العدل والعدالة الاجتماعية في قانون العمل
إن التنظيم الاجتماعي يهدف أول ما يهدف إلى خير أفراده وتأمين حمايتهم، ولهذه الحماية مظاهر مختلفة وأنماط متنوعة، وإذا كانت حماية حياة الإنسان وسلامته وضمان حقوقه كافة هي في طليعة القيم التي ينبغي على المجتمع صيانتها،من خلال الدستور والقوانين النافذة، فإن للأفراد طائفة من الحقوق الملتصقة به، والتي يعبر عنها من خلال تطبيق العدل والعدالة الاجتماعية.
إن هذين الاسمين لمفهومين مختلفين في اللغة والقانون، حيث يبدو أنهما متشابهان في الشكل. ولكن يختلفان بعض الشيء في التطبيق والمضمون.
أما العدل: فهو تطبيق القانون على الجميع أفراداً ومؤسسات بالتساوي دون أية استثناءات أو محسوبيات، سلطوية كانت أو غير ذلك. حيث أكد ذلك الدستور في المادة الخمسين منه (( سيادة القانون أساس الحكم في الدولة))
والعدالة الاجتماعية هي: أن يحقق تطبيق هذا القانون الإنصاف، وأن يأخذ كل صاحب حق حقه دون زيادة أو نقصان، وقد عبر الدستور عن هذا المبدأ، وأكد عليه في أكثر من مادة منه، ففي المادة السابعة منه كانت هي جزء من أجزاء القسم، وكذلك في الفقرة الثانية من المادة الثالث عشرة المتعلقة بأسس الاقتصاد الوطني، وأيضاً المادة الثامن عشرة التي اعتبرت أساس النظام الضريبي العدالة الاجتماعية، هذا إضافة إلى المادة التاسع عشرة التي أكدت على أن المجتمع في الجمهورية العربية السورية يقوم على أساس العدالة الاجتماعية.
لذلك لابد من أن تكون القوانين منسجمة انسجاماً تاماً مع الدستور ومحققة لمضمونه كي لا تفقد شريعتها الدستورية.
فهل يمكن ألّا يحقق تطبيق القانون بالتساوي على الجميع العدالة، وبالتالي تضيع حقوق أصحاب الحق.؟
يمكن أن يكون ذلك من خلال أن هذا القانون قد مضى على صدوره زمن طويل، بحيث لم يعد تطبيقه يحقق العدالة وهي الغاية الأساسية منه.
أو يكون قد فُصّل على مقاس شريحة معينة من المجتمع، أو طبقة محددة ليحقق مصالحها المختلفة، بغض النظر عن حقوق الفئات الأخرى في المجتمع مما يؤدي إلى ضياع حقوقها تحت ذريعة تطبيق العدل في القانون.
وهذه الحالة تنطبق على معظم القوانين الناظمة لعلاقات العمل بين العمال وأصحاب العمل، وخاصة قانون العمل رقم / 17 / لعام 2010 حيث أثبت من خلال مجريات تطبيقه أنه بحاجة إلى تعديل العديد من مواده لا بل للتغير الجذري لمعظم مواده حتى يوائم متطلبات الحياة العملية ويلبي طموحات العمال العادلة، هذه الفئة التي تعتبر الأساس المادي لهذا التشريع ويكون أكثر انسجاماً مع القانون الاجتماعي الذي يتطلب حماية العمال وحماية مصالحهم كافة، فالأهمية التي يكتسبها قانون العمل تعود إلى المكانة التي يحتلها بين الفروع القانونية الأخرى، فقانون العمل يشكل مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العلاقات الفردية والجماعية بين العمال وأصحاب العمل، من خلال عقد العمل، وكذلك بما ينسجم مع اتفاقيات العمل الدولية والعربية التي وقعت عليها سورية. فعلى سبيل المثال: كرس هذا القانون مبدأ حقوقي يعتمد على الإرادة الحرة والصريحة بين أطراف العقد حيث هنا في القانون تم استعماله كسلاح مسلط على العمال والقواعد الناظمة لعلاقات العمل، والتي يجب أن تحقق العدالة. فهل العامل صاحب إرادة حرة وكاملة غير منقوصة في ظل ارتفاع نسبة البطالة، وانخفاض مستوى الأجور، وارتفاع مستوى المعيشة والغلاء الفاحش، حيث أصبحت معظم مواد هذا القانون رقم / 17 / عبارة عن عقود إذعان تفرض على العامل بسبب هذا الغلاء والفقر، لذلك لا مناص من تجميد مفاعيل هذه القاعدة (قاعدة العقد شريعة المتعاقدين ) فيما يتعلق بالعلاقات العمالية ويجب أن يكون قانون العمل يتضمن قواعد وأسساً قانونية آمرة وملزمة على أصحاب العمل لضمان حقوق العمال كافة .
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 827