بصراحة التحديات تواجهنا.. ما العمل؟؟
كلما برزت قضية لها تأثيرها المباشر على مصالح الشعب السوري، وتحتاج إلى موقف (القضايا كثيرة الآن)، تقفز إلى الواجهة مجموعة من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابة واضحة أهمها:
ما العمل؟؟ هذا السؤال الشهير الذي يتردد دائماً في المآزق، والمنعطفات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وهي كثيرة - والحمد لله-، بسبب الصراع الذي تعيشه البلاد بين مشروعين أو برنامجين:
برنامج قوى السوق الكبرى الذي يجري تنفيذه (بمعلمية عالية) ومتدرجة، تمكن أصحابه من تحقيقه دون ردات فعل قوية تؤدي إلى إعاقة شاملة له، مستخدمين التشريعات والقوانين الضرورية التي تسمح لهم بطرح برنامجهم، والعمل على تنفيذه، تساعدهم على ذلك السياسات الحكومية الداعمة لقوى السوق الكبرى على حساب فقراء الشعب السوري، وعلى حساب الاقتصاد الوطني الذي يستباح الآن من خلال الامتيازات والإعفاءات والتسهيلات للشركات الاستثمارية القابضة وغير القابضة (الشركة السورية القطرية) نموذجاً.
البرنامج الآخر، البرنامج الوطني الذي خياره الأساسي خيار المقاومة الشاملة للعدو الخارجي والعدو الداخلي، ولكن القوى التي تتبنى هذا الخيار قوى مفككة، وبلا هياكل تنظيمية، ولا يمكن أن تلعب دوراً فاعلاً في مواجهة تلك القوى الموحدة، لأن وضع التفكك، والتشرذم لا يستطيع أن يعدّل ميزان القوى المختل لصالح أصحاب الملايين، والمتنفذين القابضين على مقدرات البلاد والعباد.
في المبادرة التي طرحتها اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين، والموجهة إلى كل الفصائل، والتيارات، قواعد، وكوادر، وقيادات الحركة الشيوعية السورية تتضمن في مضمونها جزءاً من الإجابة على سؤال ما العمل؟ والتي إذا قدّر لها النجاح في سعاها ستتمكن من وضع العربة على السكة الصحيحة، والسير باتجاه تأمين الحد الأدنى الضروري من وحدة العمل المشترك بين الفصائل والتيارات بغض النظر عن الموقع التنظيمي، لأن هذا الموقع لا معنى له أمام ما يواجه شعبنا من تحديات واستحقاقات وطنية وطبقية تهدد كيانه ووحدته إذا ما نجح الإعداد في برنامجهم، ويجب ألا ينجحوا.
إن العمل على تحقيق هذه المبادرة سيكون خطوة هامة باتجاه تعزيز الوحدة الوطنية والتي يشكل الشيوعيون جزءاً هاماً فيها، الأمر الذي سيعكس نفسه بالضرورة على مجمل الحركة الوطنية والحركة الجماهيرية، وخاصة الطبقة العاملة السورية التي جرى ويجري الهجوم على مكاسبها وحقوقها بكل الأشكال والطرق، وفرض عليها سياسة الأمر الواقع، والذي عليها القبول بها، وتقبيل الأيادي من أجل استمرارها (حيث ليس بالإمكان أفضل مما كان)!!، هذا هو برنامج قوى السوق وحلفائهم تجاه الطبقة العاملة.
إن المعركة الانتخابية القادمة التي ستخوضها الطبقة العاملة السورية ليست حدثاً عابراً، ولا مناسبة يجري الاحتفال بها، بل هي معركة على درجة كبيرة من الأهمية لما يحيط بها من ظروف وتطورات أثرت، وسيستمر تأثيرها على حياة الطبقة العاملة، ومستقبلها من حيث حقوقها، ومكاسبها، وقدرتها على الدفاع عن وجودها، فالمطلوب منها الآن في ظل اقتصاد السوق أن تقبل بما يقدم لها من فتات دون اعتراض أو تذمر، ويساعد على ذلك وجود قوى وطنية، ومنها الحركة النقابية والفصائل الشيوعية التي ارتضت لنفسها موقع الوسط بين الرأسمال (الحكومي والخاص)، وبين الطبقة العاملة، فلا هي نالت رضى الرأسمال، ولا نالت ثقة الطبقة العاملة، وهذا يعني ضرورة تجاوز ما نحن فيه من أعمال متفرقة ومبعثرة، لا تغني، وتؤدي إلى مزيد من القوة والفعل لقوى السوق، ومزيد من الاستغلال للطبقة العاملة.
إن المطلوب الآن توحيد إرادتنا في الدفاع عن الطبقة العاملة السورية، وأن نناضل معاً من أجل خوض المعركة الانتخابية النقابية كي يصل المناضلون الحقيقيون القادرون على الدفاع مع الطبقة العاملة عن حق العمال في زيادة أجورهم، وتحسين مستواهم المعيشي، والدفاع عن موقع العمل، وعن الإنتاج الوطني، وتخليص القطاع العام من ناهبيه، لأن المعركة شاملة من أجل سورية، وتحتاج إلى إرادة الشيوعيين وصلابتهم، وسيقدّر لنا الشعب ذلك إن فعلنا.
adel @kassioun.org