بصراحة إلغاء القوانين الجائرة.. بحق الطبقة العاملة ضرورة من أجل الصمود والدفاع عن قطاع الدولة المشرِّع والقانون أطَّرا دور الطبقة العاملة بأطر ضيقة أفقدتها إمكانية حركتها المستقلة بالدفاع عن مصالحها

تطالعنا الصحافة يومياً بمراسيم قوانين جديدة، أو قوانين معدلة لقوانين سابقة يراد منها تجاوز حالة سابقة كانت تطبق بها هذه القوانين، ولكنها كانت قاصرة عن أداء تلك المهمة المنوطة بها إما بسبب قصور المطبقين وعدم تجانسها وتطابقها مع مصالحهم، أو بسبب قصور في القانون ذاته وعدم قدرته على تلبية الحاجة التي صدر من أجلها.

والقانون الأساسي للعاملين لا يخرج عن هذه القاعدة، حيث طبق منذ 2/1/1986، بعد أخذ ورد قامت بها صحافة أحزاب الجبهة وكذلك الاتحاد العام لنقابات العمال ليخرج هذا القانون بشكل يلبي مطالب العمال ويكون ضامناً لحقوقهم سواء المكتسبة منها أو الحقوق التي تأتي لاحقاً، منها الأجور ـ التعويضات ـ الحوافز الإنتاجية ـ الوجبات الوقائية ـ الطبابة وغيرها ولكن لو نظرنا إلى هذا القانون من الناحية العامة، على الرغم من وجود العديد من المواد التي تؤكد بعض حقوق الطبقة العاملة، لوجدنا أن هذا القانون لم يأت محفزاً ومنشطاً للعملية الإنتاجية بل أعطى حقوقاً كثيرة للإدارة بما فيها رئيس مجلس الوزراء حيث هيمنت الإدارة على هذا القانون وأصبحت هي القاضي والمدعي العام وهي الضامنة لحقوقها. ولكن السؤال المطروح: من يضمن تطبيق هذا القانون في حال أخّلت الإدارة بما يتوجب عليها فعله تجاه الطبقة العاملة وبما تنص عليه مواد القانون؟؟

والسؤال الآخر: ما هي الإجراءات المادية والمعنوية المتخذة في حال عدم تطبيق الإدارة وانتهاكها لحقوق العمال؟؟

والآن لنرَ كيف نظر المشرع والقانون لدور الطبقة العاملة في مواقعها الإنتاجية ومن خلال علاقات الإنتاج السائدة.  فقد أطر القانون عملها بأطر ضيقة أفقدها إمكانية حركتها المستقلة بالدفاع عن مصالحها، وذلك بإصدار مواد تجيز للإدارة ولرئيس مجلس الوزراء إصدار العقوبة التي تحرم العامل من حقه  بالعمل ومعاقبته على موقفه وعلى رأيه بأن ترميه في الشارع ليكون عبرة لمن يعتبر وذلك من خلال نص مواد عائمة غير محددة ترك للإدارة ولرئيس مجلس الوزراء تقديرها ومبررات تنفيذ العقوبة وهذا شيء خطير يعكس مصالح القوى التي ترغب بأن تبقى الطبقة العاملة ساكنة مستسلمة لا حول ولا قوة لها، بينما البرجوازية البيروقراطية والبرجوازية الطفيلية ووكلاء الرأسمال الأجنبي جميعهم لديهم الأدوات القانونية والتشريعية التي تمكنهم من الدفاع عن مصالحهم، أي الدفاع عن آلية النهب تحت صيغ الاستثمار وغيره.

فمثلاً المادة «32» من القانون الأساسي للعاملين تنص على مايلي:

يجوز بقرار من رئيس مجلس الوزراء، ولأسباب مبررة يعود تقديرها إليه، نقل العامل من وظيفة إنتاجية إلى وظيفة غير إنتاجية تتوفر فيه شروط مشغلها في جهته العامة أو في جهة عامة أخرى. وفي هذه الحالة لا يستفيد المنقول من تعويضات ومزايا الوظيفة الإنتاجية المنقول منها.

إن عملية النقل تلك يجب أن تكون مقيدة بشروط منها:

1 ـ علاقة العامل بآلته التي يعمل بها.

2 ـ انضباطه بالعمل.

3 ـ كفاءته وقدرته على العمل.

تلك الشروط حسب اعتقادنا لا تحتاج لتدخل رئيس مجلس الوزراء وبقرار منه من أجل نقل عامل قد أخل بشروط عمله وليس بشيء آخر يمكن أن تستغله الإدارة والأجهزة المختلفة لإبعاد هذا العامل عن هذا الموقع أو ذاك كما حصل ويحصل.

وأيضاً المادة «65» ثانياً (ز.ج.ط) حيث تنص ط على:

«أن ينتمي إلى جمعية أو جماعة، تتوخى أغراضاً غير مشروعة تهدد مصالح الدولة أوتعرضها للخطر«

إن هذه المادة فيها من العمومية وعدم التحديد ما يجعل استغلال كلمة (غير مشروعة) لأغراض عديدة. فصاحب الحق في تحديد مشروعية الأعمال أو غيرها هو القضاء وليس الإدارة لهذا الموقع أو ذاك.

ونحن نعتقد ان تاريخ الطبقة العاملة حافل بالدفاع عن المصالح الوطنية وعن القطاع العام ولم تنجر أبداً إلى مواقع معادية لمصالح الوطن.

المادة 66 ـ آ

«مع مراعاة قانون التنظيم النقابي، لا يجوز للعامل أن يعمل في التأليف أو الكتابة أو النشر حول أمور تتعلق بوظيفته إلا بموافقة الوزير المختص«.

المادة 138 (الباب الرابع عشر) إنهاء الخدمة:

«مع الاحتفاظ بأحكام قانون الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش:

1 ـ يجوز بمرسوم صرف العامل من الخدمة دون ذكر الأسباب التي دعت لهذا الصرف، وتصفى حقوق العامل المصروف من الخدمة وفقاً للقوانين النافذة.

2 ـ إن مراسيم الصرف من الخدمة وفقاً لأحكام هذه المادة غير قابلة لأي طريق من طرق المراجعة أو الطعن أمام أي جهة أو مرجع وترد الدعوى التي تقام ضد هذا النوع من المراسيم أياً كان سببها.

3 ـ لا يسمح باستخدام العامل المصروف من الخدمة بموجب هذه المادة ـ وذلك مهما كانت صفة هذا الاستخدام ـ إلا بقرار من رئيس مجلس الوزراء يجيز ذلك.

إن جملة المحظورات التي تحددها تلك المواد من القانون الأساسي للعاملين وتحديداً المادة 138 التي طالب اتحاد عمال دمشق بإلغائها حيث يقول الاقتراح في مشروع تعديل القانون: نقترح إلغاء المادة /138/ وذلك بسبب إصدار المحاكم المسلكية التي تبت بوضع العاملين وفي حال عدم الموافقة على إلغاء المادة نؤيد إلغاء الفقرة /2/ من المادة /138/ من القانون رقم /1/ لعام 1985.

إن جملة المحظورات تلك تلخص موقف المشرع من شيئين أساسيين:

1 ـ قطع الطريق على الطبقة العاملة وعلى تنظيمها النقابي بالدفاع عن مصالح الطبقة العاملة المشروعة خارج الأطر والأنظمة التي تحددها لها تلك المواد تحت طائلة العقوبة والتسريح والتشريد وقطع الأرزاق.

2 ـ والمهم جداً أن تلك المواد أنفة الذكر قد صادرت دور القضاء وأعطته للسلطة التنفيذية، ولكي تقرر هي وفق ما تراه من مبررات لتحكم على هذا العامل أو ذاك، وبالتالي مارست دور القاضي والجلاد في وقت واحد وهذا لايمكن أن يكون مفيداً لمصلحة البلاد والعباد.

إن تلك المواد لايمكن أن تكون موجهة ضد من يخرب الإنتاج ويعيق تطوره فقط، بل إنها تعني شيئاً آخر أيضاً، تعني قطع الطريق على الطبقة العاملة وعلى كل الشرفاء … من مواجهة عمليات النهب والتخريب التي يتعرض لها قطاع الدولة، باعتبار هذا القطاع يشكل العائق الأكبر أمام المشاريع الإمبريالية في بلادنا ويمّكن سورية من الصمود والمواجهة كما حدث سابقاً.

إن النضال من أجل إلغاء تلك المواد يشكل مدخلاً مهماً لنضال الطبقة العاملة وتنظيمها النقابي من أجل صمود سورية ومن أجل الدفاع عن قطاع الدولة ضد آلة النهب الواسعة الذي يتعرض له، ومن أجل أن لا يموت سريرياً كما يقول ممثلو الرأسمال الأجنبي ودعاة الخصخصة والانفتاح غير المحدود في بلادنا.

 

إنها جزء من معركة الديمقراطية في بلادنا لتوسيع وتعميق دور الجماهير الواسعة وزج طاقاتها الهائلة وعلى رأسها الطبقة العاملة في النضال الوطني والطبقي الذي يخوضه وطننا.