الحماية الاجتماعية
إن تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية تشمل قاعدة عريضة ومستدامة من المجتمع يتطلب توزيع الدخل الوطني بطريقة أكثر عدالة وإنصافاً، وأنه لا بد من توفير تلك الحماية الضرورية من الفقر.
تحتل الحماية الاجتماعية وتطوير آليات وطرق تدخلها في سوق العمل وتغطية جميع العاملين بأجر، درجة كبيرة من الأهمية للمساهمة في تعزيز تأمين الدخل. إن أكثر بلدان العالم أنشأت مؤسسات للضمان الاجتماعي للتغطية الفعالة للضمان الاجتماعي وطبقت عدة بلدان تدابير كي تكون أنظمة الحماية الاجتماعية متوافقة مع الواقع المتغير في سوق العمل، من خلال تبني منافع تأمين مختلفة كالبطالة على سبيل المثال، وكذلك توسيع نطاق التغطية لفئات معينة من العاملين لحسابهم.
يضطلع الضمان الاجتماعي، بدور هام في الحد من الفقر وتخفيف آثاره، ومنع الإقصاء الاجتماعي، حيث يساهم في إعادة التوزيع للدخل الوطني، ينبغي أن يشمل نظام الضمان الاجتماعي تغطية القضايا الأساسية التالية للضمان الاجتماعي: الرعاية الصحية المرض الشيخوخة البطالة إصابات العمل دعم الأسرة والطفل الأمومة العجز الأيتام لدى وفاة المعيل، كذلك أيضاً يجب أن تكون هذه الاستحقاقات سواء نقدية كانت أم عينية، كافية في مقدارها ومدتها بحيث تمكن كل شخص على حماية الأسرة التي يعيلها ودعمها، وفي مستوى معيشي كاف، كما ينبغي أن تراعي مراعاة تامة مبدأ الكرامة الإنسانية، ومبدأ عدم التمييز، بما يكفل تجنب أي تأثير سلبي في مستويات الاستحقاقات وشكل تقديمها. ولا بد من إعادة النظر في معايير كفايتها بصورة دورية لضمان قدرة المستفيدين من شراء السلع والخدمات التي يحتاجون إليها.
توصي منظمة العمل الدولية والعربية من خلال مؤتمراتها وندواتها المختلفة، والتي يحضر معظمها مندوبو سورية على تعزيز تلك السياسات التي تؤدي إلى توسيع نطاق الحماية الاجتماعية المناسبة لجميع العمّال إضافة إلى أفراد المجتمع ليشمل الضمان الاجتماعي الوصول إلى الرعاية الصحية وتأمين الدخل، وتعويض البطالة أو فقدان أحد مصادر الدخل الرئيسية. وهذا ما اعتمدته منظمة العمل الدولية في دورتها المئة لمؤتمر العمل الدولي في عام 2011. كذلك أكد القانون الدولي على الحق في الضمان الاجتماعي كحق من حقوق الإنسان وتجلى بوضوح في إعلان فيلادلفيا لعام 1944 الذي دعا إلى «توسيع تدابير الضمان الاجتماعي لتوفير دخل أساسي لجميع الأشخاص المحتاجين لهذه الحماية وتوفير رعاية طبية شاملة، وأدرج الضمان الاجتماعي كحق معترف به من حقوق الإنسان في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948.
تقول بعض المؤشرات إن الفقر يمكن أن يقاس مقارنة بحصة الإنفاق على وسائل العيش الضروري من الدخل وفق حد لا يتجاوز 60% من الدخل على وسائل العيش الضرورية من غذاء وكساء بالدرجة الأولى، إن كافة العاملين بأجر في القطاع المنظم لدى الدولة والقطاع الخاص يتقاضون أجراً شهرياً أدنى من مستوى الحد الأدنى للمعيشة، وهذا الدخل لا يكفي الاحتياجات المطلوبة للغذاء فقط، وهذا ينطبق أيضاً على العاملين بأجر في القطاع غير المنظم والحرفيين والعاملين لحسابهم الخاص، نتيجة انخفاض سوية الأجور إلى مستويات غير مسبوقة، حيث حدها الأعلى لا يصل إلى الحد الأدنى لمتطلبات المعيشة. وبالمناسبة إن القطاع غير المنظم يشمل على ما يزيد عن 40% من قوة العمل وهم ليسوا أحسن حالاً من العاملين في القطاع المنظم سواء في قطاع الدولة أو القطاع الخاص بل أسوأ حالا من حيث مكان العمل وشروط العمل وساعات العمل والأجور أيضاً.
منذ أن بدأت الحكومات المتعاقبة بتبني هذه السياسات الاقتصادية الجارية اليوم بدأت عمليات تحطيم الحماية الاجتماعية، وتزايدت خلال السنوات الأخيرة من عمر انفجار الأزمة الوطنية الناتجة عن تلك السياسات الاقتصادية. إن المسؤولية الأساس للحماية الاجتماعية تقع على عاتق الدولة، وعلى دور الحركة النقابية وقدرتها على اتخاذ تلك المواقف الضرورية والحاسمة للحفاظ على هذه الحماية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1064