عن ربط الأجور بالإنتاج (1) ... النظريات الليبرالية البرجوازية في الأجور

عن ربط الأجور بالإنتاج (1) ... النظريات الليبرالية البرجوازية في الأجور

ناقش مجلس الوزراء في جلسته الأسبوعية مشروع المرسوم الخاص بالنظام النموذجي للتحفيز الوطني في الجهات العامة كما أطلق عليه والمتضمن معايير وضوابط منح الحوافز والعلاوات الإنتاجية والمكافآت بهدف تحقيق رفع مستوى الإنتاجية وتحسين جودة الخدمات وخفض التكاليف وربط زيادة الدخل برفع معدلات الأداء.

ولفتت وزيرة التنمية الإدارية إلى أن الحكومة تهدف من خلال هذا النظام النموذجي الجديد حسب تعبيرها إلى تشجيع عملية الإنتاج ومنح كل عامل حقه وفي تعزيز المساواة على مبدأ الكفاءة والجدارة، وأن الهدف من هذا المشروع هو ربط الأجور بالإنتاج.
وانطلاقاً من ذلك لا بدّ من الوقوف على توضيح ماهية الأجر وموقف مختلف النظريات الاقتصادية منه فنظرية الأجور تعدّ من أهم موضوعات علم الاقتصاد.

تعريف الأجر:

الأجر بالمعنى الاقتصادي هو الجزاء على العمل فهو بهذا المعنى قيمة قوة العمل البشري أو بدلها مادياً كان أم غير مادي والأجر بالمفهوم الاقتصادي هو المبلغ الذي يُدفع للعامل مقابل قيامه بعمل ما أو عند تنفيذ هذا العمل لحساب شخص آخر والعمل بالمفهوم الاقتصادي، هو النشاط الإنساني المبذول للحصول على منفعة بتحويل المواد إلى سلعة تشبع حاجة الإنسان.
بعد ظهور الملكية الخاصة وانقسام المجتمعات البشرية إلى طبقات يختلف موقعها من ملكية وسائل الإنتاج، وما ترتب على ذلك من ظهور طبقة لا تملك سوى قدرتها على العمل، وطبقة أخرى تملك وسائل إنتاج أكثر من طاقتها على التشغيل، برز العمل المأجور ضرورة اقتصادية، وظهرت الحاجة إلى دراسة ظاهرة الأجر وعوامل تحديد مستواه، وبدأ العلماء والمفكرون يهتمون بدراسة مفهوم الأجر ومستواه وعدالة تحديده، وصار مفهوم الأجر العادل والحد الأدنى للأجور وغيرهما من المقولات موضوعات لاقتصاد العمل وعلم الاقتصاد.

نظريات الأجور

منذ نشأة علم الاقتصاد كانت المدرسة الاقتصادية الكلاسيكية الإنكليزية (دافيد ريكاردو وآدم سميث). تسعى لتقرير حد توازن ثابت يستقر عنده مستوى الأجر في تقلباته في مدة قصيرة، وقد ذهب دافيد ريكاردو إلى أنّ مستوى توازن الأجور يتعادل مع الحد الأدنى الضروري للحياة، وانطلاقاً من نظرية ريكاردو هذه صاغ لاسال قانون الأجور الحديدي وطور ماركس نظريته في العمل والأجر، إذ فرق بين العمل الضروري الذي ينتج العامل في أثنائه قيمة قوة عمله ويتقاضى مقابله أجراً، والعمل الزائد الذي يعود إنتاجه إلى الرأسمالي مالك وسائل الإنتاج وتقسم نظريات الأجور إلى مجموعتين: مجموعة النظريات الليبرالية البرجوازية في الأجور والنظرية الماركسية في الأجور.
النظريات الليبرالية في الأجور: تنطلق النظريات الليبرالية في الأجور من مبدأ الحرية الاقتصادية القائم على أساس أن آلية السوق هي المنظم الوحيد للأسعار والمحدد للنشاط الاقتصادي، وتقوم هذه النظريات على عدم التفريق بين العمل وقوة العمل، وهي تعالج الأجر على أنه ثمن العمل الذي يبيعه العامل من صاحب العمل.
نظرية الحد الأدنى لمستوى المعيشة: يرى أنصار هذه النظرية أن مستوى الأجور يتحدد بما يعادل قيمة المواد والحاجات الضرورية لمعيشة العامل في الحد الأدنى. ويقولون إن حركة العرض والطلب في سوق العمل كفيلة بالمحافظة على الأجور مدة طويلة في مستوى الحد الأدنى للمعيشة اللازم للمحافظة على حياة العامل.
نظرية إنتاجية العمل: تنبثق هذه النظرية من النظرية العامة لتوزيع الدخل القومي في الاقتصاد الحر أو اقتصاد السوق، إذ تنطلق نظرية التوزيع من فرضية أثمان عوامل الإنتاج، التي تزعم أن كل من يشترك في الإنتاج يحصل على نصيب منه يعادل إنتاجيته، أي بمقدار إسهامه في تكوين ذلك الإنتاج. لما كان الأجر، بحسب أنصار هذه النظرية هو ثمن العمل، فإن العامل يحصل على الثمن الكامل للعمل الذي يقدمه، ويتحدد مستوى الأجر مباشرة بإنتاجية العمل.
النظرية الاجتماعية للأجور: يرى أنصار هذه النظرية أن الأجور أداة من أدوات توزيع الدخل القومي وبالتالي فإن مستوى الأجور في أي بلد يتحدد بعاملين اثنين: الأول إنتاجية العمل الاجتماعي التي تحدد الناتج الإجمالي الذي يتم اقتسامه بين الطبقات الاجتماعية من جهة، والثاني الوزن الاجتماعي للطبقة العاملة الذي يحدد نصيب العمال من الناتج من جهة ثانية.

تحديد الأجور

تعرض نظريات الأجور العوامل التي تسهم في تقرير مستوى الأجر. وتميز هذه النظريات بين الأجر ثمناً للعمل يتحدد كما يتحدد ثمن أية سلعة أخرى بعوامل العرض والطلب مع ضرورة أخذ عنصر التكلفة بالحسبان، وبين كونه شكلاً متحولاً لقيمة قوة العمل اللازم اجتماعياً لإنتاجها، وفي كلتا الحالتين لم تستبعد أي من النظريات إمكانية انحراف الأجر الفعلي عمّا يجب أن يكون عليه بفعل عوامل العرض والطلب أو بفعل عوامل أخرى وهذا غالباً ما يحدث لهذا فإن تحديد الأجور فعلاً وواقعياً لا يتفق تماماً مع مضمون نظريات الأجور، وإن كان يعتمد على بعض مبادئها وأسسها. فالأصل في تحديد أجر العامل هو قبوله بالأجر الذي يعرضه عليه رب العمل في ضوء المفاوضات الفردية بينهما. وبسبب عدم التكافؤ بين الطرفين تتدخل المنظمات المهنية والسلطات العامة، أحياناً لتحديد الحدّ الأدنى للأجور. وفي بعض الأحيان تكون مستويات الأجور موضوعاً لمفاوضات جماعية بين أرباب العمل والنقابات العمالية، وقد تتدخل السلطات العامة أحياناً في فرض الحد الأدنى للأجور لكل مهنة أو للأجور بوجه عام، ويكون الحد الأدنى الذي تقرره السلطات العامة مرتبطاً غالباً بمستوى أسعار المستهلك، وتلجأ هذه السلطات إلى تحريك الحد الأدنى كلما رأت أن أسعار المستهلك قد ارتفعت إلى الحد الذي يخل بالتوازن بين الأسعار والأجور.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1067