مؤتمر التشاركية بين العام والخاص.. ماذا بقي للحكومة؟
بعد المطالبة بمساواة القطاع الخاص بالقطاع العام، أصبح القطاع العام يطالب بالمساواة مع القطاع الخاص. الذي سمح له منذ منتصف التسعينيات باستيراد السلع اللازمة للإنتاج والاستهلاك عن طريق التسهيلات الائتمانية، وبتمويل عمليات الاستيراد عن طريق قطع التصدير، وقانون الاستثمار وقوانين عديدة وأنظمة ومزايا وإعفاءات وضمانات خاصة للمشاريع الاستثمارية وتحرير التجارة.... إلخ.
بينما القطاع العام أهمل وترك لمصيره دون تطوير أو تحديث بمواجهة تحديات التيار الليبرالي الجديد مع تغييب دوره الاجتماعي بالكامل. وأصبح يعاني من غياب إستراتيجية واضحة ومحددة للصناعة، ما جعل من عملية تطويره وتحديد ملامحه المستقبلية واتجاهات نموه أمراً متعذراً. فلو أرادت الحكومة الإبقاء على القطاع العام الصناعي هذا يعني أن عليها إصلاحه وتحديث خطوطه الإنتاجية وزيادة الاستثمارات فيه، ولكن هذا لم ولن يحدث.
ما هي المشاركة أو التشاركية بين القطاع العام والقطاع الخاص؟
النقابي نزار ديب أجاب قائلاً: «الحكومة تخطط لمشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وستكون قطاعات النقل والكهرباء والطاقة والطرق والخطوط الحديدية والموانئ والمطارات والصرف الصحي والسكن الجماعي القطاعات المستهدفة، وإن نجاح تجربة الشراكة بين القطاعين العام والخاص لا يتوقف على طبيعة الملكية وإنما على كيفية إدارتها ودليل ذلك وجود شركات كثيرة في القطاع العام رابحة، والكثير من الدول الرأسمالية العريقة تعتمد في جانب كبير من اقتصادها على ملكية الدولة أو القطاع العام الذي يهدف إلى الاستقرار الاجتماعي. وإذا كانت الحكومة قد وضعت القطاع العام وشركاته ضمن ثلاثة نماذج رابحة وحدية وحسبي الله ونعم الوكيل، كما سماها رئيس الحكومة، فمن الذي أوصلنا إلى هذه التسمية؟ الأسباب معروفة وهي قديمة بدأت بتخفيض ميزانيات الاستثمار في شركات القطاع العام ما أدى إلى إضعافها، وكان يمكن إنقاذها قبل إيصالها للوضع المتردي. إضافة إلى حاجة الشركات لتجديد خطوطها الإنتاجية ولم تتمكن من ذلك بسبب الأنظمة التي أجبرت الشركات لتحويل فوائض أرباحها إلى وزارة المالية، ضمن خطة واضحة من الحكومة وهي سياسة التخسير لهذا القطاع تمهيداً لخصخصته.
كيف يدعم القطاع الخاص القطاع العام في مجال الخبرة والمهارة؟
هناك مؤشر على أن القطاع الخاص الذي سوف يأتي هو الأجنبي الذي سيأتي بكوادره وعماله، ونموذجه استثمارات جاك سعادة في المرافئ السورية. والخطوة الأولى ستكون الاستغناء عن كوادر فنية هامة أمضت سنوات طويلة في العمل، وإحضار عمال من الخارج، ومن بقي يتم توقيعهم على عقود عمل كما تريدها الشركة الفرنسية. فالشراكة ليست بالقطاع العام الصناعي الذي تعاني شركاته ما تعانيه، لأن هذه الشركات لا تخصخص بل تركت للاحتضار، ولكن الشراكة في مجال النفط والكهرباء والعقارات بالدرجة الأولى، وليس لأصحاب الدخول المحدودة والفقراء وإنما لشريحة الرفاه وفوق المتوسط، كما قال وزير الإسكان عمر غلاونجي مؤكداً بأن الوزارة مستعدة لتقاسم المخاطر مع القطاع الخاص.
هل فشلت السياسات السابقة المحفزة على الاستثمار في زيادة معدل الاستثمار؟
نعم، فبعد أكثر من عشر سنوات لم تحقق المعدلات التي كانت موجودة في النصف الأول من ثمانينيات أو حتى سبعينيات القرن الماضي. نجد من تجربة مرفأي اللاذقية وطرطوس أن القطاع الخاص الأجنبي، بنكهة سورية، سوف يقدم على التشاركية ولكن ليس مع القطاع العام الصناعي أو الزراعي، وإنما مع الدولة بالنفط والنقل والعقار والكهرباء والسياحة والمناطق الحرة.
هل فشلت الحكومة في الإصلاح الإداري؟
نعم أيضاً فشلت، وإذا كان الأمر كذلك فلماذا لا يكون الحديث صريحاً وواضحاً عن أسباب هذا الفشل؟ وهنا نقول بوضوح إن المشكلة الإدارية لا تتلخص بالعوامل الفنية والتقنية والعقود والفساد، بل هي مشكلة سياسية بالدرجة الأولى، فالإصلاح الإداري هو إصلاح سياسي أولاً، يؤكد دور القانون والمؤسسات، فلماذا لا يشير النائب الاقتصادي إلى ذلك، ليكون الحديث بشفافية وموضوعية؟!!