بصراحة: على نفسها جنت براقش!
وجهت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل كتاباً إلى القيادة القطرية لحزب البعث تعلمهم فيه بأن أصحاب العمل لم ينفذوا قراراها رقم /1345/ تاريخ 8/10/2000 والقاضي بزيادة الأجور في القطاع الخاص بنسبة 25% على أثر صدور المرسوم التشريعي رقم /36/ لعام 2000 المتعلق بزياد الأجور في القطاع العام حيث يرى أصحاب العمل أن القرار غير ملزم وأن قرار غرفة صناعة دمشق بزيادة الأجور في القطاع الخاص والتي تتراوح ما بين /500 ـ 750/ ل.س شهرياً هو الواجب التطبيق مع التنويه بأن معظم أصحاب الأعمال لم يلتزموا بتطبيق أي من القرارين.
والملاحظ أنه ما بين وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ـ وغرفة الصناعة وأصحاب العمل ضاعت حقوق عمالنا في هذا القطاع. والسؤال الذي يطرح نفسه علينا: لماذا يتمرد أصحاب العمل على كل القرارات الصادرة عن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل؟ على الرغم من أن ممثلي غرفة التجارة والصناعة في مجلس الشعب قد زاودوا على ممثلي التنظيم النقابي والأحزاب في هذا المجلس عندما طالبوا ولأول مرة في تاريخهم بضرورة تنفيذ شعار ربط الأجور بالأسعار وتحسين الوضع المعاشي للعاملين بأجر حيث كان مرادهم المزاودة ولفت الأنظار إليهم كممثلين حقيقيين للجماهير الشعبية مما أدى بالكثيرين إلى الإشادة بهذه المواقف واعتبروا أن البرجوازية من خلال برنامجها الذي طرحته آنذاك وضعت تصوراتها لحل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.
وفي ذلك الوقت كان لنا موقف واضح من هذا الطرح بأن البرجوازية عندما تطرح هذا الشعار تريد منه أن ندافع عن مصالحها لا عن مصالح الجماهير.
وكما يقول المثل: «الماء تكذب الغطاس»، فعندما غدت الزيادة أمراً واقعاً نتيجة للمرسوم التشريعي رقم /36/ لعام /2000/ تنصل ممثلو البرجوازية من وعودهم وتهربوا متذرعين بالركود الاقتصادي وتضخم اليد العاملة لديهم. ووضعوا شروطا ًلتنفيذ هذه الزيادة منها تسريح قسم من العمال أو برفع أسعار منتجاتهم، أي في كلا الأمرين ينفذون هذا لمرسوم على حساب الطبقة العاملة في هذا القطاع ليست غريبة ومثل هذه المواقف فالبرجوازية الجديدة تلهث دائماً خلف الربح بغض النظر عن مصلحة الوطن أو المواطن.
ونعود للقول: لماذا هذا التمرد من قبل البرجوازية الجديدة على توجهات وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ولنعود للأسباب الحقيقية لضعف الوزارة أمام أصحاب العمل.
أولاً ألم تتستر الوزارة وبأشكال مختلفة على مخالفات أرباب العمل لقوانين العمل والتأمينات الاجتماعية! التي نلخصها بالتالي:
1 ـ تهرب أصحاب العمل من تسجيل عمالهم في التأمينات الاجتماعية.
2 ـ الطلب من العمال تقديم استقالاتهم من العمل مع طلب التعيين.
3 ـ إشراكهم في التأمينات الاجتماعية برواتب غير رواتبهم.
4 ـ تهرب أصحاب العمل من تنفيذ برامج الصحة والسلامة المهنية على العمال.
5 ـ وضع حد أدنى للأجور في القطاع الخاص غير واقعي ولمصلحة أرباب العمل.
6 ـ عدم وضع عقد العمل النموذجي حيز التطبيق والذي يحددون من خلاله الحقوق والواجبات للعامل ولأرباب العمل.
كل هذه التجاوزات كانت ومازالت تتم بعلم القائمين في الوزارة المذكورة. وكذلك ألم يجر إغلاق العديد من المنشآت الصناعية دون مراعاة أوضاع العاملين فيها وبتقارير وهمية لصالح أرباب العمل مقابل رشوة المعنيين عن هذه الأمور في الوزارة.
كل هذا جعل أرباب العمل يرفعون شعارهم «يلي بتعرف ديتو أقتله» ، و«إيدنا بفمهم للباط».
إن هذه التجاوزات وضعت الوزارة في موقف الضعيف أمام أرباب العمل مما خلق هذه الهوة ما بين الجهتين ولصالح أرباب العمل على حساب عمال القطاع الخاص.
وعلينا هنا أن نعمل جيداً وفق أولويات محددة تعيد للوزارة دورها بشكل عملي وهذا يتطلب بالدرجة الأولى:
إعادة النظر بالقوانين الناظمة للعمل وتوحيدها وتطبيقها على كل جهات العمل في العام والخاص والمشترك والاستثماري ودون استثناء، وتشكيل لجنة تمثل الحكومة والتنظيم النقابي وأرباب العمل لحل مثل هذه الإشكاليات التي قد تقع، ولاسيما أن القطاع الخاص أخذ بالتوسع ومن غير المعقول أن تبقى حقوق عمالنا في هذا لقطاع مستباحة. وعلى التنظيم النقابي أن يمارس دوره في هذا القطاع من خلال زيادة الاهتمام به وبمشاكل عماله والعمل على تنسيب عمال هذا القطاع إلى التنظيم النقابي بشكل فعلي يتمثل فيه العمال وليس أرباب العمل من خلال العمال.
كل هذه الأمور يجب أن تدرس جيداً ولندرك أن التجاوزات هي التي فتحت الباب على مصراعيه لأرباب العمل لاستباحة كل القرارات الصادرة. ومن هذا المنطلق نقولها وبصدق إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل: إن الممارسات الخاطئة قد أدت وكما يقول المثل: على نفسها جنت براقش.