العمال عن حقوقهم سيدافعون..
عادل ياسين عادل ياسين

العمال عن حقوقهم سيدافعون..

تعاني الطبقة العاملة السورية تاريخياً- وحيث تفاقمت المعاناة بشدتها الواضحة منذ أن تبنت الحكومات المتعاقبة السياسات الاقتصادية الليبرالية- التي تعني الهجوم على مكتسباتها وحقوقها الاجتماعية والاقتصادية والديمقراطية، وتستمر بقضم ما تبقى من هذه الحقوق، تماشياً مع  مصالح الناهبين الكبار والمراكز المالية الرأسمالية الدولية، والتي يأتي في مقدمتها: الهجوم المستمر على الأجور من خلال زيادة الأسعار على السلع الضرورية في حياة العباد، واضعين العمال في ظروف وحالة من عدم القدرة في الدفاع عن حقوقهم ومكاسبهم، نتيجة الظروف التي تحيط بالطبقة العاملة السورية الاقتصادية والسياسية، وفقدانها الحق بالحريات الديمقراطية، ومنها: الإضراب كأحد أهم أدواتها.

عمال القطاع الخاص، هذه الشريحة المهمشة من الطبقة العاملة، والمنسية حقوقها، عندما تلتقي مع أي عامل منها، تعصف المطالب بالجملة، فمن ضعف الرواتب والأجور الهزيلة، إلى هضم الحقوق والمكتسبات، ويُزاد عليها الافتقار إلى عقود عمل واضحة وموثقة لدى وزارة العمل، إضافة إلى حرمانهم من مظلة التأمينات الاجتماعية، وغياب التنظيم النقابي، وكل هذه المطالب تبقى صعبة المنال في ظل غياب موقف حقيقي للنقابات تجاه تلك المطالب العمالية، وتعسّف بعض أرباب العمل، ولجوء بعضهم إلى وضع سيف التسريح على رقاب عمالهم ساعة يرغبون بذلك، ويزداد الوضع سوءاً مع التدهور الحاصل في العملية الإنتاجية برمتها، وهذا انعكاسه السلبي ليس على العمال فقط، بل أن أصحاب المعامل يعانون كثيراً جرّاء عدم قدرتهم على تشغيل المعامل وتطوير إنتاجهم، وهذا يعني: خسارات كبيرة للعمال وأصحاب المعامل وللاقتصاد الوطني، الذي يقف الأن على رجل واحدة بشقيه الصناعي والزراعي .

إنّ هذا النهج الاقتصادي بمقدماته ونتائجه، أدى إلى تفاقم الأزمات الكبرى، ومنها: الفقر وانخفاض مستوى المعيشة، وتوقف العملية الإنتاجية شبه الكامل، حيث انعكست هذه الأزمات بشكل واضح على مستوى معيشة الطبقة العاملة السورية بشكل عام، وجعلت العمال يئنون تحت وطأة الفقر والحاجة، إن هذا الوضع العام الكارثي الذي تعيشه الطبقة العاملة السورية، والذي أوصلت إليه السياسات الحكومية، يصب ضمن هدف معين واتجاه واحد، وهو إضعاف الاقتصاد الوطني، ووضعه تحت رحمة وقيادة قوى السوق، وإلّا ماذا تعني إعاقة شركات قطاع الدولة ومعامل القطاع الخاص عن الإنتاج؟ وماذا تعني مشاركتها؟ وماذا يعني طرح جزء من الشركات أمام القطاع الخاص المحلي والأجنبي للاستثمار أو التشارك؟ إن زيادة الأجور وفق سلم متحرك مع الأسعار أصبح الآن ضرورة ملحة، ومطلباً وطنياً عاجلاً، وزيادة الأجور زيادة مجزية متناسبة مع ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، وإن التأخر في هذه الزيادة يعني مزيداً من الإفقار، ومزيداً من تسلط وتحكم أرباب العمل بمصير الملايين من العمال، ومزيداً من التدهور في الاقتصاد الوطني الحقيقي الزراعي الصناعي.

الطبقة العاملة بوضعها الراهن الذي تعيش فيه هي بأسوأ حالاتها من حيث حقوقها ومطالبها، وهي المنتجة للخيرات الرئيسة في المجتمع، وهذه الأجور الهزيلة التي لا تسد الرمق كما يقال هي تبديد لإمكاناتها ولوقتها وجهدها وطاقتها وللثروة الوطنية، وستجعل العمال يبحثون عن حلول لوضعهم المزري الذي يعيشونه، ولكن بطريقتهم الخاصة، التي لا تروق للكثيرين ممن يتحكمون بلقمة العمال وكلمتهم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
994