بصراحة... وجهة نظر أولية حول تعديل القانون الأساسي للعاملين في الدولة
لابد من النظر بجدية إلى ماهية النقاشات التي تدور حول تعديل القانون الأساسي للعاملين في الدولة.
فالبعض ينظر إليه نظرة عادية، ويعتبر أن أي تعديل هو إنجاز، دون أن يأخذ بالحسبان ماهية التعديلات التي يحتويها هذا المشروع وانعكاسها على مصالح العاملين بأجر.
كما لابد من التأكيد بأن تعديل القانون يجب أن يُحدث قفزة نوعية تنعكس إيجابياً على العاملين بأجر، ليكون القانون مُعيناً لهم في تطوير أدائهم ورفع إنتاجيتهم، وأن يحقق العدالة المنشودة، وأن يسعى لتوحيد أنظمة العمل من حيث الحفاظ على الحقوق والمكتسبات العمالية.
وإذا ماتابعنا التعديلات المقترحة بشكل عام ودون الدخول في التفصيلات نجد أنها أتت بعكس ماتريده الطبقة العاملة التي سعت عبر نضالها لتطوير القانون وتلافي الثغرات التي وردت فيه، والتي لم تعد صالحة، وتؤثر سلبياً على تطور العملية الانتاجية، وإذا ماتابعنا التعديلات المقترحة نجد أنها محبطة للعاملين. فالضجة الإعلامية التي رافقت صدور التعديلات، والتي وصفتها بأنها تتجاوب مع متطلبات العمال، جاءت في الواقع بعكس إرادتهم ورغبتهم في تطوير القوانين التي يجب أن تتلاءم مع مبدأ الاصلاح والتطوير والتحديث..
وكأن المشرّع قد أراد بشكل غير مباشر أن يؤكد أن التطوير يتناقض مع مصالح عمالنا الذين يجب أن يكونوا الحامل الاجتماعي له.
ففي تعريف العامل في المادة الأولى يلاحظ بأن العامل هو: «كل من يعين بصورة دائمة في إحدى الوظائف الملحوظة في الملاك العددي للجهة العاملة».
بهذا التعريف نكون قد زدنا من تقسيم عمالنا. فالعامل المؤقت والوكيل لايعد عاملاً، والعامل في القطاع الاستثماري مستثنى من قوانين العمل، والعامل في القطاع الخاص يعمل حسب قانون العمل /91/ وهذا ماسيؤثر على وحدة الطبقة العاملة السورية من حيث الجهات القانونية الناظمة للعمل التي يجب أن يخضع لها العامل.
ومن جهة أخرى نجد أن مطلب الطبقة العاملة بإلغاء المادة (138) قد استجابت له الجهات الوصائية، لكنها بدلاً من تعديلها أو إلغائها أعطتها الرقم (137) بالمضمون السابق نفسه، حيث تجيز بقرار من رئيس مجلس الوزراء صرف العامل من الخدمة بدون ذكر الأسباب التي دعت لهذا الصرف، مع العلم أن هذه المادة تتناقض مع دستور الجمهورية العربية السورية، ومع قوانين العمل الدولية، وهي بنصها ألغت دور السلطة القضائية، وجعلت من رئيس مجلس الوزراء سلطة فوق القانون، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الابتعاد عن مفهوم العمل المؤسساتي الذي يجب أن يخضع له الجميع.
لن ندخل في تفاصيل الأجور والتعويضات لأنها لم تؤد الغرض المطلوب منها، ولهذا نرى أن التعديل المقترح لايلبي طموحات العمال بل بالعكس يساهم في تركيز سلطة الفرد على حساب المصلحة العامة.
إذا أردنا وضع تشريع يستجيب للحاجات الأساسية والملحة للعاملين، فيجب أن ينطلق من مبدأ سيادة القانون الذي بدوره يعبر عن مصالح الجماهير، لا أن يكون سوطاً مسلطاً على رقابهم، ويؤدي إلى إضعاف ثقتهم بالقانون ذاته، مما يؤدي إلى عدم استقرارهم وتخفيض إنتاجيتهم والإساءة لمستواهم المعاشي.
■ سهيل قوطرش
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.