بناء الكوادر النقابية
هل تدرك الحركة العمالية والنقابية في البلاد أهمية إيجاد ذلك الكادر الطليعي المناضل الذي يتمتع بالوعي الطبقي الحقيقي؟ الكادر الواعي والمدرك لما يجري من حوله من صراعات على الساحة الاقتصادية والمعيشية، خصوصاً تلك السياسات الاقتصادية التي تمضي فيها الحكومات التي تعاقبت منذ سبعينات القرن الماضي، المعادية والموجهة ضد حقوق الطبقة العاملة، وكافة الجماهير الشعبية الكادحة، لذلك وجب على الحركة العمالية وفي المقدمة منها الحركة النقابية أن تعدّ الكوادر الكفاحية التي يعتمد عليها لتكون متمكنة من أدواتها وأسلحتها النضالية، وذات صلة ومعرفة بما يجري من تطورات على الساحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأثرها على الحركة العمالية والنقابية وسائر الحركة الشعبية.
لقد أثبت الصراع الطبقي المستمر بين الطبقة العاملة خلال العقود الماضية- ومعها سائر الشغيلة والشعوب المضطهدة ضد سياسات النظام الرأسمالي العالمي- أهمية ظهور الكادر الطليعي المناضل، الذي يعمل على خلق وإبداع أساليب النضال المتجددة في كل الظروف والمستجدات، لحشد جماهير العمال من أجل استمرارية هذا النضال بأشكاله المختلفة، اكتسبت الحركة العمالية قي ظل صراعها الطبقي الكثير من الخبرة والمعرفة في اكتشاف أساليب وألاعيب رأس المال العالمي، والقوى المرتبطة بها في دول الأطراف، وطرق الظلم والاستغلال الذي تديره بالأساس الإمبريالية العالمية عن طريق الاحتكارات المتعددة في كافة البلدان التي تطالها يدها. وهنا يأتي دور الكوادر الطليعية في معرفة محاولة احتواء الأنظمة للأنشطة العمالية والمنظمة النقابية، ومحاولات العمل على طمس دور النضال العمالي والنقابي، ومحاولات العمل بأساليب مختلفة على سلب القرار النقابي العمالي المستقل، ومن ثم جعل النقابات العمالية والنقابات المهنية المختلفة ذات اللون الأصفر هي السائدة.
وهذا ما نشاهده في البلاد بكل وضوح في سياسة هذه الحكومات التي تعاقبت منذ الثلث الأخير من القرن الماضي، وعملت دائماً على أن تهمش الحركة النقابية والهيمنة عليها بالترهيب تارة أو الترغيب أو البطش الناعم تارة أخرى، لكي تجعلها ضعيفة ولا حول لها ولا قوة، وذلك من خلال الفرض على الحركة النقابية قياداتها، ومن ثم تحجيم دور هذه القيادات، وإجبارها على أن تخضع لتوجهات وتعليمات السلطة التنفيذية المحتكرة للسلطة، وذلك في ظل القوانين والتشريعات التي أصدرتها، ومن بينها: تشريعات تكبل وتحجم دور الحركة النقابية العمالية من أجل الانقضاض على المكتسبات المختلفة التي حصلت عليها الطبقة العاملة خلال نضالها في أواسط القرن الماضي، أضف إلى ذلك خصخصة المنشآت الاقتصادية التي بنيت في فترة النهضة الوطنية قبل وبعد الاستقلال. إن قيام الحركة النقابية العمالية بخلق الكوادر والقيادات المناضلة الطليعية لا يأتي من فراغ، فلا تستطيع أية حركة نقابية غارقة في وحل السلطة التنفيذية من رأسها حتى أخمص قدميها، بأن تصنع أو حتى تسمح بظهور مثل هذه الكوادر القادرة على استيعاب ومعرفة ما يجري من حولها من أحداث وتطورات وتغييرات، إن مثل هذه المهمة مناطة بالطبقة العاملة، والحركة العمالية بقواها وأحزابها المختلفة التي تتبنى مصالح وحقوق الطبقة العاملة، وتقدر مدى أهمية دور الطبقة العاملة في نهوض البلاد، وإعادة إعمارها على كافة مساحة الوطن، وتعمل على تقوية النضال اليومي ضد كافة صنوف الإفقار والتجويع والبطالة التي يعاني منها أكثر من 80% من الشعب السوري، وقد حققت الطبقة العاملة وقواها المحركة الكثير من المكاسب في تاريخها، ووضعت الأسس والمفاهيم النضالية الكثيرة من أجل النهوض بالحركة النقابية، والتي من خلالها عملت على زيادة الوعي الطبقي، ولم يكن ذلك ممكناً لولا النجاح في خلق الكادر الطليعي. وهنا لا بد من التذكير بأهمية الصراع الطبقي بين طبقة متحكمة بوسائل الإنتاج، وطبقة عاملة منتجة بأدمغتها وسواعدها، وهذا الصراع يعبر عن طبيعة المجتمع الطبقي، الذي تتحكم به حفنة من الفاسدين والناهبين لخيرات الوطن، مقابل إفقار وتهميش وإقصاء عموم الجماهير الكادحة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1018