو الذي فتح باباً واسعاً للفساد والمحسوبيات وباتت الاستقالة تحتاج إلى رشاوى بمئات الآلاف لقبولها ولكن هذا الحل الأمني الذي لجأت له الحكومة والذي لم يعالج السبب الجوهري لها لم يمنع من تسرب العمال خارج القطاع العام، فقد فضل العامل ترك العمل ومن دون تقديم استقالته (وهو ما يحرمه من حقوقه التقاعدية ويعرضه للملاحقة القضائية بجرم ترك العمل) على أن يبقى أجيراً بكعكة كما يقال في القطاع العام.
مقارنة بسيطة
فهل من المعقول أن يكون راتب الموظف الفئة الأولى اليوم والحاصل على شهادة جامعية والذي قضى سنوات شبابه في التحصيل الدراسي مئة ألف ليرة سورية فقط في حين أن أجر صبي مراهق يعمل في القطاع الخاص يحصل على مئتي ألف ليرة شهرياً؟!!!
الهدف إفراغ القطاع العام من عماله
إن سياسة تجميد الأجور الذي تتبعها الحكومة مقابل تحرير الأسعار والتي أدت إلى توقف عجلة الإنتاج في القطاعين العام والخاص نتيجة لقلة الاستهلاك ستؤثر أيضاً على بنية القطاع العام ومؤسساته حيث تفقدها أهم عامل في الإنتاج ألا وهم العمال وهذا يعني أن كل الحديث الحكومي عن ضرورة زيادة الإنتاج ودعمه هو عبارة عن ذر للرماد في العيون وكذب، فهذه السياسات لن تؤدي إلا إلى توقف الإنتاج وتدمير القطاع العام من الداخل من خلال التفريط بعماله ودفعهم للاستقالة وهذا واضح من السعي الحكومي لربط الأجور بالإنتاج والذي يهدف حقيقة إلى منع زيادة الأجور والرواتب والمحافظة على معدل الأجور المنخفضة للعمال لأن الإنتاج ليس بيد العمال بل بيد الحكومة التي تقول وتعيد كل يوم بأنها لا تملك الموارد الكافية لدعم عملية الإنتاج لأن جل معاملها خاسرة أو مدمرة والتي تقوم الحكومة بطرحها للتشاركية مع القطاع الخاص.
الاستقالات موقف عمالي
هذه الاستقالات تعتبر إضراباً حقيقياً عن العمل واحتجاج على الأجور والرواتب التي يتقاضاها العمال والذين لا يستطيعون التعبير عن أوجاعهم بطرق أخرى لأنه غير مسموح لهم ممارسة حقهم الدستوري بالتعبير والإضراب السلمي لأنه يعتبر مساساً بالسلام الاجتماعي الذي تراه الحكومة قائماً في المجتمع والذي يدفع اتحاد نقابات العمال والقائمين عليه إلى النوم في حضن الحكومة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1090