بصراحة القطاع العام الصناعي في ذمة «الإصلاح» الحكومي!!

يصدر بين الفينة والأخرى العديد من القرارات التي تفضح في بنودها كل السياسات التي قامت عليها الخطة الإنتاجية لهذه الوزارة أو تلك، لكن القرارات التي صدرت بخصوص إصلاح القطاع العام الصناعي تزيل الوشاح الأسود عن المآرب الحكومية بأكملها.

 فالخطة الخمسية العاشرة التي هُلل لها كثيراً كانت قد خصصت للقطاع العام الصناعي مبلغاً قدره /105/ مليار ليرة سورية من أجل إخراجه من الصعوبات التي يعانيها، إلا أن التقارير والمؤشرات الحكومية «الحقيقية» تؤكد أنه لم يُنفق من هذا المبالغ إلى الآن أكثر من /30/ مليار ليرة سورية، والكل يعلم أن الخطة تخطت سنتها الثالثة، فأين ذهبت الحكومة بالـ/75/ ملياراً المتبقية، والتي لو تمَّ استخدامها بالشكل الأمثل لكانت كفيلةً بإصلاح هذا القطاع!!
 ما من عاقل يصدق أن المبلغ الذي تمَّ تحريكه طيلة السنوات السابقة (طبعاً دون حساب المبالغ المقطوعة منه التي ذهبت أو كانت تذهب بشكل روتيني إلى جيوب الفاسدين) هو مبلغ كافٍ لإصلاح هذه المعامل وتشغيل خطوطها الإنتاجية التي مرت عليها عشرات السنين، وأصبحت مهترئة دون تحديث أية قطعة فيها، لتتحول مع مرور الزمن إلى خردة.
وقد كشف تقرير هام لوزارة الصناعة عن التراجع الخطير في الاستثمارات الصناعية خلال السنوات الثلاث الماضية، أي في عز النداءات المتكررة لإصلاح القطاع العام الصناعي وتحديثه، مما يعني زيف الجهود الحكومية التي كانت نداءاتها إبراً مخدرةً للطبقة العاملة، والاتحاد العام لنقابات العمال.
وجاء في التقرير أن مجموع المشاريع الاستثمارية التي تم إلغاؤها قبل عام 2008، وقبل قيام أي مستثمر بأي إجراء تنفيذي، قد بلغ ما يقارب /255/ مشروعاً، الأمر الذي أدى أوتوماتيكياً إلى التقليل من فرص العمل التي وعدت الحكومة الشعب بها ، فحسب التقرير لم يبلغ مجموع فرص العمل المحدثة بموجب المشاريع المقررة في عام 2008 إلا  /11806/ فرصة عمل، في الوقت الذي يدخل فيه إلى سوق العمل سنوياً ما مقداره /200/ ألف شخص.
والذي لا يمكن فهمه حتى الآن هو هذا الإصرار الشديد من الحكومة على تحويل تلك المصانع والمعامل إلى الوزارات الأخرى، وخاصةً وزارتي السياحة والتربية اللتين ليستا بحال أفضل من نظيراتهما من الوزارات، فعلى سبيل المثال مديرية الشؤون بوزارة التربية لديها من الأضابير المعلقة (وهذا على لسان الموظف المسؤول عن ذلك) ما يقارب الآلاف، حيث يوجد الآلاف ممن ينتظرون دورهم في إيجاد شاغر لهم في مديرياتهم بالمحافظات، وكلما تقدم أحدهم بأوراقه الرسمية والنظامية التي تؤكد وجود شاغر واعتماد ،يكون الجواب: عليك الانتظار إلى أن يأتيك الدور!!
إن ما تم التخطيط له أو ما تم أقراره من اللجان المكلفة بهذه الأمور (والتي  ليس من الضروري أن تكون آراؤها صحيحة مئة بالمئة) غير كاف على الإطلاق، والدليل أن جميع القضايا التي ناضل ودافع عنها الاتحاد العام لنقابات العمال ومازال يدافع عنها،  تزداد تعقيداً، وهي الآن «لا مطلقة ولا معلقة»، فقرار تثبيت العمال المؤقتين مازال يعاني من الكساح، وقانون التأمينات الاجتماعية يعيش منذ فترة مرحلة الخطر، ومازال مبدأ العقد شريعة المتعاقدين هو سيد الموقف بالنسبة لأرباب العمل، وزارة الشؤون ماضية في طريقها لإدخال قانون العمل غرفة الإنعاش، ونحن مازلنا رغم كل هذا بانتظار العلاج الحاسم لمشاكل القطاع العام الصناعي، حيث بات من الضروري بعد كل هذا التأخير الوقوف الجدي على أسباب خسائر هذا القطاع، لكي نستطيع إصلاح أوضاعه، حتى ولو وصل الأمر إلى العمل الجاد من أجل إصدار قانون خاص له، فهذه المسألة الضرورية للحفاظ على مقومات الصمود الوطني لا تحتمل التراخي أو التقصير.     

معلومات إضافية

العدد رقم:
409