الطبقة العاملة تراكم تجاربها
أديب خالد أديب خالد

الطبقة العاملة تراكم تجاربها

الدستور السوري الجديد نص على العديد من النصوص التي تنصف الطبقة العاملة أهمها المادة الرابعة والأربعون التي شرعت لهم حق الإضراب عن العمل بنص واضح وصريح وهذا النص يدرج في الدستور لأول مرة في تاريخ البلاد بعد ما كان الإضراب عملاً غير مشروع حسب القوانين المعمول بها سابقاً.

ولكن الأهم من إقرار الدستور لهذه الحقوق هو وعي العمال واستخدامهم لهذه النصوص ونقلها للتطبيق على أرض الواقع رغم كل الأساليب الملتوية التي تستخدمها السلطة لتعطيل العمل بهذه المادة بالذات وغيرها من المواد الخاصة التي تنصف الطبقة العاملة ورغم تقاعس نقابات العمال (التي من المفترض أن وظيفتها الأساسية الدفاع عن العمال) عن عملها النضالي خاصة من ناحية عدم الاعتراف بحق الإضراب للطبقة العاملة والمنصوص عليه دستورياً لأسباب متعددة معروفة للقاصي والداني إلا أن العمال بدأوا يلتمسون طريقهم لوحدهم ويستخدمون حقهم بالإضراب في مواجهة أرباب العمل والتي باتت حالاته تنتشر في العديد من المعامل والمصانع نتيجة للظروف الاقتصادية الصعبة التي يمرون بها من تدني أجورهم لمستويات غير مسبوقة وعدم كفايتها سوى لأيام معدودة فقط في مقابل تراكم الأرباح في الطرف المقابل.

ازدياد وعي العمال لمصالحهم

كل هذا يدل على ارتفاع الوعي لدى الطبقة العاملة نتيجة للسياسات التي فرضت عليهم معركة غير متكافئة دفعتهم إلى الدفاع عن لقمة عيشهم وهذا الوعي سبق التنظيم النقابي للعمال بخطوات كبيرة وجريئة نحو الأمام ذلك التنظيم الذي حول نفسه إلى جمعية خيرية في أحسن الأحوال عازلاً نفسه عن معاناة الطبقة العاملة منفراً العمال من حوله ومتخاذلاً مع الحكومة بشكل صريح وواضح عبر رفعه شعار نحن والحكومة شركاء تلك الحكومة المنحازة في سياساتها لصالح أرباب العمل وكل هذا من أجل إظهار أن المجتمع في سلام اجتماعي ووئام وغير منقسم ومتوافق مع حكومته.

نقابات ميتة سريرياً

والنقابات تتحمل مسؤولية أساسية في تردي أوضاع العمال عبر مساهمتهم في تمرير قوانين العمل التي هضمت حقوق العمال وقانون الاستثمار والتشاركية الذي مهد لخصخصة القطاع العام وضياع حقوق العمال التي أقرها لهم الدستور، واستفراد الحكومة في اضطهادهم من خلال سياساتها الاقتصادية الليبرالية الموجهة ضد الطبقة العاملة بسبب فقدان التوازن المطلوب في المجتمع في ظل تغييب النقابات وتقاعسها عن القيام بدورها النضالي، وفي التصدي للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه الطبقة العاملة والدفاع عن مؤسسات الدولة والقطاع العام والحفاظ على دوره.
وفي ظل هذا الوضع يبقى الخاسر الوحيد التنظيم النقابي الذي يفقد هيبته ودوره ويؤدي إلى انفضاض العمال من حوله حيث سيتلمسون طريقهم لوحدهم في إبداع أساليب وأدوات خاصة بهم تعبر عنهم وعن أوجاعهم وهذا ما يدفع القائمين على النقابات إلى عدم إجراء انتخابات حقيقية وفق المادة الثامنة من الدستور الجديد لأنهم يعرفون أنفسهم بأنهم لا يمثلون سوى السلطة الحزبية التي عينتهم من فوق والتي يمتثلون لأوامرها باعتبارهم موظفين لديها لا أكثر ولا أقل.

أخيراً

ولكن بالتأكيد لن يقف العمال عند استخدام حق الإضراب فقط لمجرد الاحتجاج فقط بل سيتطور وعيهم وستتراكم تجاربهم أكثر من ذلك وسيصلون إلى نقطة الفاصلة التي ترفع سقف مطالبهم إلى المطالبة بتطبيق باقي نصوص الدستور من حيث أجر عادل واقتصاد قائم على العدالة الاجتماعية والحفاظ على القطاع العام ودوره والمطالبة بتنظيم انتخابات حرة لنقاباتهم وضمان استقلاليتها وسيخرجونها من الوصاية الحزبية وهذا ما يجعل الطبقات السائدة تتخوف من أي تحرك عمالي ولو صغير لأن هذا الصغير سيكبر يوما ما وينظم نفسه.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1064