الوزراء يصرحون
في الاجتماع الأخير لمجلس نقابات العمال، كانت درجة الشفافية عالية إلى حدّ الاستغراب والانبهار، وهذا الاستغراب ويتبعه الانبهار مصدره أننا نحن العمال لم نكن معتادين على هذه الدرجة من المصارحة، وكشف الضروري لنا من قبل أصحاب العقد والربط، ومباشرة وجهاً لوجه، فهذه الميزة لم نكن نلمسها من قبل.
أعضاء المجلس قدموا ما بجعبتهم من قضايا، وكانوا حريصين جداً على تقديم تلك المطالب بما يتوافق مع إمكانات الحكومة وقدراتها دون شططٍ أو تجريح، حرصاً من الأعضاء على مشاعر الحكومة من النرفزة والضوجان ووجع الرأس، التي ستصاب بها الحكومة لو لم يلتزم النقابيون بما قيل لهم أن يلتزموا به فالتزم الحاضرون وسمعوا الكلمة، ولكن؟
هل السادة الوزراء حذوا حذو أعضاء المجلس في معرض ردهم على المداخلات التي قدمت؟
لقد «أبدع» الوزراء في ردودهم، وهذه العادة مكتسبة ويجري العمل على أساسها في كل الحكومات التي تحضر اجتماعات مجلس النقابات، حيث تجري استفاضة في الشرح، والعمود الفقري في هذه العملية هو تسويف المطالب، ووضع كل المبررات التي تجعل أمر تنفيذها صعباً، وتكون الحكومة في معرض ردها على حق في كل ما تقوله، وهذا يتكرر مع كل اجتماع تحضره، ليطرحه النقابيون مرة ثانية وثالثة وإلى ما شاء الله.
إن ما جرى في اجتماع المجلس تعبير صارخ عن مواقف الحكومات المتعاقبة، ومنها هذه الحكومة تجاه المصالح الأساسية للطبقة العاملة، سواء في مستوى معيشتها أم في مكان عملها، حيث تم ربط زيادة الأجور التي كانت واحدة من مطالب النقابين الأساسية من أجل ردم الهوة الآخذة في الاتساع أكثر فأكثر بين الأجور والأسعار، وكان الجواب على هذا المطلب المجمع عليه من قبل الحاضرين: أن الإمكانات لا تسمح بالزيادة، ولكن سنسعى من أجل تحسين متممات الأجر. والمقصود بها الحوافز الإنتاجية، وطبيعة العمل والتعويض العائلي وغيرها من القضايا التي جميعها مرتبطة بأن تكون المعامل تنتج، والإنتاج يكون في طاقته القصوى، أي: فوق الخطة الإنتاجية التي تضعها الإدارات، مع العلم أن معظم التقارير النقابية تؤكد أن المعامل التي تنتج إنتاجيتها هي بحدود الـ 10%- 25% من طاقتها لأسباب عدة، أهمها: مدى توفر المواد الأولية وتوفر الطاقة الكهربائية والمشتقات النفطية، وهذا الوضع لا يسمح بتطوير نظام الحوافز بما يحسن متممات الأجر.
القضية الأخرى التي طرحت وقدمت الحكومة الإجابة عنها وهي نقص الكوادر الفنية وعمال الإنتاج مما أدخل العديد من المعامل القادرة على الإنتاج ولو بالحدود والإمكانات المتاحة بحرج فني وإنتاجي ولم يجر دعمها بالفنيين وعمال الإنتاج بسبب الموّال الذي تغنيه الحكومات دائماً أن هناك فائضاً بالعمالة للهروب من تعيين جديد للعمال الضروريين للإنتاج.
الجواب على ما تقدم به النقابيون هو «يجري العمل على إعادة النظر بالهيكل التنظيمي، والملاك العددي، والوصف الوظيفي، ضمن المشروع الوطني للإصلاح الإداري» ماذا يعني هذا الرد؟ أليس الشيطان يختفي في تفاصيل المشروع المزمع إصداره!؟
النقابيون طرحوا أيضاً: أن يكون الخبز خطاً أحمر وكرروها مرات عدة، ولكن مطلبهم هذا لم يجفّ حبره بعد، حتى فاجأتهم الحكومة بكسرها لكل الخطوط بألوانها المتعددة، ورفعت سعر الخبز، الخبز الذي قال عنه الوزير: المهم توفره وبجوده ممتازة، ولا ندري إن كان هذا يتطابق مع الكلام الآخر بأن كميات القمح تكفي لشهر ونصف.
المهم في اجتماع النقابات والحكومة، أنهم متوافقون على ربط زيادة الأجور بتوفر مواردها، حسب جهد الحكومة في توفيرها من مصادرها هي، وليس من مصادر النهب والفساد الكبيرين، وتختلف النقابات والحكومة بالقضايا الأخرى، ولكن ليس كثيراً.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 990