الحل السياسي والطبقة العاملة
يعتبر الحل السياسي للأزمة السورية ليس فقط إنهاءً للحرب، بل يسمح للشعب السوري بقول الكلمة الفصل واختيار النظام الذي يريده، وهذه الفرصة لم تسنح للشعوب الأخرى في تونس ومصر وليبيا التي فرض عليها التغيير في الشكل دون أن يكون لها أي دور.
الحل السياسي
الحل السياسي سيوفر جواً من الحرية والديمقراطية، يسمح للعمال بالتعبير عن رأيهم، ويفتح الطريق أمام الطبقة العاملة لإعادة تنظيم صفوفها وخوض نضالاتها ضد قوى رأس المال، وفرض خياراتها ومطالبها بدءاً بالعدالة الاجتماعية والدفاع عن قطاع الدولة إلى إصدار قوانين عمل عصرية تقيم توازناً بين طرفي العلاقة الإنتاجية.
قوى المال تسابق الزمن قبل الحل السياسي
تدرك قوى رأسمال ما يعنيه الحل السياسي للطبقة العاملة، وتدرك أن سياستها أوصلت العمال إلى وضع حرج للغاية، لذلك تقوم اليوم بعملية استباقية لتثبيت مواقعها والحفاظ على ما نهبته من الطبقة العاملة خلال السنين الماضية، من خلال قوانين العمل المجحفة ومن خلال تمزيق وتشتيت الطبقة العاملة عبر تفريق العمال إلى عدة قطاعات بحجة خصوصية كل قطاع على حدة، وإصدار قانون التشاركية وقانون الاستثمار التي تسابق الحكومة الزمن اليوم لتفعيله قبل الحل السياسي، بالإضافة إلى تثبيت مستوى المعيشة المتدني للعمال والعمل على تخفيض قيمة العملة لتخفيض قيمة الأصول لدى قطاع الدولة وإيصاله إلى موقع العجز. فهذه السياسات كلها هي محاولة من قبل قوى المال لتكبيل العمال ومنعهم من المطالبة بحقوقهم في فترة ما بعد الحل السياسي، وتسعى هذه القوى لاستنساخ التجربة المصرية والتونسية في التغيير، حيث ستتحالف قوى الفساد في الطرفين ضد الطبقة العاملة دون المساس بالسياسات الاقتصادية والاجتماعية، ومحاولة الإبقاء على ميزان توزيع الثروة ( 87% أصحاب الربح و 13 % للأجور)، وإيهام الشعب بأنه حقق التغيير المطلوب ، فهذه القوى لا تريد من ميزان توزيع الثروة سوى حصتها 87 % التي تذهب للناهبين، فهي متفقة مع نظيراتها في الطرف المقابل على طريقة توزيع الثروة بين الأرباح والأجور.
لم يبقَ للعمال ما يخسرونه
نتائج السياسات الليبرالية التي تمارسها قوى المال منذ سنوات والتي أوصلت 90% من السوريين إلى حافة الهاوية، وساهمت في إنتاج الأزمة التي شردت الملايين وقتل مئات الآلاف، وحولت العامل إلى أقل من مرتبة العبد عند رب العمل، حيث أجره لا يكفيه لتأمين طعامه وشرابه، ولا يحصل إلا على النزر القليل، بالإضافة إلى ظروف العمل السيئة وشروطه المجحفة، هذه العوامل كلها بعد أن كانت تستخدمها الأنظمة لإلهاء المواطن عن المطالبة بحقوقه، تحولت إلى عامل ضغط على المواطن والطبقة العاملة، فلم يبقَ للعمال ما يخسرونهُ سوى القيود التي تقيدهم، والتي ستدفعهم لتوحيد صفوفهم والمطالبة بحقوقهم والوقوف في وجه قوى المال واستخدام الأساليب الديمقراطية جميعها لتحقيق نظام اقتصادي عادل.
ميزان القوى لمصلحة الطبقة العاملة
هناك العديد من المعارك التي تنتظر الطبقة العاملة، رغم أن قوى المال تمتلك القوة والنفوذ والمال السياسي والسيطرة على وسائل الإعلام، إلّا أن ميزان القوى يميل لمصلحة الطبقة العاملة، وخصوصاً أن هذه القوى خرجت مهزومة من الأزمة السورية، والدول التي تدعمها تتراجع يوماً بعد يوم، ويخف وزن تأثيرها على المستوى الدولي، نتيجة لتغير ميزان القوى الدولي لمصلحة دول صاعدة كروسيا والصين، مما سينعكس سلباً على دور هذه القوى في الداخل، وبما أن الطبقة العاملة ستخوض نضالاً ضد وكلاء الدول الغربية في الداخل، فإنها ستعتمد في نضالها على وقوف القوى الوطنية إلى جانبها، تلك التي تؤمن بمشروع التغيير الجذري والديمقراطي باعتباره مشروعاً وطنياً، يؤمّن وحدة سورية أرضاً وشعباً، ويدفع باتجاه تطورها الحقيقي في المجالات شتى.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 829