فوق القانون

يفترض أن يعطي التَعليمَ والتعَلم نتائج إيجابية لا سيما إذا ما ترافقت مع بيئة أخلاقيةِ تعايش المرء معها وفيها، ومدرسة الحياة مع التأهيل العلمي والثقافي لابد أن تثمر بنتائج طَيبة لإنتاج مواطن يَحمل القيمَ والمعاني الوطنية, ومعيار ذلك ما يقدم هذا المواطن للآخرين من إيجابيات تصب في العمل الوطني العام .

اهتمت الأمم والشعوب بموضوع الصٍدق، وأورثَ التاريخ البشري وقائع ومواقع أنتج فيها الصدق مواقف رائعةً رَفعت من شأن صاحبها ومكانته الإجتماعية وفي محيطه، وأن تصدق مع نفسك ومع الآخرين فتكون مرتاح الضمير،  ميسر الأمور تنام ملء جفنيك براحة وهدوء، خير من أموال قارون وهامان  وحسابهما العسير على كل درهم وقٍطمير.

وفي مجتمعنا السوري شَواهد ومشاهِد لِمواطنين شرفاء وموظفين تصًدوا للوظيفة العامة دون أن تدنَس أيديهم وجيوبهم دراهم الحرام، وعمولات أولاد الحَرام، وحاسبوا أنفسهم قبل أن يحاسبوا، فكانوا قدوة وسيرة حَسنة لمواطنيهم وفخراً لمجتمعهم، ولا شك أنهم كثر، وعلى الطرف النقيض تجد من الموظفين من إمتدت يداه وعنقه للمال الحرام، وحلل الوظيفة للتكسب وجمع المال وتكديس الذهب والدولار، فكانت نهايته سريعة وكأن ريحاً عاتيةً عَصفت بأرض يَباب وأصبحت خبراً بعد عَين، والأمثال كثيرة، جارٌ أو زميل عَمل أو مدير أو...... 

كل هذا وبعضهم لا يتعظ من غيره، وكأنه لا يعي ما جرى لغيره، وكأنه نمرود زمانه، ونيرون عصره في روما العظيمة، وكأن حكم العدالة في البرنامج المحبوب مع الرائد هشام والمساعد جميل لم يطرقا سمعه وبصره، وما روي من قصص من الواقع وإن بشيء من التصرف مع استاذنا المحبوب هائل اليوسفي، لكفيل بوصول الرسالة والعبرة أن القانون فوق الجميع، ولا بد للعدالة أن تأخذ مجراها طال الزمن أم قصر.

وأن يأتيكَ مدير المدراء (أطال الله عمره وحفظت الملائكة سره) الغيور على مصلحة العباد والعُباد، والحافظ لألفية إبن مالك بمواعظ وإرشاد، وأخبارَ الأئمةِ والفضلاء، وكل عشرِ كلمات ينقش لك قولاً لنبي كريم وإمام عظيم أو صحابي جليل، عدا هوامش إبن خلكان، وأبطال الإلياذه، ويخدعك بكلام معسول عن الأخلاق والضمير النائم وحصانة المال العام، وفجأة تراجع بريده الوارد والصادر وحواشيه الطويلة المملة على الكتب والقرارات، فتجد أن أمامك يا للهول، شخصية كارزمية هائلة مفعمة بالشيزوفينيا والأبارتيد ضد الآخرين من خارج الحلقة الأضعف من حوله (طبعاً خلافاً لبرنامج الحلقة الأضعف بشاشة المستقبل)، ويداعب مخيلتك أسباب هذه المزدوجة الحسناء من اللعب على الألفاظ ومعسولِ الغرام، ويأتيك شيطان رجيم ليخبرك بخبث ودهاءٍ ، أن مدير المدراء تربى في إحدى المؤسسات وكانت له صولاتٌ وجولاتٌ مع الآليات والمعدات وقطع الغيار والبلدوزرات، ومشاريع الماء السخاء حين تمطر السماء وانه لا بد إلى الأمام سائر ، وأن من أحضَره ووكَله بقدرَة قادر في ليلٍ داثر، وأقام له الإمارة ورفعَ له العلامة، مازال موجوداً محظياً عند هارون الرشيد، وسوف يَمده بالمَدد من الدَعم والعَدد  كي يقضي على معارضيه، ومخالفي قراراته وتعليماته  وأن القانون (أي ما أصدره الحاكم للفصل بين الرعية بحق وروية)، لا يَهتم بِه و يَدير له ظهراً لأنه مَدعوم، وعند أصحابِ القرارَ مَنظوم، ويفكر دوماًُ بالرعَبون، وكل يوم مقالٍ مَرقوم في صَحيفة الثورة والنجوم ونصيب كاتبها معلوم من الود والحظوة عند أهل الجاه والنعمة، فهذا مدير المدراء يجتمع بأولي الأمر والوزراء، كي يخبر هم عن ماحقٍ لاحقٍ ، يرهبهم به كأنه جني سَاجر، ويعظم لهم الأمور كي يعطوه موافقة أولية ليخلع بها الجني وأهل الغي والعصيةٍ، من إدارته المأمونة المحظية، التي فصل قِياسها على قياسه كي تناسب لباسَه ويأنسَ بها قربَ أهلهِ وناسه.

وينفذ مشروعاتها  وفق النسبة والتناسب والمتوالية العددية التي تتزايد مع القدم والهَرم.

وبعد أن أصدَر مدير المدراء قراره الوجاهي غير القابل للطعن بحق أحد رعيته والمسؤول عن نقابته، وأكد بالأيمان المغلظة أن قراره يجب أن ينفذ وأن رأيه يجب أن يسدد وأنه سَيعمل ويَعمل ليطردَ ويستأصل الموتورين والحاقدين الآتين من مملكة الواق الواق  , ولن يطبق قانون إستخدام الأجراء (قانون العاملين الأساسي) ولا سيما المادة الخاصة بالنقل التعسفي وأن هذا إجراء لا تَراجع عنه، وأن القانون والعود والغيتار آخر ما يفكر به أخونا مدير المدراء,، المدعوم من الأرضِ والسماءِ. واللعنةَ على المعارضين والفساق أهل الشقاقِ والنفاق، البصَاصِين لكل هَفوة وكَبوة، المعَرِّضِين أمنَ وأمانَ المملكةِ للخطر الداهم  القادم معهم من مشروع دمر السكني ومفتشي الصحة والسلامة المهنية والمال العام. 

وأخيراً سيدي مدير المدراء القويم القَّوّام على شؤون العباد وأهلَ البلاد من موظفيكم النجباء في مملكَتكِم الواسعة الأرجاء، أنصَحكم نَصيحة سمعَها فِرعون ولم يطبقها وهي أن لا تلامس برأسكَ النجوم فلا تراها ولاتتمتع بها وتحرمَ نورها بل إخفض رأسكَ تواضعاً للنجوم كي تتمتع بها وبحياتكَ ومملكتكَ , فالنجوم باقية والباقي إلى زوالٍ، وفَهمَكم كِفاية. 

 

■ النقابي: م . مروان العش