هل يكفي تصريح النقابات لزيادة الأجور؟
أزمة الأجور وارتباطها بالمستوى المعيشي المتدني للطبقة العاملة السورية، هي أزمة ضاغطة على الحركة النقابية والعمال، آثارها الاجتماعية والاقتصادية ملموسة للجميع، ولا تحتاج إلى الكثير من الجهد والتعب البحثي الذي تغرق به الحكومة وبعض الأوساط الأكاديمية العاملة في المجال الاقتصادي لكي تجد الحلول المطلوبة، وهنا لا نقلل من أهمية البحث العلمي فهو مطلوب في الأوقات كلها وفي المجالات كلها، ولكن هنا تستخدم الأبحاث من أجل تقديم ما يلزم من تبرير للحكومة لتأخير أو تأجيل عملية رفع الأجور بما يتناسب مع وسطي المعيشة للطبقة العاملة، التي تحتاج للوصول إليها إلى سبعة أو ثمانية أضعاف الأجور الحالية، فكيف السبيل إلى ذلك؟
ننطلق في توجهنا من معادلة الدخل الوطني التي تحدد حجم الأرباح إلى الأجور 13% أجور و87% أرباح وهذه المعادلة تعكس مقدار النهب الواقع على الطبقة العاملة، وبالتالي فإن هذا النهب مكرس ومدعوم بالقوانين والتشريعات التي تسمح بعملية الاستغلال وتمنع الطبقة العاملة من رد العدوان على حقوقها بالطرق السلمية، التي تؤمن تلك الحقوق، وفي مقدمتها: حق الإضراب الذي هو مشروع دستورياً ومشروع ضمن نصوص واتفاقيات العمل الدولية التي صادقت عليها حكومة الجمهورية العربية السورية في أوقات سابقة.
إذاً، قضية أجور العمال هي قضية مفصلية وأساسية في عمل النقابات، وقد تكون جزء مهماً من مبررات وجودها، وفي تمثيلها لمصالح الطبقة العاملة لمواجهة عملية النهب الواسعة التي يتعرض لها العمال في شتى المجالات، وواقع الحال النقابي يشير إلى عدم الذهاب نحو ضغوط مجدية على الحكومة من أجل زيادة أجور العمال، سوى عبر الأشكال المعتادة في المراسلات وتقديم المذكرات واللقاءات مع الحكومة على منابر النقابات، على الرغم من التجارب العديدة على هذا الصعيد خلال السنوات السابقة للأزمة وأثناء الأزمة، وقد تستمر لما بعد الأزمة، والمؤكد أنها لن تجدي نفعاً باعتبار الهوى الحكومي ليس باتجاه العدالة الاجتماعية التي تتضمن تأمين حقوق العمال كاملة، بل هواها في تأمين كل ما يلزم لقوى رأس المال، من أجل تعظيم ثرواتهم ومركزتها، المنهوبة من لقمة الفقراء ومنهم العمال.
الطبقة العاملة السورية لن يطول بها الوقت كيما تعلن عن موقفها الواضح تجاه الدفاع عن حقوقها ومصالحها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتاريخها المجيد سيعزز عندها هذا الفعل الوطني.
إذا لم تصدقوا سنعيش ونرى.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 829