بصراحة أجور العمال... مطلب دائم للنقابات
في خطه أمانة العمل لعام 2008 للإتحاد العام لنقابات العمال، إشارة واضحة ومباشرة لمطالب عمالية هامة، طرحها النقابيون في المؤتمرات، وطالبوا الحكومة بتحقيقها، وأمانة شؤون العمل تؤكد عليها مرة أخرى، منها تثبيت العمال المؤقتين، وتعديل صكوك استخدام العمال الموسميين، بحيث يشملهم الترفيع عن المدة التي يتم استخدامهم فيها، إذا كانت متصلة أو منفصلة، ومنحهم تعويض طبيعة العمل، كما هو حال عمال المحالج وعمال الكونسروة، بالإضافة إلى أمور أخرى. ولكن البند الأهم في خطة العمل هذه، هو (إيلاء الأجور الأهمية القصوى، من أجل تحسين الحياة الاجتماعية للعاملين).
إن طرح هذا البند في خطة عمل الإتحاد له أهميته، مع أن الزيادة الأخيرة 25 % لم يمضِ عليها أيامٌ، وهذا يعني أن الزيادة لن تستطيع سد الفجوة الكبيرة بين الأجور والأسعار، بل إن الأجور انخفضت قيمتها عما كانت علية قبل الزيادة، لأن الأسعار، وخاصةً النقل، قد ارتفعت إلى الضعف، فتضاعفت التكاليف التي ستتحملها أجور العاملين، بالإضافة لارتفاع أسعار العديد من المواد التموينية ذات الاستهلاك اليومي مثل الأرز، البرغل، والخضار والزيوت، وغيرها من المواد.
لذلك، وحتى تكون الزيادة المطالب بها عملية وواقعية، لا بد للإتحاد العام من اعتماد سلة أسعار شهرية أو ربعية يجري من خلالها رصد التغيرات في الأسعار، وبالتالي تقدير الزيادة المطالب بها لتحقق مستوى معيشة للطبقة العاملة، متناسباً مع مستوى الأسعار المتغير، باعتبار أن الدولة قد استولت على جزء من أجور العمال عبر رفع الدعم عن كثير من المواد، وأهمها المشتقات النفطية، لصالح قوى السوق الكبرى، حيث أصبحت أجور العمال عارية ومكشوفة، ولا ساتر لها (إلا رحمة الله)، فوسطي أجور العمال (7000) ل.س، ارتفع هذا الوسطي بمقدار الزيادة الأخيرة بالنسبة لعمال القطاع العام بمعدل (1750) ل.س، وهذا المبلغ الزهيد لا يساوي شيئاً أمام ارتفاع الأسعار، فهي لم تغطِّ الخلل السابق بين الأجور والأسعار، فكيف الحال الآن، خاصةً وأن الكثير من المكاسب التي منحها القانون /50/ للعمال، مثل طبيعة العمل والوجبة الوقائية واللباس والعمل الإضافي والحوافز الإنتاجية والطبابة المجانية، يجري تقليصها و(خصورتها)، إلى الحدود الدنيا بدعوى ضعف الموارد لدى الشركات، وإن هناك الكثير من الشركات متوقفة عن العمل، ولا يوجد لديها ما تدفعه من أجور لعمالها، محمّلين بذلك العمال مسؤولية وتبعات ضعف وقلة الموارد لدى الشركات المتوقفة عن العمل، تمهيداً للخلاص منها، وفقاً للوصفات والحلول التي تطرحها الحكومة، التي رفعت دعمها عن المواطن والعامل، عبر تحريرها للأسواق والتجارة، حيث كان العامل يعوض جزءاً من انخفاض أجره بذاك الدعم الذي تقدمه الدولة، ولكن الآن، طالما أن الدولة أخذت تقلص دعمها ودورها التدخلي في تحقيق الحد الأدنى لمستوى المعيشة للعامل، فإن النضال من أجل زيادة الأجور لا بد أن تكون له الأولوية في برامج الحركة النقابية، وفي حركتها على الأرض، عبر مختلف الأشكال، لأن الظروف السابقة، جعلت الحركة النقابية تغض الطرف قليلاً عن المطالبة بزيادة الأجور، باعتبار أن هناك ما تعوض به الدولة على العامل ضعف أجره، ولكن الظروف الآن تغيرت، حيث تخلت الدولة عن دورها التدخلي، وأصبحت الحكومة منحازة في برامجها وسلوكها لصالح رأس المال، وأعطته الدور الرئيسي في التحكم برقاب البلاد والعباد، ومقابل رأس المال، فإن العمل أيضاً لابد أن ينتزع حريته بالدفاع عن مصالحه، ومنها الأجور، وتصحيح المعادلة المختلة، التي تجعل الطبقة العاملة تحت خط الفقر، مما يعني ارتفاع درجة حرارة التوتر الاجتماعي، الذي تدفع باتجاهه قوى السوق الكبرى وحلفاؤها، لخلق فوضى عارمة في المجتمع والدولة، حيث يكونون هم الرابحين منها، سياسياً واقتصادياً، وحتى تستطيع الطبقة العاملة السورية تصحيح معادلة (الأجور، الأرباح) لصالحها، فإنها تحتاج إلى دعم كل القوى الوطنية الشريفة، وفي مقدمتها الحركة النقابية، التي تتجه أنظار الطبقة العاملة السورية، وخاصة عمال القطاع الخاص، إليها في قيادة معركتنا الوطنية هذه، والتي هي جزء من معركة الشعب السوري، في مواجهة المشروع الاستعماري الأمريكي الصهيوني، الذي يترنح الآن تحت ضربات المقاومة، ولابد أن نستكمل هذا الدور عبر توجيه ضربات موجعة لقواه الداخلية، وذلك بالنضال من أجل أجور عادلة للطبقة العاملة، على حساب الأرباح المرتفعة، الأمر الذي سيكون تحقيقه أسرع بتبني الحركة النقابية لحق الإضراب والاحتجاج السلمي، للطبقة العاملة السورية، هذا الحق الذي كفلته قوانين العمل الدولية، وكذلك الدستور.
■ عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.