ملاحظات على قانون العمل
نشرت جريدة الثورة في عددها 12959 تاريخ 15 آذار 2006 مشروع قانون العمل الجديد الذي أعد من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وأبرزت الصحيفة العناوين البراقة التي تشد القارئ لقراءتها وبأنها مكسب عمالي جديد وتأكيد بأن أغلب هذه النصوص مأخوذة نصاً وروحاً من قانون العمل السوري 91 لعام 1959 وتعديلاته وبعضها مأخوذ من أحكام القانون الأساسي للعاملين في الدولة.
ونحن إذ نقدر الجهود التي أعدت مشروع هذا القانون، كما نتمنى مشاركة التنظيم النقابي الاتحاد العام لنقابات العمال في القطر العربي السوري الذي يمثل الطبقة العاملة وفقاً لأحكام المرسوم التشريعي 84 لعام 1968 وتعديلاته في إعداد وصياغة هذا المشروع منذ بداية وضعه، لا أن ترسل إليه نسخة معدة لإبداء ملاحظاته، وكذلك تعميمه إلى جميع النقابات لدراسته باعتباره قانوناً يتعلق بمصالحها الأساسية كممثلة لعمال الوطن ومنتجة خيراته.. ونبدي هنا بعض الملاحظات وهي:
المادة (23) من المشروع المتعلقة بالمكاتب الخاصة بالتشغيل والفقرة /ب/ المتعلقة بالمكاتب الخاصة بتوريد العمال حيث نص المشروع على المكاتب التي تنوي توريد عمال لأصحاب عمل وأن تبقى العلاقة بأثرها على من يستخدم عمالاً في شركته أو معمله أو إدارته وقطع الصلة بين العمال وأصحاب العمل من ثم قيام المتعهدين بتوريد العمال لمصلحتهم أي تأجيرهم لصاحب العمل وهذا يعني انعدام العلاقة بين العامل ورب العمل وحصرها على مكتب التوريد وما يترتب على ذلك من آثار استغلال العمال يقوم به أصحاب المكاتب تجاه العمال طالبي العمل وخضوعهم للشروط المفروضة عليهم سلفاً وبذلك تنتفي العلاقة العقدية بين العامل ورب العمل ولا يوجد ضمان لحقوق العامل التي تؤدي إلى استقراره في مكان العمل.: وهذه تجربة لم يعرفها إلا بعض المهن المؤقتة والأعمال العرضية، ولا يجوز إجراؤها على عمال المعامل والشركات والإدارات الذين ساهموا ويساهمون في اقتصاد الوطن.
أما فيما يتعلق بالمادة (65) من مشروع القانون التي أجاز لرب العمل إنهاء عقد العمل في غير الحالات المنصوص عليها في المادة (64) واستناداً لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين يكون عند وجود تكافؤ بين طرفي العقد وليس بين طرف قوي هو صاحب العمل وطرف آخر طالب عمل يذعن لأي شروط تفرض عليه من أجل أن يجد لقمة عيشه.
لقد ناضلت الطبقة العاملة في سورية من أجل حفظ حقوق العمال وعلى أثرها صدر المرسوم التشريعي 49 لعام 1962 وقد عدل مرات بما يحقق التوازن بين مصالح أصحاب العمل والعمال. ويسمح المرسوم 49 بتسريح العامل الذي يخالف شروط عقد العمل والذي يرتكب أخطاء يستحق التسريح لدى جهة قانونية قضائية سميت لجنة قضايا التسريح حيث أعطي لرب العمل إنهاء عقد العمل لعامل أو لعدد من العمال عندما أوكل هذه المهمة إلى لجنة قضايا التسريح التي تضم: ممثل الحكومة وأصحاب العمل والعمال برئاسة أحد قضاة العدل، لقد كانت هذه الطريقة ضمانة لجميع أرباب العمل والعمال والذي يعود إلى سجلات دعاوى لتسريح أمام هذه اللجان يجد قرارات تسريح عدد من العمال الذين ارتكبوا أخطاء فادحة وأعيد للعمل من لم يثبت ارتكابه أية أخطاء.
إن إبقاء حرية رب العمل بإنهاء العقد للعامل عندما يشاء يضعف مكانة العامل في عمله ويجعل سيف إنهاء الخدمة مسلطاً على رأسه ويزعزع استقراره بدلاً من الشعور بالأمان والاطمئنان بالعمل من أجل زيادة الإنتاج وتنمية الوطن واستقرار علاقات العمل، بعد أن قطع العمال السوريون مسيرة نصف قرن في تطبيق قانون العمل بالمنحى الذي قصدناه.. ولقد مضى على المرسوم التشريعي 49 لعام 1962 ما يزيد عن 44 عاماً وأصبح تشريعاً مستقراً وثابتاً وبدلاً من أن نطوره لمصلحة الطرفين لجأت وزارة العمل إلى إلغائه في المشروع مما يؤدي إلى التسريح التعسفي بحق العمال في أن العقد شريعة المتعاقدين يطبق على العقود التجارية والاقتصادية وليس على العمال وعرق المنتجين والعلاقات الإنسانية..
كما نصت المادة /234/ من المشروع بأن يترتب حق الإضراب في حال التوقف الكلي عن العمل واحتساب مدته إجازة دون أجر العامل.. فكيف يقر مشروع القانون حق الإضراب ويضع مقابله الإجازة بدون أجر على العامل وما يترتب على هذه الإجازة من آثار قانونية تضر بمصلحة العامل.
إننا نرى ضرورة تعديل هذا النص لضمان حق الإضراب المأجور إذ تخلف أرباب العمل عن التزاماتهم المحددة بقانون بعد إنذار.
إن إصدار تعديل قانون العمل بهذه الصيغ التي قدمتها وزارة العمل يقضي على كل منجزات الطبقة العاملة والنقابات ويجعل العقد لمدة يعطي رب العمل حق تسريح العامل متى شاء وهذا يقضي على مستقبل العامل ويضعه في الشارع مع استفحال البطالة ويجري العمل على إلغاء لجان قضايا التسريح وهذا خطر على العمال الذين شكلوا عماد النظام في سورية يجب أن يحافظ مشروع القانون على ما وصلت إليه العلاقات العمالية والنقابية في سورية.
إننا في الطبقة العاملة في سورية نأمل عرض مشروع قانون العمل الجديد على التنظيمات النقابية والمحامين والمنظمات الطلابية والشبابية والنسائية من كافة المستويات لبيان الرأي في ضوء الواقع الفعلي لعلاقة العمل بين العامل ورب العمل ثم إعادة الصياغة وفق مصلحة وحقوق العباد واتفاقيات العمل الدولية والعربية التي صادقت عليها الجمهورية العربية السورية.