اليوم العالمي للعمل اللائق
نبيل عكام نبيل عكام

اليوم العالمي للعمل اللائق

شهد العمل المأجور تطورات وتحولات عبر مختلف الأزمنة المتعاقبة، باعتباره شرطاً أساساً من شروط العيش من أجل البقاء على قيد الحياة، وشرطاً لتطور المجتمع، حيث كان العمل في بداياته يعبر عن النشاط الفردي لتحقيق الحاجات الشخصية للإنسان، والتي كانت تتضمن الحاجات اللازمة والضرورية التي تسمح له بالعيش، وكانت مقتصرة على الحياة اليومية فقط، ثم تطور حتى أصبح نشاطاً يعبر عن حاجات المجتمع، أي: أصبح بإمكان كل فرد تلبية جزء من حاجاته وحاجات غيره، مقابل أجر.

تحتفي النقابات العمالية ومنظمة العمل الدولية في معظم البلدان الدولية والعربية باليوم العالمي للعمل «اللائق» والذي يحتفل به في السابع من تشرين أول من كل عام، منذ اعتماده يوماً عالمياً للعمل اللائق، لتعزيز فكرة العمل اللائق من أجل الحصول على الحقوق الأساسية للعاملين بأجر، وخاصة حقهم في العمل، حيث يشير مفهوم العمل اللائق إلى تأمين فرص العمل لجميع طالبي العمل، للحصول على فرص عمل منتجة في ظروف من الحرية والمساواة والأمن والكرامة.


احترام الحقوق الأساسية للعاملين

انضمت سورية إلى منظمة العمل الدولية منذ عام 1947 وصادقت على ما يربو عن 50 اتفاقية من اتفاقياتها، والتي من ضمنها الاتفاقيات الأساسية التي تتعلق بشروط العمل اللائق للعمال والعاملات، وكذلك عمل الأطفال والأحداث. إن مفهوم العمل اللائق كما عرفته منظمة العمل الدولية واعتمد مـن قبـل المجتمع الدولي «هو: العمل المنتج للنساء والرجال، الذي يحترم الحقوق الأساسية للعاملين، مـن الحريـة والعدالـة والأمن والكرامة الإنسانية، ويتضمن فرص العمل المنتجة التي تـوفر أجوراً مُجزية تتناسب مع معدل مستوى الوضع المعيشي، ويوفر الأمن في موقع العمل والحماية للعاملين، من خلال تأمين شروط وقواعد الصحة والسلامة المهنية والحماية الجسدية والعقلية للعامل خلال تأديته لعمله، وتوفير الحماية الاجتماعية للعمال وأسرهم، وفـرصاً أفضـل لتحقيـق الـذات وتطويرها، وأن تتاح للعاملين حرية التعبير والمشاركة فـي القرارات التي تؤثر على حياتهم، ويؤمن الفـرص المتسـاوية والمعاملـة المتسـاوية».

يعتبر محدد الأجور من أهم محددات العمل اللائق، وهو يعتمد على معايير ومؤشرات، تتعلق بعدد ساعات العمل التي يقضيها العامل خارج منزله للعمل، ويجب ألّا تتجاوز 48 ساعة أسبوعياً. - استطاعت العديد من النقابات في بعض الدول بتخفيضها على ألّا تتجاوز 40 ساعة عمل أسبوعياً. - المعدل الوسطي لمتطلبات المعيشة الذي يجب ألّا يقل عن الحد الأدنى لهذه المتطلبات المعيشية، والتي تتلخص بالغذاء والدواء، والسكن، والملبس، والتعليم للعامل وأفراد أسرته التي يعيلها، وقد قدرت بعض الإحصائيات معدل الإعالة في سورية بأربعة إفراد.

فقدان عقود العمل الجماعية بالنسبة للعمال السوريين المترافقة مع بؤس عقود العمل الفردية التي هي أشبه بعقود الإذعان، لا تتطابق مع عناصر العمل اللائق، وأيضاً لا توفر الحماية الاجتماعية والصحية، بحيث لا يشعر العامل بالاستقرار والأمان، ويبدو أن أكثر من 60% من العاملين بأجر، وخاصة في القطاع الخاص غير مشتركين في التأمينات الاجتماعية، وترتفع النسبة بين الإناث مقابل الذكور. إن فقدان العمل اللائق في البلاد، ليس وليد انفجار الأزمة، بل هو ظاهرة سابقة لها، حيث إنّ انفجار الأزمة لم يساهم سوى بتسريع انهيار آثار العمل اللائق الهشة، وزيادة تراجع مقوماته.


تقاعس الحكومات المتعاقبة

إن توفير العمل اللائق للعمال يرتبط بحقوق أساسية مشروعة أتى على بعضها الدستور وكرستها معايير العمل والتشريعات الدولية، ومن أهم عوامل فقدان العمل اللائق: تقاعس الحكومات المتعاقبة، والنقابات للنهوض بالعمل اللائق للعاملين، وما نشهده اليوم من غلاء وانهيار للقوة الشرائية للأجر، وعدم استخدام النقابات لحقها الدستوري في الدفاع عن أجر جميع العاملين، ويتبين أن قوانين العمل أفرزت مجموعة من الاختلالات أثرت بشكل سلبي للحصول على العمل اللائق، بدءاً من العقد شريعة المتعاقدين إلى الفصل من العمل والتسريح التعسفي للعمال، وليس انتهاءً بالتهرب من تسجيل العمال لدى مؤسسة التأمينات الاجتماعية، وهذا أفسح المجال لتوسع قطاع العمل غير المنظم وزيادة العاملين فيه.

معلومات إضافية

العدد رقم:
987