عمال المطار ومكافحة الفساد
أصدر مدير مطار دمشق الدولي أ.نضال محمد قراراً بفصل ثلاثين عاملاً ومتعاقداً وخمسة وأربعين عاملَ تنظيف بسبب قيامهم بأعمال ثانية غير المكلفين فيها، كجر العربات أو المناداة على المسافرين حسب زعمه أإضافة إلى عقوبة منع التعاقد معهم مرة أخرى.
قرارات الفصل هذه أتت بسبب تقاضي هؤلاء الموظفين عمولات أو إكراميات من المسافرين على بعض الخدمات التي يقومون بها كجر العربات أو مساعدة المسافرين في نقل أمتعتهم، وهي لا تعتبر حالات فساد بالمعنى القانوني لها، ولا حالات اختلاس أو سرقة أو رشوة، مدير المطار تحدث بنفسه: أن سبب هذه المشكلة هي الرواتب الهزيلة التي يتقاضونها، وغالبيتهم من المناطق المدمرة، أي: نازحون وبالتالي ضغوط الحياة عليهم أكثر من غيرهم، ولكن مدير المطار اعتبر أن هؤلاء يعلنون على أنفسهم أنهم نازحون ليتقاضوا إكراميات أعلى، وفي هذه إهانة للوطن وللمواطن!!.
أيهما الإهانة؟
المسؤولون في المطار وجدوا أن تقاضي الموظف فقير ونازح إكرامية إهانة للمواطن والوطن، ولكنهم لم يجدوا في الرواتب الهزيلة التي يتقاضونها إهانة للعامل ولأسرته، وإذا كانت إدارة المطار تريد مكافحة الفساد والرشاوى في المطار، فلديها العديد من ملفات الفساد الكبرى التي تستطيع مكافحتها بدلاً من أن تستقوي على هؤلاء العمال، ففساد هؤلاء العمال إذا اعتبرناه فساداً أساساً فهو لا يدمر الأوطان، ولا يحرم ميزانية الدولة من مليارات تهربها قوى الفساد إلى البنوك في الخارج ولا يشوه صورة الدولة ولا يسيء إلى الخدمات التي تقدمها الدولة إلى المواطن بل يصرفه هؤلاء لتأمين حياة تكون أشبه بالحياة.
المشكلة بالفساد الكبير
مكافحة الفساد الصغير ضرورية، ولكنها لا تأتي إلّا بعد تحسين الوضع المعيشي للعامل وتأمين رواتب وأجور تتناسب ومستوى الأسعار (حسب نصوص الدستور) وهذا يتطلب مكافحة الفساد الكبير وحيتان المال، فهم الخطر على الوطن والمواطن، وهم من يسيئون إلى الوطن ويشوهون صورته ويهددون أمنه، لا هؤلاء العمال المساكين الذين وجدوا أنفسهم مضطرين لإذلال أنفسهم وتقاضي إكراميات من المسافرين لعلهم يسترون بها أنفسهم، وأن إدارة المطار عليها أن تشعر بالخجل للحال التي وصلت إليها أوضاع هؤلاء العمال، والاستغلال الذي يتعرضون له من قبل المتعهدين، وكان من الأجدر بها أن تعمل على مساعدتهم، فهل سأل مثلاً مدير المطار هؤلاء العمال كم يتقاضون، وهل ينالون حقوقهم كعمال، وهل هم مسجلون بالتأمينات؟؟ لا أن تظلمهم لأنك فقط تريد أن تعطي انطباعاً بأنك تكافح الفساد أمام الرأي العام.