قيمة قوة العمل

قيمة قوة العمل

تعتبر قوة العمل شأنها كشأن أية بضاعة أخرى بشكل عام، لكن قيمة قوة العمل تختلف عن أية بضاعة أخرى عند عرضها في سوق العمل، فيجب بل لا يجوز أن تنخفض عن حد معدل متوسط المعيشة وهذا الحد عادة متغير حسب الظروف المعيشية في كل بلد، وقيمة قوة العمل جذورها موجودة في علاقات الإنتاج، غير إنها لا تكون واضحة دائماً، حيث لا يزال الحد الفاصل بين العمل بمقابل تعويض ما والعمل دون هذا التعويض مغموراَ أو ضائعاَ، بصيغة العقد المبرم بين العامل ورب العمل ويحدد بشكل أجر محدد مقابل ساعات عمل محددة وتظهر كأنها مدفوعة الأجر كاملاً. وبهذا يقوم رأس المال بتحويل قيمة العمل إلى شكل وهمي كأجر ويتم دفع الأجر بعد إنجاز العمل كما يعمل على أن تتباين الأجور حسب المردود الفردي، ونلاحظ هذا واضحاً في نظام الأجر بالقطعة، وبهذه الصيغة الملتوية يستطيع رب العمل أن يكثف العمل ويراكم رأس المال.

العمال دائماً يرغبون في الحصول على أكبر أجر لقاء قوة عملهم يمكن تحصيله من أرباب العمل في قطاع الدولة وفي القطاع الخاص، أما أرباب العمل وخاصة قطاع الدولة لا يرغبون إلا بدفع أقل ما يمكن من الأجور للعمال، وهي اليوم بعيدة كل البعد حتى عن الحد الأدنى لمتطلبات المعيشية، هذا وتعاني الطبقة العاملة السورية منذ أن تبنّت الحكومة السياسات الاقتصادية الليبرالية، من الهجوم على مكتسباتها وحقوقها الاجتماعية وتستمر بقضم ما تبقى من هذه الحقوق تنفيذاً لتعليمات ومصالح قوى النهب والفساد، والذي يأتي في مقدمته الهجوم المستمر على الأجور من خلال زيادة الأسعار على السلع الضرورية في حياة العباد، حيث ارتفعت تكاليف معيشة أسرة من خمسة أشخاص في دمشق في منتصف عام 2021 لتصل إلى أكثر من مليون ليرة سورية، وذلك وفقاً لمؤشر قاسيون المبني على 8 حاجات أساسية وهي الغذاء، السكن، النقل، الصحة، اللباس، التعليم، الأثاث، الاتصالات، مضافاً إليها نسبة 8% لحاجات الطوارئ الأخرى. بينما متوسط الأجور لدى قطاع الدولة يقدر بحوالي 78 ألف ليرة وفي القطاع الخاص ليست أحسن حال منها، ومن المعروف أن أصحاب العمل هؤلاء متفقون ومتوحدون في كل زمان ومكان برابطة ضمنية منسقة وثابتة من أجل عدم زيادة الأجور للعمال ولو لمعدّل الحد الأدنى الذي يضمن للعامل قوت يومه له ولأسرته.

العرض والطلب في سوق العمل

إن المحدد الأساسي لقيمة قوة العمل هو مستوى متطلبات الحياة المعيشية الناتجة عن الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي يعيش العمال في ظلها. بينما العامل يجد نفسه مجبوراً على قبول أجرٍ متدنٍ، بغض النظر عن العلاقة العامة بين العرض والطلب في سوق العمل، وهذا الصراع مرتبط بقدرة التنظيم النقابي على معرفة هذه العلاقة بين الأجر وقيمة قوة العمل إضافة إلى قدرتها على توحيد صفوف العمال واستخدامها لأدواتها النضالية الفعالة لتكون قوة حقيقة قادرة على أن تفرض شروطها في تحسين شروط العمل من أجر معادل لمستوى متطلبات الحياة المعيشية، إضافة إلى تحصيل وتحقيق غيرها من الحقوق المسلوبة التشريعية منها، والضمان الاجتماعي، والأمن الصناعي والسلامة والصحة المهنية، لذلك تتحمل النقابات مسؤولية كبيرة تجاه الطبقة العاملة التي تمثلها في هذا الصراع، المحرومة من حقوقها ورفع أجورها بشكل مجزٍ ومتناسب مع ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، وإن التأخر في اتخاذ تلك المواقف الجريئة لتحسين هذا الواقع يعني مزيداً من الإفقار ومزيداً من تسلّط وتحكم قوى النهب والفساد بمصير الملايين من العمال، الطبقة العاملة هي وحدها المنتجة للخيرات في المجتمع حصراً، وهذه الأجور الهزيلة هي تبديد لوقتها وجهدها وطاقتها وللثروة الوطنية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1040
آخر تعديل على الثلاثاء, 19 تشرين1/أكتوير 2021 23:18