عادل ياسين عادل ياسين

بصراحة حقوق العمال بين القول والممارسة

في اللقاء الذي عقده المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال مع القيادات النقابية في دمشق تردد كثيراً في مداخلات تلك القيادات عبارات مثل (العمال بعيدين عنا، العمال نظرتهم لنا أننا لانستطيع حمايتهم، ماذا نقول للعمال في نهاية الدورة الانتخابية، موقفنا محرج مع العمال، الحكومة لاتلبي مطالبنا العمالية. . . . .إلخ) من هذه العبارات التي تعكس واقعاً معاشاً . . . .

الطبقة العاملة السورية بمجملها وتنظيمها النقابي، بحيث بدأت تطفو على السطح مشكلة العلاقة المتبادلة بين الطرفين ليس الآن بل منذ فترة ليست بالقصيرة، ولكن ظهورها واختفاءها يرجع إلى تأزم الأوضاع المعاشية والأجرية والاقتصادية، بحيث تشكل تلك القضايا بمجموعها عنصراً ضاغطاً على الطرفين، فالطبقة العاملة تطالب بزيادة أجورها وتحسين أوضاعها المعاشية التي تتدهور يوماً بعد يوم بسبب تآكل تلك الأجور وعدم قدرتها ـ أي تلك الأجور ـ على تأمين الحدود الدنيا الضرورية لتجديد قوة العمل (كما يقول صديقنا ماركس) لأن وسطي الأجور الذي يتقاضاه العمال لايتناسب حتى مع وسطي  الأسعار اليومية التي تواجه العامل منذ اللحظة الأولى لخروجه من منزله لحين عودته.
والنقابات بمختلف مواقعها بالمقابل يمارس عليها ضغط من القواعد العمالية ومطالبتها بتحسين الأوضاع المعيشية وتحسين شروط العمل وبيئة العمل وتعاني من العلاقة مع الإدارات المختلفة دون أن تستجيب تلك الإدارات إلى حد بعيد للمطالب النقابية على الرغم  من رفع المذكرات وطرحها بالمؤتمرات المختلفة ووعود الحكومة الكثيرة بتحقيق المطالب ولكن على الوعد ياكمون.

فموقف النقابات بين الحكومة من جهة وبين الطبقة العاملة من جهة أخرى خلق إشكالية مع القواعد العمالية فلا النقابات بطريقتها المتبعة حتى الآن قادرة على تحصيل حقوق العمال والدفاع عن مطالبهم، لأن تلك الطريقة المتبعة كشكل وحيد لم تعد تجدي كثيراً وأقصى مايمكن أن تحصله أو تحققه هو الأخبار عن المطالب المطروحة وتكرارها وترديدها بكل مناسبة إلى درجة أن الكثير من النقابيين قد أصابهم الملل من الإعادة والتكرار لتلك المطالب ولا هي قادرة على إقناع العمال بجدوى هذه الطريقة ونجاعتها في تحصيل حقوقهم، والمطلوب تكييف برنامج وشعارات الحركة النقابية مع الواقع الجديد لمواجهة برنامج الحكومة الإصلاحي المعتمد على دور أكبر لقوى السوق الكبرى وللاستثمارات الأجنبية والعربية وتقليص دورها بالنسبة للقطاع العام وعدم تطويره وإصلاحه، مما يعني إزاء ذلك القيام بمراجعة شاملة لتجربة الحركة النقابية كما طرحها أحد أعضاء مجلس اتحاد عمال دمشق، لكي تستطيع الحركة النقابية أن تصيغ  برنامجها وفق الظروف الجديدة، خاصة ونحن على أبواب دورة انتخابية جديدة تتطلب تقديم كشف حساب للطبقة العاملة السورية بما نجحت الحركة النقابية في تحقيقه وأخفقت به، وهذه الخطوة تكون مقدمة لاستعادة العلاقة الصحيحة مع الطبقة العاملة السورية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
282