بصراحة سين التسويف الحكومية
اجتماعات المجلس العام التي تعقد كل ستة أشهر، تُطرح فيها المداخلات من قبل أعضاء المجلس، ليصار الرد عليها من قبل الحكومة، والردود دائماً تكون مرفقة ب «سوف نعمل، وسنقوم بالدراسة، والمواضيع محط اهتمامنا» وهذه الكلمات التي باتت جزءاً أساسياً من قاموس الردود الحكومية كلما حضرت اجتماعاً للعمال، أو مؤتمراً، وهي تعني بمجملها: أن لا حلول تقدمها الحكومة للعمال، للقضايا التي يطرحها المداخلون من أعضاء المجلس، ويكون التسويف والمماطلة سيد الموقف على الرغم من الإشادة المستمرة ببطولات العمال، وتضحياتهم في كل مرحلة من مراحل الأزمة، وأن العمال يعملون بوطنيتهم وليس بأجرهم.
جاء في أحد الردود الوزارية كمثال لما قلناه: إن «الواقع المعيشي للعمال هو جزء من همومنا، وكان التفكير والسعي دائماً لإعادة عملية الإنتاج».
أحد القياديين النقابيين من الصف الأول طرح سؤالاً مهمّاً في معرض حديثه عن الوضع المعيشي للعمال، والسؤال هو: «من هو المسؤول عن إفقار العمال» وقدم إجابته عن السؤال «المسؤول هم قطعان الإرهاب الأسود الذين سرقوا موارد الاقتصاد السوري النفط والحبوب» !!
لاشك إن هذا السبب لعب دوراً ما، ولكن السبب الاهم والاسبق هو، السياسات الاقتصادية التي لعبت الدور الأساسي في إفقار الطبقة العاملة، وعموم الشعب السوري، ليس الآن فقط بل هذا الواقع حدث قبل الأزمة، وأثناءها، وسيستمر طالما أن هذه السياسات تقوم بفعلها الإفقاري، عبر تعظيم حصة الأرباح والانتقاص من حصة الأجور في الدخل الوطني، الذي عبرت عنه الدراسات الاقتصادية، بأن حصة الأجور هي 11% وحصة الأرباح 89% وبأن الأسرة المكونة من خمسة أفراد تحتاج وسطياً ل300 ألف ليرة سورية، ووسطي الأجور يقارب ال37 ألف ليرة، وفي هذه الحالة من هو المسؤول المباشر عن إفقار العمال؟ الإجابة الصحيحة يعرفها العمال، ويعرفها الفقراء حتى لو لم يطلعوا على الدراسات الاقتصادية، وما تعلنه من أرقام مخيفة، عن الفرق بين مستوى معيشتهم من خلال أجورهم، وما يحققه الرأسمال وقوى النهب والفساد الكبرى، حيث توجد لديها الموارد الكبرى التي نهبتها من منتوج العمال والفلاحين وكل العاملين بأجر، بالإضافة إلى ما تنهبه من أموال الدولة عبر أشكال وأنواع مختلفة.
الطبقة العاملة السورية، وكل المتضررين من السياسات الاقتصادية الليبرالية، يعيشون في حالة عالية من السخط والتذمر، وهذا سيجعل المواجهة مع تلك السياسات قادمة، دفاعاً عن لقمتهم وكلمتهم، وكما يقولون: «إن غداً لناظره قريبٌ».