حوار ساخن بين القيادات النقابية والفريق الاقتصادي: القيادات النقابية تشن هجوماً نوعياً على الفريق الاقتصادي
في جو ساده التوتر والانفعال عقد مجلس الاتحاد العام لنقابات العمال اجتماعه الدوري يومي الأحد والاثنين، بحضور أسامة عدي عضو القيادة القطرية ورئيس مكتبي العمال والفلاحين، وعبد الله الدردري نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية، وفؤاد عيسى الجوني وزير الصناعة وعادل سفر وزير الزراعة، ومحمد شعبان عزوز رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال.
وكانت القضية الأبرز في الاجتماع قرارات الحكومة الأخيرة التي اعتبرها الكثير من النقابيين معادية لمصالح الطبقة العاملة، بدءاً بتصفية /17/ شركة في القطاع العام، مرورا ًبعرض المرافئ الوطنية للاستثمار، وبإخفاق السياسة الاستثمارية التي راهنت الحكومة عليها، وصولاً إلى نتائج الخطة الخمسية العاشرة التي زادت من معاناة الفئات الأفقر من السكان.
مداخلات نوعية..في نعي المعادلات القديمة
قدمت في المجلس العديد من المداخلات أمام النائب الاقتصادي ووزيري الصناعة والزراعة، وجرت حوارات ساخنة، وقوطع الدردري أكثر من مرة بعد أن رد على المداخلات بهدوئه المعهود.
في البداية تحدث محمد شعبان عزوز رئيس الجلسة مستعرضاً بعض القضايا العمالية، ثم تحدث أسامة عدي حول التطورات الإيجابية الكبيرة التي تشهدها سورية على الصعيد السياسي، وحول الأزمة المالية العالمية ومدى تأثيراتها على سورية، وقال: إن هذه التأثيرات سوف تكون موضع تساؤلات رفاقنا العمال، ونحن نعمل جميعاً، قيادة وحكومة واتحاد عمال، لتجاوزها. وعلينا تحمل المسؤولية لتحقيق الأهداف المنشودة، وأن نعمل يداً بيد واحدة بكل مسؤولية في حوار بناء هدفه المصلحة العامة ومصلحة كل مواطن، والهدف الأمثل تحسين المستوى المعيشي للعمال بشكل خاص.
عزت الكنج نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال قدم مداخلة هامة. أشار فيها إلى الديماغوجية التي يمارسها الفريق الاقتصادي، حيث أصبحت الخطة الخمسية العاشرة خطة للتحول نحو الخصخصة واقتصاد السوق الحر، وإقصاء الدولة عن دورها في الحياة الاقتصادية، والقضاء على كل أدوات تدخل الدولة لاسيما القطاع العام، في حين كان النائب الاقتصادي قد صرح مع إعداد الخطة: «لا خصخصة في الخطة الخمسية العاشرة».
وأضاف الكنج: إن بعض إجراءات الحكومة فيها ما يدل على التخلي عن التحالفات الاجتماعية مع العمال الفلاحين، وبدء تحالفات جديدة مع طبقات اجتماعية أخرى، والدليل هو سياسة الأبعاد والإقصاء والتهميش التي تمارس مع العمال والفلاحين. إن هذه المعاملة ستخلق ردة فعل سلبية بكل تأكيد، وهذا هو الأمر الطبيعي.
عن أي إصلاح تتكلمون؟! بعد ذلك الإعلان المدوي واصل الكنج مداخلته بالقول:
بالأمس صرح النائب الاقتصادي: «إن الإصلاح يشهد تقدماً مستمراً»، ولكن في الحقيقة نحن نشهد تقدماً باتجاه الخصخصة، وتحويل البلد بكاملها إلى سوق، ونشهد تقدماً بتسليم مفاتيح الاقتصاد لرأس المال، وفي ارتفاع معدل الفقر من /11%/ إلى /12.7%/،ومعدل البطالة من /8%/ إلى /11%/، كما أن التقدم مستمر باتجاه ارتفاع عجز الموازنة إلى /266/ مليار، وازدياد عجز الميزان التجاري إلى /184/ مليار، وتفاقم ارتفاع العجز في ميزان المدفوعات.
وكذلك الأمر في التقدم الحاصل في ازدياد عجز الطاقة الكهربائية إلى /1500/ ميغا واط، واستمرار التهرب الضريبي والجمركي، وعدم ضبط القطاع غير المنظم، وتخفيض الإنفاق العام والاستثماري، وتراجع مساهمة الإنتاج الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي من /24%/ في عام 2006 إلى /17%/ في عام 2008، هذا فضلاً عن تراجع الإنتاج الصناعي وإغلاق منشآته.
فهل يعني كل ذلك تقدماً في مسيرة الإصلاح الاقتصادي أم تراجعاً فيها؟
نعم، الإصلاح الاقتصادي الذي يجري حالياً يخدم رأس المال ولا يخدم الفقراء، وأي إصلاح اقتصادي لن يكون مجدياً إلا بالعودة إلى دور الدولة في الحياة الاقتصادية.
أما عن الاستثمارات التي أقرت في الخطة الخمسية العاشرة، والمقدرة بـ /900/ مليار من القطاع الخاص و/800/ مليار من القطاع العام، فنحن نقول: لو تم استثمار هذا المليارات بالفعل لكنا بحاجة إلى استيراد عمالة من الخارج، لأن كلفة فرصة العمل الواحدة في سورية /20000/ دولار أي مليون ليرة سورية، ولو تم فعلاً ضخ هذه المليارات في خطط استثمارية لما كانت لدينا بطالة. فكيف نفسر ارتفاع البطالة وفي الوقت نفسه تم ضخ استثمارات بقيمة /1700/ مليار؟!
إن الاستثمار في القطاع الخاص حتى الآن لم يعوض النقص الذي حصل في الاستثمار العام، بل انحصر في قطاعات النقل والسياحة والمصارف والتأمين والعقارات، وعلينا نحن والحكومة معاً أن ندرك أن السبب الأساسي للمشاكل التي تواجه المجتمعات المتخلفة هي الفجوات الكبيرة الحاصلة في مستوى، الدخل والتي تسبب انتشار شريحة الفقر الواسعة، لذلك لابد من سياسة اقتصادية تقلص فجوات الدخل، وتؤدي بالنتيجة إلى تقليص نسبة الفقر، ويأتي في مقدمة هذه السياسة رفع نسبة التشغيل في الدولة وفي القطاع الخاص. إلا أننا نسير الآن بالاتجاه المعاكس، حيث أن التوجه العام هو الحد من التشغيل في قطاعات الدولة ومنع تثبيت العمال المؤقتين، والقطاع الخاص لا توجد لديه سياسة تشغيل واضحة. لذلك نجد أن على أصحاب القرار الاقتصادي متابعة التغيرات السريعة التي تطرأ على الخارطة الاقتصادية الدولية، لاسيما التوجهات الاقتصادية التي ظهرت بعد الأزمة العالمية، والتي دعت إلى عودة دور الدولة في الحياة الاقتصادية.
واختتم الكنج حديثه بالدعوة إلى عقد مؤتمر لمناقشة الواقع الاقتصادي يشارك فيه الحزب واتحاد العمال والخبراء الاقتصاديون.
أزمات مفتعلة وأخرى حقيقية:
هدى مليحي عضو المكتب التنفيذي في الاتحاد العام لنقابات العمال طرحت مجموعة من الأسئلة المحرجة، منها: ما هو شكل التغيير في الخطة الخمسية القادمة؟ ماذا نريد من القطاع العام؟ ما هو «الاجتماعي» في اقتصاد السوق؟ هل الحكومة تريد أن تلعب دورها فعلاً، أم أنها تماطل فقط؟ ماذا عن الوزراء الذين أقيلوا دون أن نعرف السبب، وما هي التشاركية التي تطرحها الحكومة علينا دائماً؟ هل هي مجرد طريق خلفي باتجاه الخصخصة؟!
وأشارت المليحي إلى الأزمات التي افتعلتها الحكومة طوال الفترة الماضية كأزمة تقنين الكهرباء خلال الصيف، وهي الأزمة التي تم حلها فجأة في أول أيام رمضان، إضافة إلى أزمة المازوت التي خلفت استياءً شديداً بين المواطنين وكان لها انعكاساتها السلبية على الزراعة والاستثمارات.
أما أحمد الحسن عضو المكتب التنفيذي في الاتحاد العام لنقابات العمال فقد تناول الموضوع من زاوية أخرى، حيث أكد أن نسف التجربة السورية التي يزيد عمرها عن /40/ عاماً في التنمية الاقتصادية والاجتماعية سيؤدي إلى هز المجتمع السوري المعروف باستقراره وتسليمه لقبضة المجهول، فقد بات المواطنون السوريون في حالة تذمر شامل، وهذه حالة شديدة التأزم وتهدد بانفجار وشيك.
وتحدث الحسن عن اللجان التي شكلت للإصلاح وفشلت ولم تر النور. وأشار إلى الندوات والمساعدات التي تقدمها المنظمات الدولية بهدف التطوير، وجميعها ندوات شكلية ومنح تقدم لمدراء ومحاضرين وجميعها بلا جدوى.
وأكد بأن الحركة النقابية نشيطة مع القطاع الخاص الوطني المنتج، ولكن القطاع الخاص لن يأخذ دوره الاقتصادي والاجتماعي بعد، وإذا ولد قسرياً فسوف يأتي مشوهاً.
.. سجال عاصف تضارب لغوي!
فتح باب النقاش بعد انتهاء المداخلات، وكانت البداية مع الدردري الذي تهيأ للرد، إلا أن النقابي نزار العلي سرعان ما قاطعه بالقول: بعد /40/ عاماً من الانجازات والعمل والإنتاج نرفض أن يأتي من يجوعنا ويشعرنا بالبرد.
فاستدرك أسامة عدي الموقف بالقول: لا توجد لدى السيد عبد الله الدردري عصا سحرية لحل المشكلة.
تابع الدردري حديثه قائلاً: ليس هناك خلاف في التوجهات، ولكن نحن كفنيين في علم الاقتصاد تختلف لغتنا عن لغة النقابيين، أنتم تقولون إن سياستنا الاقتصادية تقود للتبعية، فهل تراجعت سورية عن مواقفها، وهل ذهبنا إلى القيادة السياسية وقلنا: لهم تنازلوا سياسياً؟
هذه الكلام غير مقبول نهائياً.
نحن لم نفرض أنفسنا على أحد، هناك آلية للمواقع ونحن لم نأت من المريخ أو من كوكب آخر، المفروض هنا أن نكون على طاولة مستديرة لا أحد فوق ولا أحد تحت... نؤكد هذا رداً على من يقول بأننا قد جئنا بعد /40/ عاماً لتجويع الناس.
الدولة تحكم ولا تملك!
واصل الدردري كلامه بالقول : أما عن نسب التنفيذ في الخطة العاشرة فهناك اجتماعات سنوية تعقد على مدى /20/ يوماً لمناقشة ما نفذ وما لم ينفذ وأين فشلنا، لنعرف كافة التفاصيل، وخصوصاً الشق المادي، وفي نهاية عام 2010 سوف يكون الإنفاق /10055/ مليار ل.س. أين تراجع دور الدولة إذا كانت الأرقام تثبت أن هناك زيادة في الإنفاق الاستثماري؟
لقد قضت الخطة باستبدال الدعم التقليدي بدعم مباشر يستهدف شرائح معينة، ولدينا برامج دعم حسب توصيات مؤتمر الحزب، ولدينا دعم نفطي مباشر، وخصصنا /34/ ملياراً كدعم للمزارعين، وسيدرس المجلس الأعلى للتصدير صندوق دعم الصادرات، وستقدم الدولة دعماً مالياً مباشراً للمصدرين.
وعقب على مداخلة عزت الكنج حول الاستثمارات التي لم تحقق فرص العمل بالقول: إن هذا يحتاج إلى معالجة اقتصادية وأسعار إدارية تحددها الدولة، ولا بد من إزالة التشوهات في الأسعار، وتطبيق هذا على الزراعة والصناعة. إن المصدر الوحيد لتحقيق الأمن الغذائي وزيادة الإنتاجية يتمثل في زيادة الرقعة الزراعية، والأهم رفع كفاءة الاقتصاد السوري، وهذا ما تحقق
منذ /5/ سنوات ونحن نتحدث عن اقتصاد السوق، وحتى الآن مازلنا نسأل: ما هو اقتصاد السوق؟
إنه اقتصاد سوق اجتماعي، يعني لابد من أن تتحقق به كل شروط السوق من عرض وطلب، وذكر مصطلح «اجتماعي» لا يلغي السوق، فهو اجتماعي بمعنى أنه لا بد من تدخل الدولة في حال فشل السوق، كما لابد من تدخل الدولة لتأمين الخدمات الاجتماعية، من صحة وتعليم وخدمات أخرى مجانية، وهذا ما تم في سورية ولكن ليس بنسبة /100%/، فنحن لا ندعي أننا سننهض بسورية فوراً وخلال /3/ سنوات.
إن الاقتصاد السوري كان قائماً على النفط بنسبة /5%/، ومع تراجع الإنتاج وتآكل الاحتياطي كان من الممكن انخفاض سعر الليرة إلى /160/ للدولار، وإلى انهيار كامل للمنظومة الاقتصادية السورية المبنية أساساً على النفط، فقلنا أنه لابد من إصلاح شامل.. ضرائب وصادرات سلعية غير نفطية وخدمية كمصدر أساسي للميزان التجاري، وقد قطعنا حتى الآن شوطاً لا بأس به، فيوجد لدينا فائض ولا يوجد عجز تجاري، وقيمة صادراتنا غير النفطية ارتفعت من الصادرات الزراعية والصناعية.
لقد أنتجنا بقيمة /10/ مليار دولار، وتم تصدير منتجاتنا إلى الخارج، فمن أين أتى هذا المبلغ؟ ورغم ذلك مازال البعض يقول: إن القطاعات الريعية نمت على حساب الإنتاج!
الاقتصاد السوري كان متجهاً نحو كارثة حقيقية، وبعد الدراسة والتحليل قدمنا مجموعة من المقترحات، وحققنا العديد من الإنجازات، وأي إنسان يملك ذرة من الوطنية والأخلاق كان سيفعل فعلنا. ربما لم نحقق أهدافنا في الحد من البطالة والفقر، ولكن هل مدة /3/ سنوات كافية لتحقيق ما نريده. نحن الآن على أرض صلبة، وقد تم تجاوز الكارثة التي كانت سورية تسير نحوها.
أين الخلل في الاستثمار بالسياحة؟ إن إنتاجية المتر المكعب من المياه بالسياحة أكثر /12/ مرة من الزراعة. ربما كان التوجه نحو الخدمات والصناعة التحويلية ضعيفاً، ولكننا كنا مستعجلين لأن هناك حالة كارثية طارئة علينا تجاوزها.
هذه سياستنا، ولا مجال للنقاش أو التراجع!
لقد وجدت نفسي عام 2004 في بلد /70%/ من ميزانيته تأتي من النفط، والنفط يتناقص، ونجحنا في التغلب على ذلك. لقد أتت قوة الليرة السورية من الاقتصاد الحقيقي لا من الاقتصاد الريعي.
إن الدولة متدخلة بقوة، وهي وأقوى من أي مرحلة سابقة، ودور الدولة لا يقاس بحجم ملكيتها، الدولة التركية لا تملك الأصول المنتجة وعدد الأجهزة التي تشرف عليها الدولة في الاقتصاد السوري، فهل الدولة التركية ضعيفة لأنها لا تملك شيئاً؟
وهنا تمت مقاطعة النائب الاقتصادي: أين الاقتصاد القوي والمتين؟
فقال الدردري: أين كنا وأين أصبحنا؟ مازالت أمامنا مشاكل عديدة فالبطالة في سورية لا يعالجها إلا الاستثمار العام والخاص، وكل ما قيل عن تراجع دور الدولة خطأ.
تساءل الكنج: أين مشاريع الدولة إذاً؟
فرد الدردري: لازلنا في بداية الإصلاح، ويجب أن لا ننسى أننا نواجه حالات ليست طبيعية. هل يمكن أن يأتي مستثمر ويستثمر والحكومة هي التي تحدد وتراقب، وقوانين العمل والتأمينات بحاجة إلى إصلاح؟ كيف يستثمر أي إنسان وهو مجرد من الحماية، ولا يستطيع أخراج أمواله، ولا توجد مصارف حضارية يضع أمواله فيها؟
إحدى النقابيات قاطعته بالقول: إذاً نغلق منشآتنا ونؤجرها ونأتي بمؤسسات من الخارج، كما حدث في مؤسسة أبقار حماة.
الدردري: إن إنتاجية الاقتصاد السوري كانت منخفضة وكذلك إنتاجية اليد العاملة، وهذه القضية بحاجة إلى حل.
هنا تدخل جمال قادري في الحوار: هذا الاتهام غير صحيح، فالعلة ليست بالأيدي العاملة بل هي في الإدارات العاجزة.
فرد الدردري: عندما نقوم بالتحليل نقول أن هناك انخفاضاً في الإنتاجية، ولكننا بعد ذلك نتساءل: من الذي أوصلنا إلى هذه الحالة، والمسؤول واجبه أن يعرض الواقع لكي تتم المعالجة. لسنا هنا لتبادل الاتهامات، وأنا أرى أن المؤسسات ضعيفة وهذا بحاجة إلى حلول إصلاحية. فهناك ثلاثة أشياء يساء استعمالها في سورية: الطاقة والمياه والطاقة البشرية.
إن العودة عن الخطط الاقتصادية الموضوعة أمر غير مطروح، ولا نقاش حول ذلك، وهناك قرارات قادمة أصعب ولا نستطيع أن نقول أننا سوف نتراجع عن هذه السياسة الاقتصادية، ما لم يصدر توجه آخر، وسياستنا تتمثل فيما يلي: خلق مناخ استثماري وإزالة التشوهات، والاهتمام بالبعد الاجتماعي، والتدخل في السوق في أوقات الأزمات، وإعادة بناء مؤسسات الدولة.
هذه قواعد وأسس في الخطة لا يمكن التهرب منها، وهذه السياسة جنبت سورية أصعب المآزق الاقتصادية.
والمزيد من المداخلات
وبعد انتهاء الدردري من كلامه، فتح المجال أمام النقابيين لتقديم المزيد من المداخلات:
بلسم ناصر (عضو المجلس) حكومتنا أوجدت طريقتها الخاصة في الخصخصة
سأبدأ بالحديث عن القطاع الزراعي البالغ الأهمية في الاقتصاد الوطني، كونه ركيزة هامة في تمويل الموازنة العامة للدولة التي كانت سابقاً تصل إلى /35%/، أما الآن فهي لا تتجاوز الـ/25%/ ونتساءل لماذا؟ ونؤكد على ضرورة عدم تخلي الدولة عن دورها في دعمه بشكل مباشر، صحيح أن الإنتاج الزراعي تطور في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ، ولكن يؤخذ على هذا التطور أنه لم يترافق مع تطور في العمليات التسويقية بما يخدم تصريف المنتجات الزراعية وبالتنسيق مع جميع الوزارات والفعاليات المعنية، وخاصة بين وزارة الزراعة والاقتصاد والتجارة.
ثانياً: أكدنا ونؤكد دائماً، أننا مع استقدام الاستثمارات العربية ولكن نطالب بتوجيه هذه الاستثمارات إلى ما يخدم اقتصادنا الحقيقي في القطاع الزراعي أو الصناعي على حد سواء، فتعمل على تطوير صناعاتنا التحويلية، مما يؤدي إلى خلق حلقة متكاملة من الزراعة حتى آخر مرحلة في التصنيع.
ثالثاً: أرى أن يكون هناك دور أكبر لوزارة الزراعة في عملية التسويق من الفلاح إلى المستهلك كي لا يعود الربح الأكبر للوسيط على حساب المستهلك والفلاح في السوق المحلية. كذلك الأمر بالنسبة للصناعة التي تعاني من مشروع قرار وزارة الصناعة بإيقاف /17/ شركة ومعمل من معامل القطاع العام بحجة أنها خاسرة، ونتساءل: من يضمن أن لا يصبح حال الشركات الرابحة الآن خاسرة غداً إذا اتبعت الحكومة النهج نفسه الذي اتبعته مع تلك الشركات الـ17، وكأن حكومتنا الموقرة قد أوجدت طريقتها الخاصة في الخصخصة والقضاء على القطاع العام وذلك بإعلان إصلاح القطاع العام كشعار يتم من خلفه تمرير كافة القرارات والقوانين والتشريعات المؤدية لانكساره، وإلا كيف نفسر عدم قيام الدولة بأية مشاريع استثمارية جديدة في هذا المجال منذ عام الـ 2000.
لماذا لم تعمل الحكومة في ظل هذه الأزمة المالية والاقتصادية العالمية ومنعكساتها على فتح أسواق تصدير جديدة لمنتجاتنا كدول إفريقيا ودول شرق آسيا وأوربا الشرقية التي لا تتجاوز صادراتنا إليها سوى /10%/ فقط من إجمالي الصادرات؟ ولماذا لم تعمل على تمييز بعض صناعاتنا وتطويرها مستفيدة من تجارب دول أخرى.
من كل ما سبق أرى أن من أهم ما تحتاجه صناعتنا هو إيجاد آلية متابعة جدية للقرارات الصادرة لمعرفة نتائجها وآثارها، والمطلوب محاربة جادة للفساد ومحاسبة المفسدين في كل المجالات، ومن ضمن المقترحات إحداث مكتب للتنمية والاستثمار هدفه استثمار أموال الاتحاد العام واتحادات المحافظات في مشاريع استثمارية إنتاجية وخدمية، كالمساهمة في شراء بعض الشركات والمعامل المطروحة للبيع بسبب الخسارة بهدف المحافظة على القطاع العام والعمال من جهة واستثمار أموال الاتحاد في مجال يفيد الدولة والإنتاج.
جمال قادري (رئيس اتحاد عمال دمشق) الخطط الاقتصادية استندت إلى معلومات خاطئة
توجد أرقام في الخطة الخمسية ولكنها غير دقيقة وإن وجود أرقام خاطئة أخطر من عدم وجود أرقام. فعندما تكون نسبة النمو /7 %/ ولم يشعر المواطنون بهذا، فهذا يعني أن النمو يذهب للأغنياء أو أن هناك مبالغة في الأرقام.
إن الخطة استندت إلى معلومات خاطئة، ومعدلات الأجور تضررت في العامين الماضيين بسبب الغلاء ورفع الدعم ولابد من زيادة الأجور، ليس لأسباب اجتماعية وإنما اقتصادية للخروج من الركود.
إن النائب الاقتصادي قد أسقط الوطنية والأخلاق عن كل من ينتقد سياسات الحكومة، وأكد مرتين أن إنتاجية العامل السوري منخفضة، إن هذا الكلام غير مقبول و يؤثر على الطلب على العامل السوري، ويناقض الواقع.
حسين أحمد (عضو المكتب التنفيذي في الاتحاد العام) النقابات غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها
هناك ثلاث قضايا تقض مضجع الحركة النقابية:
أولها ديون النقابات على الحكومة وقد بلغت أكثر من /400/ مليون ل.س، وبالرغم من كل الوعود التي قطعتها الحكومة لا يوجد حل، وهناك كارثة حقيقية في المشاريع والنقابات، حيث أن النقابات أصبحت غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه العمال مما يؤثر على مصداقية الاتحاد العام أمام عماله.
وثانية القضايا هي قضية الضمان الصحي، فالأمراض في زيادة كبيرة ونوعية المرض تغيرت جذرياً، وابرز الأمراض السرطانات والقلب. وبالرغم من كل الوعود أدخل قانون الضمان الصحي إلى الثلاجة. ولا يوجد أي شخص في الحكومة يتحدث عنه بالرغم من الوعود التي قدمتها الحكومة منذ البدء بتطبيق اقتصاد السوق.
أما القضية الثالثة فهي قضية التأمين الصحي، وفيها تكمن المفاجأة، فالاتحاد يطالب شمول الصحة للعمال غير المشمولين تصب الحكومة اهتمامها على العمال الذين لديهم مظلة صحية، ويصدر مرسوم من الرئيس بالسماح للمؤسسة العامة للتأمين السورية بالتعاقد مع المؤسسات لتقديم الرعاية الصحية. علماً أن الاتحاد العام ليس ضد هذه الفكرة إذا كانت الغاية تحسين الخدمة المقدمة للعمال وإيقاف الهدر الشديد في الطبابة، لكن المفاجأة استبعاد منشآت اتحاد العمال الصحية من مشافي ومستوصفات من الشبكة المعتمدة لدى المؤسسة العامة للتأمين في تقديم الخدمة الصحية، علماً أن الاتحاد يملك مشاريع ومشافي تضاهي المشافي العامة. وكل هذه الإجراءات تمت دون دعوة الاتحاد العام للمشاركة وإبداء الرأي، ولا نعرف ما هي الأسباب، حتى أصبح لدينا شك بأن مشاريعنا الصحية المنتشرة في كافة أنحاء سورية أصبحت مستهدفة من قبل ذوي النفوذ، ونطلب التدخل السريع لحل هذه القضايا بالعمل وليس بالوعود.
نزار العلي (عضو المجلس) المواطن في سورية لا يثق بحكومته
نتساءل اليوم ومع انتهاء الخطة الخمسية العاشرة ماذا حققت الحكومة للمواطن إلا الأحلام الوردية والوعود والشعارات الطنانة، وحملته المآسي الاجتماعية والبطالة وتردي الواقع المعيشي، وازدياد الأغنياء غنىً والفقراء فقراً وتراجع دور الدولة الاقتصادي في حماية المواطن من قوى الاحتكار وحيتان المال المنهوب من الدولة.
إن المواطن في سورية لم يعد يثق بحكومته لأنها لم تستطع على الأقل أن تضع حلولاً اقتصادية لمشاكله الاجتماعية، فهي تتكلم عن عجوزات الموازنة العامة، ففي هذا العام وصل العجز في الموازنة العامة إلى /226/ مليار ليرة سورية، ومتوقع أن يصل في عام 2010 إلى /250/ مليار ليرة سورية وهو عجز حكومي بالطبع، وبعد أن ألغت الحكومة الدعم تدريجياً وحررت الأسواق والأسعار لمصلحة تجار البلد ومستغلي قوت الشعب ها هي تعجز عن إيجاد حل لدعم المازوت فالشتاء أتى ولم يأت الدعم، والحكومة قررت تعبئة استمارة المواطن وفق شروط تعجيزية قد تلغي بها الدعم، وعلى الوعد يا كمون، أما وزارة العمل فوعدت بصناديق المعونة الاجتماعية كما هو مخطط في الخطة الخمسية العاشرة، وقد أجرت مسحاً اجتماعياً حتى ظن المواطن طالب المعونة أنها أصبحت في جيبه، فتقاطر المواطنون على مراكز التسجيل دون جدوى.
أما عن قانون المنافسة ومنع الاحتكار، فلم يتم منع الاحتكار وبقي المحتكرون من التجار وأرباب العمل ومحدثي النعمة يتحكمون بالأسواق كما يشاؤون دون محاسب أو رقيب، فمادة السكر تحكم بها تاجران من مدينة حمص خلال شهر رمضان، ولم تستطع الحكومة أن توقف احتكارهما فارتفع سعر السكر إلى /35/ ل.س، وهؤلاء التجار هم من أصحاب الامتيازات والخطوة في الدوائر الرسمية، وهم يحتكرون الأسواق من أبوابها إلى محرابها وهم يقومون بتعطيل كافة القوانين والتشريعات التي تنظم حماية المواطن والمستهلك، ولم تتخذ أية إجراءات بحقهم.
لقد حررت الحكومة أسعار الأسمدة فوجهت بذلك ضربة موجعة لمعمل أسمدة حمص وللقطاع الزراعي، فبتنا نشاهد ظاهرة نزوح الفلاحين من المناطق الشرقية إلى المناطق الداخلية بسبب تحرير الأسمدة ورفع الدعم عن مادة المازوت.
إن النمو التي تتحدث عنه الحكومة هو نمو في قطاعات هامشية كالعقارات والمصارف ولا يوجد نمو حقيقي من خلال الصناعة الإستراتيجية، ولم نلاحظ حتى الآن أية إصلاحات في القطاع العام الصناعي والإنشائي رغم المطالبات العديدة لإصلاح هذين القطاعين ،ويبدو أن هناك جدية في تغير هويته الصناعية بطرحه للاستثمار العقاري والسياحي.
نطالب بإنشاء المجلس الوطني للاقتصاد السوري والذي يتكون من أطراف العملية الإنتاجية والمنظمات الحكومية وغير الحكومية ومختصين، وعقد مؤتمر اقتصادي نوعي لدراسة هوية وتوجهات الاقتصاد السوري، وإعطاء الشركات استقلاليتها الكاملة ومحاسبتها على الخسارة والربح، وإلغاء المركزية الشديدة والمحسوبية.
نزار ديب (عضو مجلس) هل ستحمينا وعود الحكومة من برد الشتاء؟!
نسمع حالياً أنه يتم الإعداد للخطة الخمسية الحادية عشرة، ونحن ننتظر نتائج الخطة الخمسية العاشرة وما أنجز منها وما لم ينجز، علماً أن الحكومة قد وعدت أن تعرض نتائج تنفيذ الخطة الخمسية العاشرة خلال النصف الأول من الخطة، فلماذا تبقى الحكومة متكتمة عليها وهل سيتم تقديمها أم لا، وكيف ستبدأ الحكومة بإعداد خطة خمسية حادية عشرة والخطة العاشرة غامضة؟!
ألم تقل الحكومة حاسبونا إن قصرنا في التنفيذ وحاسبونا على النتائج؟! إن التصريحات الحكومية الأخيرة حول عدم وجود أفاق لزيادة الأجور في المستقبل المنظور أثارت قلقاً واستياء في أوساط المجتمع، إذ أن الواقع يشهد ارتفاعاً مستمراً للأسعار، وجموداً في الأجور وتراجعاً في القدرة الشرائية وما يترتب على ذلك من تداعيات سلبية لاحقة على المستوى الاجتماعي والسياسي، فاعتراف الحكومة أن الحد الأدنى الحقيقي لمستوى المعيشة للأسرة الواحدة السورية هو /25/ ألف ليرة يذكرنا بالحد الأدنى للأجور /6/ ألاف ليرة سورية. وهذا التناقض بين الحدين يوضح الخلل بالاقتصاد، وكل اقتصاد لا يحقق التناسب بين الأجور والأرباح والتوازن بين الأجور والأسعار هو اقتصاد فاشل يجب إعادة النظر به والبحث عن نموذج اقتصادي يحقق هذا التوازن.
وإذا كانت الحكومة قد وضعت القطاع العام وشركاته ضمن ثلاثة نماذج: رابحة، حدية، وحسبي الله ونعم الوكيل كما سماها رئيس الحكومة، فمن حقنا أن نتساءل: من الذي أوصلنا إلى هكذا تسمية؟
إن الذي أوصل قطاعنا العام إلى هذا الواقع ليست الطبقة العاملة وليست الرعاية الاجتماعية التي يتحملها هذا القطاع، وإنما تم ضمن خطة واضحة من الحكومة وهي سياسة التخسير لهذا القطاع تمهيداً لخصخصته، وهذا ما يجري في الكثير من الشركات.
ولابد من الإشارة إلى إعطاء الحكومة للقطاع الخاص ترخيصاً بالعمل في المجال الجوي، وإعطاء ترخيص لشركة «لؤلؤة» ثالث شركة خاصة بعد شركة «أجنحة الشام للطيران» و«شركة طيران الشرقية»، وما يجري في القطاع النقل الجوي ينطبق على صناعات الأسمنت، فقد وقعت وزارة الكهرباء مذكرة تفاهم مع شركة شام القابضة تسمح لها بإقامة محطة خاصة لتوليد الكهرباء هي الأولى من نوعها في سورية بحجة الطلب المتزايد على الكهرباء، مع العلم أن هذه المجالات كانت محرمة على القطاع الخاص مما يشكل مخالفة للمرسوم التشريعي رقم /56/ الذي يحصر قطاع الكهرباء بالحكومة السورية.
إن الحكومة تخطط لإعداد برنامج طموح لمشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتقترح تنفيذ /10%/ على الأقل من الاستثمارات الإجمالية لتمويل البنية التحتية، اعتقد أن نجاح تجربة الشراكة بين القطاعين العام والخاص لا يتوقف على طبيعة الملكية وإنما يتوقف على كيفية إدارتها، والدليل على ذلك وجود شركات كثيرة للقطاع العام رابحة، وشركات خاسرة.
فهل تحمينا تصريحات ووعود الحكومة من برد الشتاء؟!، في العام الماضي جاء قرار الحكومة بتوزيع القسائم في 12 نيسان 2008، وكلنا نعلم ما خلفه من أزمات وازدحام شديد على محطات الوقود وإرهاق للمواطنين المحتاجين فعلاً. وفي هذا الإطار أتوجه إلى الحكومة والجهات المعنية بسؤال: ماذا اتخذت من إجراءات للحد من التعدي بالسرقة على خطوط النفط ((المازوت)) والتي مازالت قائمة حتى الآن بالرغم من كل التصريحات والتحذيرات من هذا الموضوع، والجميع يعلم أن الخسارات تقدر بمئات الملايين؟!
السؤال برسم الحكومة الموقرة.