اللجان النقابية.. ماض، حاضر.. ومستقبل
مع اقتراب موعد الانتخابات النقابية، تدور بين العمال، الكثير من الأحاديث، التي يسترجعون من خلالها كثيراً من القضايا المتعلقة بالإنتاج، وسلوكيات الإدارة تجاه العمال، وسلوكيات النقابة معهم. حيث يجري تقييم مَن مِِن النقابيين تعاون معهم، وكان همّه الدفاع عن مصالحهم ومكتسباتهم، ومَن لم يكن همّه سوى مصلحته الخاصة، وتنفيذ مآربه الشخصية. والسؤال الذي يطرح نفسه في مثل هذه الجلسات:
- ماذا يريد العامل من لجنة نقابية يختارها بملء إرادته، لتكون صوته ولسانه أمام الإدارة؟ تعبر عن همومه ومشاكله، وتطالب بحلول شاملة وحقيقية لها؟
- يريد العامل من اللجنة النقابية إيصال صوته بصدق ووضوح للمعنيين باتخاذ قرار يضمن له، كما يجب لكل مواطن، كرامته وحريته.
وللوصول إلى الشكل الأمثل من العمل النقابي، علينا أن نضع طبقتنا العاملة أمام مسؤولياتها وواجباتها، كضمانة أكيدة للحصول على حقوقها، والدفاع والحفاظ على مكتسباتها. المسؤولية تكمن في دقة وحسن اختيار ممثليها للجنة النقابية، وإعطاء الثقة لمن يستحقها، والواجب يكمن في الدفاع عن هذا الاختيار الحر.
لقد وصلت اللجان النقابية في الفترة الأخيرة، وللأسف، إلى وضع لا يحسد عليه العامل. فبدل أن تكون كلمته وصوته المطلبي، أصبحت أداة قمع في يد الإدارة، ضده. منطلقة من مقولة (النقابات والحكومة،فريق عمل واحد. النقابات والحكومة شركاء). وفي هذا صورة واضحة لعمال الخماسية. فمثلاً كانت التعميمات الداخلية في بداية التسعينات، وحتى ما بعد منتصفها، توقَّع من قبل اللجنة النقابية،تحت مقدمة (قررت اللجنة النقابية في الشركة....كذا) والتوقيع لرئيس اللجنة النقابية. وفي النصف الثاني من التسعينات فقدت اللجنة النقابية هذا الامتياز، وأصبحت التعميمات تحمل توقيعين، يؤسفنا أن نقول إن توقيع اللجنة النقابية، يأتي فيهما درجة ثانية، حيث أصبحت المقدمة (قررت اللجنة الإدارية في الشركة بالاتفاق مع اللجنة النقابية... كذا)، والتوقيع الرئيسي لرئيس اللجنة الإدارية،المدير العام، وبجانبه توقيع ثانوي لرئيس اللجنة النقابية. وفي السنوات الأخيرة ألغي حتى وجود توقيع، أو مجرد رأي للجنة النقابية، في ما يجري داخل الشركة. ولم يعد لها أي دور في رسم خطة العمل أو الخطة الإنتاجية. وأصبحت التعميمات تأخذ الشكل (قررت اللجنة الإدارية في الشركة...كذا)، وبتوقيع منفرد لرئيس اللجنة الإدارية، المدير العام. واقتصر دورها على الرحلات الترفيهية في كل مناسبة، مع وحدة الشبيبة في الشركة، أو مع إدارة النادي الصيفي لأبناء العمال، وفي حدها المطلبي الأقصى قد تساعد عاملاً أو عاملة في الحصول على إجازة مرضية من المستوصف.
ليست هذه فقط، هي المهام المنوطة باللجنة النقابية، في منشأة صناعية كبيرة. بل عليها الوقوف، كصخرة صمود عنيدة، يستند عليها العامل في تحقيق مطالبه ومنها:
• الحفاظ على صحة العامل، وتحقيق أمنه الصناعي، وسلامته المهنية. وذلك بالدعوة لاتخاذ التدابير الوقائية كافة التي تضمن ذلك.
• الوقوف بوجه الفاسدين والمفسدين، الناهبين لقوت الشعب وعرق العمال، ومحاسبتهم، وإحالتهم إلى المحاكم المختصة، لاسترداد أموال الشعب. - أن تكون اللجنة النقابية الملاذ الآمن الذي يلجأ إليه العامل، في طرح مشكلاته، وأن تعمل جاهدة على حل تلك المشكلات والمعوقات،نفسية كانت أو اقتصادية أو خدمية، وفي هذا حافزٌ للعامل على زيادة إنتاجه.
• أن تنفصل النقابات عن العمل السياسي الموتور، وأن تنظر إلى كل العمال نظرة متساوية، لا تفريق فيها ولا محسوبيات. ومعاملة الجميع بالتفضيل على أساس الإنتاج - والأهم من كل ما سبق، هو العامل الإقتصادي، ذلك السيف المسلط على رقاب العمال، والذي تحاربهم به، وهو الحوافز المادية المساندة للراتب، التي تقررها اللجان المالية في المنشآت، على حسب التسويق. وفي هذا ظلم كبير، إذ أن العامل غير مسؤول عن تسويق المنتج، أو تكديسه في المستودعات. فهو ملزم فقط بالخطة الإنتاجية، وجودة المنتَج حسب المواصفات المعدة مسبقاً من لجان التخطيط، وله الحق بالحصول على كامل الحوافز الإنتاجية المتناسبة مع إنتاجه، بغض النظر هل تم تسويق المنتَج أم لا.
• المطالبة بحق الإضراب والاعتصام المطلبي للعمال، من أجل مطالبهم والدفاع عن مكاسبهم، للوصول إلى كامل حقوقهم بجدارة وكسب حقيقي.
• والذي يضمن للعامل كل ما تقدم من مطالب، ويحفظ له ما يحقق من مكاسب، هو صدور قانون إصلاح شامل للقطاع العام، يكون مدروساً ومتكاملاً، وتكون مصلحة العامل فيه فوق كل المصالح.