بصراحة ... درجة الغليان ترتفع ماذا بعد؟
الحركة العمّالية والنقابية عالمياً منقسمة بين اتجاهين، وهذا كان نتاج توازن القوى الدولي الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية، حيث تمكنت قوى رأس المال من مساعدته ودعم ذاك الاتحاد المسمى الاتحاد الدولي للنقابات «الاتحاد الحر» وأحد داعميه الأساسيين هو «الهستدروت الإسرائيلي» من أجل قسم الحركة النقابية والعمالية وجعلها أكثر ضعفاً الأمر الذي أدى إلى استمالة العديد من الاتحادات النقابية في منطقتنا وفي أوروبا، بحيث أدى هذا الأمر إلى التوافق مع قوى رأس المال لضبط الحركة العمالية وتحديد أشكال مقاومتها وحراكها من أجل حقوقها وخاصةً عندما تكون المعركة من أجل زيادة الأجور حيث تجري المساومات والاتفاقات التي تنقص من حقوق العمال في مطالبهم.
تعمّق الاتجاه الليبرالي في الاقتصاد في منتصف السبعينات حيث التمركز الأعلى للثروة وللنهب الواقع على الطبقة العاملة ليس في المراكز الإمبريالية فحسب، بل في الأطراف القريبة والبعيدة عن تلك المراكز، ومنها منطقتنا، أدى ذلك إلى ارتفاع ملحوظ في نسب البطالة في دول المركز الرأسمالي الإمبريالي والأطراف التي تأثرت بانفجار الأزمة الرأسمالية بكافة جوانبها المالية والإنتاجية، فقد انعكس ذلك على حقوق الطبقة العاملة في مستوى معيشتها ورفاهيتها «مرحلة الرفاه الاجتماعي» التي كانت تقدم لها كرشوة مؤقتة.
والسؤال المفترض: هل بقيت الطبقة العاملة أسيرة لتلك الموازين التي سادت بعد الحرب العالمية الثانية؟
تمكنت الحركة العمالية من كسر وتحطيم الحواجز والمتاريس التي بنتها القوى الرأسمالية لمنع حراكها والدفاع عن حقوقها المختلفة وكونت أدواتها التنظيمية التي تساعدها على المواجهة، ومنها نقاباتها المستقلة التي تقود المواجهة السافرة وخاصة مع تطورات جائحة كورونا وتعمق الأزمة العامة التي جعلت العمال والعاملين بأجر أكثر بؤساً وقربتهم من حافة الجوع بخطوات سريعة.
أخذت النقابات في المراكز الإمبريالية تنظم صفوفها وتستعيد دورها في معركتها التي قد تطول مع أعدائها الطبقيين انطلاقاً من رؤيتها في تغير موازين القوى الدولي وانفتاح الأفق أمام الحركة الشعبية ومنها الطبقة العاملة.
الأول من أيار في بلادنا مختلف، يتم الاحتفال به على موائد الإفطار لبعض العمال والنقابيين حيث يجرى إشباعهم بالوعود الكثيرة، وما على العمال المدعوّين سوى التحلي بالصمود أكثر وشد الأحزمة على البطون، لأن غير هذا السلوك كالمطالبة بأجور عادله والمطالبة بتشغيل المعامل وضرب قوى الفساد والنهب الكبيرين، ودفاعهم عن حقوقهم المشروعة كما نص عليها الدستور سيكون من الكبائر التي لا تغتفر.
عوامل كثيرة تتداخل في جعل الحركة العمالية تبدو ساكنة ولكن الواقع المتغير في مستوى معيشتها وحقوقها الأخرى نحو الأسوأ يجعلها كالمرجل الذي يغلي لتصل درجة غليانه حد الانفجار.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1068