العمّال وقوانين العمل
ينظم القانون /50/ لعام 2004 علاقات العمل في قطاع الدولة، متضمناً حقوق العمال، أجورهم، الزيادات الدورية، التعويضات وغيرها على أساس فئات مقسمة وفقاً لمؤهلات العاملين، أما عمال القطاع الخاص فيخضعون اليوم للقانون /17/ لعام 2010، الذي يمنح أرباب العمل اليد العليا في تحديد أجور العاملين والمكافآت، بالإضافة إلى قدرة رب العمل على تسريح العمّال، فالعقد شريعة المتعاقدين ومن يملك يحكم ويفرض شروطه..
تقسيم الحركة العمّالية بين عام وخاص، وإخضاع كل منها لقانون ساهم في حرمان العمال من العديد من الحقوق والمكتسبات لصالح أصحاب العمل.. قاسيون تقدم قراءة لأهم المفارقات في قانوني العمل بين القطاع الخاص والعام.
كيف تحدّد الأجور؟
القانون /17/ يترك لصاحب العمل تحديد أجور العمال، من خلال عقد العمل، الذي يعرّفه القانون بأنهُ العقد الذي يلتزم بموجبه العامل بالعمل لدى صاحب العمل، وتحت سلطتهِ وإشرافه مقابل أجر، الأجر الذي يتفق عليه الطرفان حسب القانون، هذا الاتفاق يعكس إرادة ورغبة صاحب العمل، فغياب نقابات العمال في القطاع الخاص بشكل كبير جعل أصحاب العمل يحددون الرواتب والأجور دون وجود طرف مقابل، يقومون بالتفاوض معه، ويعمل على استعادة حقوق العمل، وفي مقدمتها الأجر القادر على تأمين تكاليف المعيشة، يضاف إلى ذلك مستويات البطالة المرتفعة والتي ارتفعت خلال سنوات الأزمة بنسب عالية لتصبح سمة أساسية من سمات تراجع دور الدولة والتوجه نحو القطاعات الريعية، على حساب قطاعات الإنتاج الحقيقي، مما ساهم في عجز الاقتصاد وعدم قدرته على خلق فرص عمل.
بينما القانون /50/ يقسم الوظائف إلى خمس فئات على أساس مؤهلات العاملين، ويحدد الحد الأدنى والأقصى لأجر كل فئة.
في القطاع العام أو الخاص فإن القانون ينص على أن الأجور لا يجوز أن تقل عن الحد الأدنى العام للأجور الذي يبلغ اليوم حوالي 93 ألف ل.س تقريباً مع الزيادة الأخيرة للأجور.
تفاوت في الأجور بين العام والخاص
ينصّ قانون العاملين الأساسي رقم /50/ على الزيادة الدورية لأجور العمال بنسبة 9% كل سنتين، بالمقابل فإن القانون /17/ يعطي عمال القطاع الخاص «الحق في الحصول على زيادة دورية للأجور مرة كل سنتين على أساس النظام الداخلي أو عقد العمل» دون تحديد نسب الزيادة، بالإضافة إلى ذلك فإن العديد من معامل وورش القطاع الخاص لا تمتلك نظاماً داخلياً، وعقود العمل بغالبها لا تنص على زيادة الأجور، ما يعني حرمان عمال القطاع الخاص من حقوقهم بالحصول على زيادة دورية للأجور، وهذا يؤثر على الراتب التأميني للعمال في القطاع الخاص عند وصولهم إلى سن التقاعد المنصوص عنه في قانون العمل، وهو بمثابة اعتداء صارخ على حقوقهم وأجورهم.
التفاوت بالأجور سمة العمل الخاص
القانون /50/ يحقق المساواة في الأجور للعاملين الذين يمتلكون المؤهلات نفسها، من خلال تحديد الحد الأدنى والحد الأقصى لأجر كل فئة من فئات العاملين، ونسب الزيادة الدورية لأجور العاملين، فالعمال الذين يحملون شهادة جامعية من الدرجة نفسها يتقاضون الأجر نفسهُ في بداية التعيين ومن حيث سقف الراتب.
بينما الحال مختلفة بالنسبة لعمال القطاع الخاص، فالقانون /17/ ينص على «أن الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص لا يقل عن الحد الأدنى العام للأجور» دون تحديد الحد الأقصى للأجر، نسب الزيادة الدورية، ولا يتضمن تقسيم الوظائف والأجور حسب المؤهلات كما في القطاع العام، فالأجر يحددّ من قبل صاحب العمل على أساس عقد العمل، فالقانون يشرعن التفاوت في الأجور بين العاملين في القطاع الخاص من جهة وبين العاملين والإدارة من جهة أخرى، فإذا كان تراجع الأجور الفعلية للعمال، وانخفاض الأجور الوسطية في القطاع الخاص عن مثيلاتها في القطاع العام من سمات سوق العمل في فترة ما قبل الأزمة (2005-2011)، فإن القانون /17/ أضاف إليها انعدام المساواة، وزيادة التفاوت في مستويات الأجور بين العمال على خطوط الإنتاج والعاملين في مراكز إدارية حيث يحصلون على أجور تبلغ ضعفين أو ثلاثة أضعاف ما يحصل عليه عمال الإنتاج.
إجازات أقل.. استغلال أعلى
للعاملين في القطاع العام الحق في الحصول على إجازات سنوية لمدة 15 يوماً بأجر، لمن تقل خدمته الفعلية عن خمس سنوات، بينما تقل هذه المدة بالنسبة للعاملين في القطاع الخاص إلى 14 يوماً، وعليه فإن العاملين في القطاع الخاص والذين يشكلون أكثر من 70% من القوى العاملة محرومون من العديد من الحقوق التي حصّلتها الطبقة العاملة خلال مسيرتها النضالية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1080