أسئلة بحاجة إلى إجابات
أديب خالد أديب خالد

أسئلة بحاجة إلى إجابات

أصبحت قضية الأجور الشغل الشاغل لغالبية السوريين، وهناك مطالب من مختلف الفئات من عمال وموظفين ومحللين اقتصاديين ونقابيين بضرورة زيادة الرواتب عشرة أضعاف على الأقل، والكل يجمع أن الأجور الحالية هي السبب الرئيسي في تراجع قدرة الاقتصاد، خاصة مع ارتفاع سعر الصرف، وانخفاض قيمة العملة، والرفع المستمر لأسعار الطاقة، كل هذا أدى إلى مزيد من تراجع الليرة أمام الدولار، وبالتالي، فرض مزيدٍ من تآكل الأجور والرواتب، حتى بات راتب الموظف بسعر تنكة بنزين تكفي ليومين فقط.

أمام هذا الواقع، تسد الحكومة آذانها عن مطالب رفع الأجور، متحججة بعدم وجود موارد كافية، وأنها تسعى حسب تصريحاتها لتحسين معيشة العمال من خلال زيادة متممات الرواتب والأجور من حوافز ومكافآت تعوض العمال، ولكن إذا كانت تلك الحوافز والمكافآت متعلقة بالإنتاج فالإنتاج اليوم بأدنى مستوياته، لنعود مرة أخرى إلى المربع الأول، وهو إصرار الحكومة على عدم زيادة الأجور وتهربها الدائم من هذه المطالب بمشاريع وهمية.
ومع أن الحكومة تجني المليارات من فرض شتى أنواع الضرائب على جميع فئات الشعب، ودون تقديم أية خدمات مقابل هذه الضرائب، فالسؤال الذي يطرح اليوم: أين تذهب هذه الأموال ولمصلحة من تجنى كل هذه الضرائب؟؟ ومع استمرار سياسة رفع الدعم الذي تقول عنه الحكومة أنه يوفر على خزينة الدولة مليارات، فما هو بديل الحكومة؟ وأين ستصرف هذه المليارات التي وفرت من خلال رفع الدعم؟ هل صُرفت في دعم المشاريع البنية التحتية؟ هل صرفت لتحسين واقع الكهرباء الذي وصلنا به إلى مرحلة التعتيم العام؟
ألا تكفي الحكومة اثني عشر عاماً من عمر الأزمة لإيجاد الحلول للمشاكل والأزمات الاقتصادية التي تواجهها البلاد؟ هل لدى الحكومة خطط وبرامج لتحسين الواقع الاقتصادي؟ ألا تكفي كل هذه السنين لإيجاد حل لوقف تدهور مستوى المعيشة على الأقل، وليس تحسينه، أم أننا نحتاج إلى قرن كامل لإيجاد الحلول؟ أم أن كل ما تفعله الحكومة هو التحجج بالعقوبات الدولية والأزمة لتبرر فشلها وفشل سياساتها الاقتصادية التي أدت إلى هجرة ملايين السوريين خارج البلاد بحثاً عن واقع وأجور أفضل، بعد انسداد الأمل في وجههم، خاصة الشباب وخريجو الجامعات الذين تعتبر خسارتهم خسارة لا تعوض.
هل المطلوب من الشعب السوري أن ينتظر المجتمع الدولي ويراهن على تبدل سياساته تجاه سورية ليرفع العقوبات عنه ليعيش؟ لماذا فرض علينا أن نكون مرتبطين بالغرب وهو يتحكم بمعيشتنا؟ وهو الذي لن يرفعها، وتاريخ البلدان التي تعرضت للعقوبات يشهد على ذلك، فهذه إيران وكوريا وكوبا تعاني من العقوبات منذ قرابة خمسين عاماً، ولم ترفع عنها العقوبات، ولم تنتظر تبدل مواقف الدول الغربية تجاه بلدانها، بل عملت على تجاوزها، وإيجاد بدائل حقيقية لشعوبها، وحافظت على الاستقرار الداخلي لبلادها.
إن تحسين الوضع الاقتصادي مرتبط بالحقيقة بالحل السياسي، فحل المشاكل الاقتصادية للشعب السوري موجود، وليس هناك مستحيل، ولكن مصالح قوى الفساد تمنع التحول الاقتصادي نحو اقتصاد مقاوم للغرب وعقوباته، اقتصاد قائم على العدالة الاجتماعية، خاصة في ظل ممانعة كاملة من جهاز الدولة لسياسة التوجه شرقاً، بسبب ارتباط قوى الفساد بمصالح القوى الغربية وبالعقوبات التي تجني من ورائها أرباحاً طائلة.
فمعركة الأجور معركة ليست شيئاً ثانوياً يمكن أن تُحل بمطالبات، أو طرح بحلول من خارج الصندوق، كما دعا البعض، أو ترجٍّ للحكومة، بل هي معركة وطنية بامتياز، وهي التي ستحدد شكل النظام الاقتصادي الذي يجب أن تكون عليه سورية، والذي سيخرجها من أزماتها الاقتصادية، والذي يجب أن تضغط باتجاهه جميع القوى الوطنية، ونقابات العمال، والعمال وجميع المتضررين من انهيار الأجور، والذين يشكلون نسبة 90% من السوريين.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1084