اتفاقية الشراكة السورية القطرية... مخاطر تهدد حقوق العمال والاقتصاد الوطني
ناقش مجلس الشعب في جلسته المنعقدة بتاريخ 14/6/2007 مشروع قانون يتضمن اتفاقية الشراكة السورية القطرية للاستثمار الموقعة بتاريخ 6/5/2007، وما نود قوله بخصوص بعض البنود التي تضمنتها الاتفاقية، والمتعلقة بإعفاء الشركة والشركات التابعة لها من تطبيق المرسوم التشريعي رقم (49 لعام 1962)، الخاص بقضايا تسريح العمال، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من الإعفاءات، والمزايا الممنوحة للشركة، وشركاتها التابعة بالإضافة إلى أن الاتفاقية لم تشر إلى ضرورة تقيد الشركة بتنفيذ أحكام مقاطعة إسرائيل، والكل يعلم بما فيها الحكومة الموقعة على هذه الاتفاقية حجم العلاقات السياسية، والاقتصادية لدولة قطر مع العدو الصهيوني، ليس هذا فقط، بل تلعب قطر دور العراب لكثير من القضايا السياسية، وهنا لا بد أن نشير إلى الدور الذي من المفترض أن يلعبه أعضاء مجلس الشعب من ممثلي القوى السياسية الحريصة على المصلحة الوطنية بشقيها السياسي والاقتصادي، وخاصة ممثلي العمال في المجلس بالتصدي لمثل هذه الاتفاقيات التي تبيح الوطن باقتصاده، وعماله لشروط هذه الاتفاقيات، واللاهث على إنجازها الفريق الاقتصادي بكل قوة وعزم، دون النظر بالمخاطر التي تترتب على مثل هذه الاتفاقيات.
إعلام الشعب بما يدور داخل مجلس الشعب:
فعلت خيراً جريدة النور وصوت الشعب بإعلامنا عن رفض الشيوعيين داخل المجلس لبنود الاتفاقية على صفحاتها وهذه خطوة مهمة لابد من تفعيلها، وتطويرها لتشكيل موقف داخل المجلس وخارجه لفضح التبريرات الكثيرة التي تقوم بها الحكومة من وقت لآخر، لأخذ موافقة المجلس على الكثير من القضايا المضرة بمصالح الشعب السوري مثل قانون الاستثمار الجديد (8،9) البديل للقانون (10)، والذي أعطى المستثمرين الكثير من الامتيازات، والإعفاءات دون مقابل أو مردود حقيقي يعود على الاقتصاد الوطني.
وبالعودة إلى المرسوم (49) فإن إعفاء الشركات الاستثمارية، ومن قبلها شركات القطاع المشترك من أن يكون المرسوم (49) هو المرجع للبت بعمليات تسريح العمال، وليس العقد المبرم بين العمال وإدارات هذه الشركات، خاصة وأن هذه العقود لا تشارك بها النقابات لا من قريب، و لا من بعيد، بحيث يترك العامل لمصيره يواجه هذه الشركات بمفرده دون سند قانوني يحميه أو سند نقابي، وهذه القضية مخالفة لاتفاقيات العمل الدولية، ولقانون التنظيم النقابي الذي يشير إلى أن النقابات هي ممثلة العمال في كل ما يتعلق بعقود العمل الفردي والجماعي، حيث يمنع عدم تمثيل العمال في هذه العقود النقابات من إمكانية الدفاع عن حقوق العمال في هذه الشركات، وهذا تطبيق عملي لشعار (العقد شريعة المتعاقدين)، الذي يجري جدل واسع حوله في مشروع تعديل قانون العمال (91 لعام 1959)، والذي رفضته النقابات باعتباره عقد إذعان، بسبب الشروط غير المتكافئة بين أرباب العمل والشركات الاستثمارية من جهة وبين العمال من جهة أخرى، خاصة في ظل بطالة واسعة في سوق العمل تجعل أرباب العمل يفرضون الشروط الأجرية وغير الأجرية المناسبة لهم، وهذا يعطيهم مقدرة أعلى لضبط حركة العمال وقدرتهم على الدفاع عن حقوقهم، خاصة وأن الحركة النقابية لم تجد الصيغة والآليات الضرورية لحماية هؤلاء العمال والدفاع عنهم من خلال تنسيبهم للنقابات، مما زيد من الأعباء والضغوط عليها، وهذا ما يسعى إليه أرباب العمل، ومن يساندهم قانونياً ومصلحياً من أركان الحكومة.
إن وجود ممثلين للعمال في مجلس الشعب يحمّل هؤلاء المسؤولية الإضافية بضرورة التصدي لهذه الاتفاقيات المضرة بالمصلحة العامة وتحديداً بحقوق العمال وهذا يعني ذلك ضرورة وضع هذه الاتفاقيات أمام العمال، والكوادر النقابية في المؤتمرات وغيرها لتقول رأيها، ويساهم العمال بشكل فعّال بالدفاع عن حقوقهم ومصالحهم وأن لا تبقى حبيسة جدران مجلس الشعب ومعزولة عن أصحاب المصلحة الحقيقيين.