بصراحة سياسة الحكومة... أن تقول النقابات ما تريد والحكومة تفعل ما تريد!؟
من خلال الشعار المطروح دعة يخسر.. دعة يموت تسير الحكومة منذ زمن بخطواتها، وخطتها بهذا الاتجاه رغم المقاومة التي يبديها العديدون وعلى رأسهم النقابات العمالية لسلوك الحكومة تجاه معامل وشركات القطاع العام من شرق البلاد إلى غربها ومن جنوبها إلى شمالها، حيث يبدو الآن أن الحكومة تسرع من خطاها بهذا الاتجاه الذي أقل ما يقال فيه أنه اتجاه لا يخدم منطق المواجهة مع العدو الصهيوني والأمريكي،
ولا يخدم الاستعداد لتلك المواجهة، هذا جانب، والجانب الآخر فإن بقاء شركات القطاع العام تعاني ما تعانيه هي وعمالها لا يمكن أن يحقق النمو والنتيجة المرادة رغم الملاحظات الكثيرة عليها والتي تحدث عنها عبد الله الدردري في كثير من مقابلاته وتصريحاته، والذي يعدنا الآن في آخر تصريح له مع افتتاح معرض دمشق الدولي، أن النمو سيتضاعف في السنة المقبلة اعتماداً على الاستثمارات التي أتت، والتي يمكن أن نأتي في المستقبل، وعلى الدور الذي يمكن أن يقوم به القطاع الخاص في استثماراته وفي قيادته للاقتصاد الوطني كما يصرحون بذلك مراراً وتكراراً.
استخدمت الحكومة بسلوكها تجاه القطاع العام وكل قوى السوق الداعمة لهذا التوجه بالونات الاختبار التي يمكن أن تقدر من خلال إطلاقها ردات الفعل والمقاومة لمشروعها التنموي التدميري من مختلف القوى، ففي البداية طرحت الحكومة ثلاثيتها المعروفة حول الشركات الرابحة، والشركات الواقعة على الحد، والشركات الخاسرة ووافقت معها قيادة الاتحاد العام للنقابات من خلال ما طرحته القيادة آنذاك في تقاريرها والمؤتمرات التي عقدت، ولكن رغم ذلك ظهر العديد من الأصوات داخل الحركة النقابية الرافضة لهذا المبدأ من أساسه منطلقين من قاعدة ألا وهي أن الأسباب التي أوصلت هذه الشركات إلى أوضاعها هذه عديدة وأهمها النهب، والفساد المستشري، والإدارة التي تُعين ليس بحسب كفاءتها، وإمكانتها في قيادة هذه الشركات بل يجري التعيين لاعتبارات أخرى الجميع يعلمها، وغياب المحاسبة الحقيقية لهذه الإدارات، بل الأنكى من ذلك أن هؤلاء المدراء التي كانت شركاتهم تخسر عام بعد عام، يجري نقلهم من شركة إلى أخرى وتعاد كرة الخسارة والتخريب مرة أخرى، وتعاد دورة الفساد والنهب دون حسيب أو رقيب، والنتيجة النهائية لهذا السلوك أن الوطن يخسر منعته ومقومات صموده، وإمكانية المواجهة، والطبقة العاملة تخسر حقوقها، ومكتسباتها ليس هذا فقط، بل وصل الأمر إلى أن العمال لا تحصل على أجورها لعدة أشهر متوالية.
تابعت الحكومة السير في ذاك الاتجاه متسلحة بواقع الشركات وما آلت إليه لتطرح في البداية الشركات الخاسرة للاستثمار، ولكن هذا الطرح لم يستجب له أحد باعتبار من يريد أن يستثمر له شروطه لتحقق له الربح السريع بأقل التكاليف، وهذه الشركات لا تحقق تلك، حيث تغير الاتجاه لاحقاً إلى الشركات الاستراتيجية والرابحة بالنسبة للاقتصاد الوطني فبدأوا بطرح تلك الشركات مثل حديد حماة، وبعد ذلك شركات الإسمنت، ومرفأي طرطوس واللاذقية. ومن هنا بدأت المعركة تشتد والمقاومة تتصاعد داخل الحركة النقابية والعمالية، وأيضاً القوى الوطنية الحريصة على صمود الوطن وبقاء اقتصاده يؤدي دوره المطلوب تنموياً وفي المواجهة أيضاً، إلى أن صدر أخيراً قرار سياسي يمنع بموجبه عمليات الاستثمار تلك. وهنا واجه ذاك التوجه (الاستثماري) أول هزائمه، وما كان ليتحقق ذلك لولا تضافر مواقف القوى المختلفة في الدفاع عن القطاع العام باعتباره فعلاً العمود الفقري للصمود الوطني وهو عنوان للاستقلال الوطني والسيادة الوطنية.
ولكن السؤال الآن هل معركة الدفاع عن القطاع العام انتهت عند هذا الحد؟؟ أم مازال هناك المزيد والمزيد من المعارك بهذا الخصوص؟؟
إن كل القراءات للواقع وتطوراته السياسية والاقتصادية تقول إننا لازلنا كقوى وطنية وكحركة نقابية وعمالية في بداية المواجهة، وهذا ما استشرفه النقابيون في اجتماعات مجالسهم الأخيرة، حيث عبروا عن غضبهم من سلوك الحكومة وعدم استجابتها لمطالب النقابات العمالية فيما يطرحونه من حقوق ومكاسب مهدورة للعمال ومؤجله من مؤتمر إلى آخر، وما يطرحونه لواقع الشركات والمعامل، وإن ذاك الزواج الكاثوليكي مع الحكومة قد انفرط عقده، ولا بد من البحث عن قنوات أخرى نستطيع تأمين حقوق الطبقة العاملة من خلالها، والدفاع عن القطاع العام وشركاته ومعامله.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 281