بصراحة ... الأجور وصراع المنهوبين مع الناهبين

بصراحة ... الأجور وصراع المنهوبين مع الناهبين

الأجور أكثر القضايا التي يجري تداولها في مواقع العمل وفي الشارع وفي الجلسات الخاصة والعامة، وبين جميع العاملين بأجر، كون الأجور بالنسبة لهؤلاء قضية حياتية مرتبطة إلى أبعد حد بمعيشة العمّال، وتأمين حاجاتهم الضرورية، التي من الممكن أن يستطيعوا تجديد قوة عملهم المنهكة، والمسبب لها قلة الحيلة بين أيديهم حتى لو عملوا عملاً آخر إن تمكنوا من ذلك.

منذ فترة يجري التداول في وسائل الإعلام المختلفة عن السبل التي تؤدي إلى زيادة الأجور باعتبار ما تم تحقيقه من زيادة للأجور غير كاف وذهبت تلك الزيادة إلى بطون الناهبين لها قبل أن يستلمها العمال، والحكومة تعد العمال بزيادة أخرى ولكن كيف؟ تفتق ذهنها عن طريقة للزيادة تتفق مع المثل الشعبي الذي يقول« من دهنه سقّيله» فلجأت إلى رفع الدعم وسعرت المواد بسعر التكلفة حسب قولها أي حرّرت الأسعار من الدعم الذي تتغنى به على مدار السنوات السابقة واللاحقة ومن هذه الوفورات كما تقول الحكومة ستزيد الأجور أي ستزيد أجورنا من جيوبنا الخاوية والخالية وهي بهذا الأمر تكون قد ضربت عصفورين بحجر واحد، أولاً أعادت توزيع الدخل الوطني المتمثل بالنسبة بين الأجور والأرباح لصالح الأرباح أي لصالح قوى النهب والعصفور الآخر الذي أصابته بحجرها هو إسكات النقابات ومنعهم من النقّ عن الأجور وهم بدورهم سيعملون ما بوسعهم لأقناع العمال أنه ليس بالإمكان أفضل مما هو كائن.
النقابات لم يصدر عنها الموقف المطلوب عمالياً، والذي يعبّر عن الكارثة التي وصل إليها العمال بمستوى معيشتهم وخاصة في المؤتمرات النقابية الأخيرة، بل انجرّت في طرحها إلى تلك المواقع التي تسير بها الحكومة في قضية الأجور، وبدأت تقول: الزيادة على الأجور مرتبطة بالموارد، ولكنها لم تحدد أية موارد ستتم من خلالها زيادة الأجور تركت الأمور مفتوحة لأن تحديد مصدر الموارد التي ستتم من خلالها زيادة الأجور من مصادر قوى النهب والفساد الكبيرين، يعني موقفاً لا يتوافق وشراكتها مع الحكومة في مواقفها واستعاضت عن المواجهة دفاعاً عن حقوق العمال بموقف هي تعلم عدم دقته وعدم فائدته في تحسين مستوى معيشة العمال، حيث تبنّت تحسين متممات الأجور وأشادت به كإجراءٍ يُستعاض به عن الزيادة المطلوبة والعادلة، لأن تحسين متممات الأجور غير ممكن في ظل شبه توقف للعملية الإنتاجية، والصناعة في أسوأ حالاتها بسبب تعقيدات السياسات الحكومية تجاه الإقلاع بالصناعة، وعن الدعم الضروري لتلك العملية، بما فيها الصناعات التي يقوم بها القطاع الخاص.
إنّ قضية الأجور قضية سياسية بالدرجة الأولى قبل أن تكون قضية موارد، حيث تعني: الموقف من الناهبين، فبقاء الأجور على ما هي دون زيادة حقيقية من جيوب الناهبين، حيث الموارد التي تُمكّن من زيادة حقيقية، يعني انحيازاً واضحاً للناهبين على حساب المنهوبين، وهذا الواقع يدركه العمال تماماً بحسهم الطبقي، وبعملهم الفعلي خلف الآلات، ويعرفون أن طريق حصولهم على حقوقهم ليس بالتصريحات والخطب، ولكن له مسار آخر سيذهبون إليه في اللحظة التي تكون مواتية لذهابهم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1059
آخر تعديل على الأحد, 27 شباط/فبراير 2022 21:39