نزار عادلة نزار عادلة

تساؤلات نقابية!!

منذ بداية التسعينات من القرن الماضي، وأمام التحولات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الجذرية التي جرت في العالم، بدت الحركة النقابية السورية، وكأنها تقف على أعتاب مرحلة يخطو فيها الزمن بخطوات بطيئة متثاقلة، وكأنه لا يخطو خطوة واحدة إلى الأمام، ومن يتأمل الواقع العام يلاحظ أن الموقف الاجتماعي السياسي للطبقة العاملة كان غائباً عن مسرح الأحداث، في حين يقول الواقع أن كل فراغ اجتماعي وسياسي يشكو منه الواقع بأنه الفراغ الذي لا تسده إلا قوة كبرى كقوة الطبقة العاملة.

ولكن هذا سوف يظل مطلباً دائماً.
لاشك أن التناقضات قائمة وتحدث كثيراً من الهزات والاضطرابات، ولكنها هزات عفوية، و اضطرابات لا هدف لها، وكثيراً ما تؤدي الصراعات العفوية إلى انفجارات هائلة. ولكنها فاشلة لأن هناك عوامل داخلية وخارجية تتحكم في ظروف التطور أو هي من النوع الذي يؤدي إلى خلق حالة من التدجين للشعور الطبقي لإخماده أو خلق الأجواء التي لا تساعده على الاستيقاظ.
ومن أخطر هذه الأجواء، المجتمع الاستهلاكي، الذي يعتمد على ترسيخ سلبياته الاقتصادية على فعالية الفرد، إنه يحيي مفهوم «العصامية» الشخصية، ويوقظ نزعات الانفصام عن المجتمع والطبقة للانطلاق في مشروع مزري للخلاص، والنظام الاستهلاكي يسيطر بقوة، ويحصر الإنسان في دفعه نحو الربح السريع مهما كان الثمن.
السلعة تحل محل كل القيم والعلاقات الإنسانية، وفي وضع مثل هذا تصبح طبقة التجار والخدمات محور الفعالية الاقتصادية، إذ أنها تستقطب كل النشاطات وكل الاهتمامات، وتعطل كل ما لدى المجتمع من طاقات إنتاجية، ويصيب التحلل والتفسخ كل المجتمع، ويصل أولاً إلى البيئة العمالية التي لم يكتمل نموها ووعيها والتي لم يحل فيها الولاء النقابي والطبقي محل الولاء العائلي والعشائري والطائفي، يأتي الجو الاستهلاكي ليشكل أخطر المناخات الاقتصادية والاجتماعية، ليقضم بأسنانه الحادة الأواصر الطبقية، ويحول الطبقة العاملة ونقاباتها إلى جحر يتسرب منه المضمون.
وبلداننا العربية بشكل عام، بلدان استهلاكية يتم إخضاعها بالسلعة والسوط. وقد بدأ التدجين الاستهلاكي يعطي نتائجه المباشرة.
ومع ذلك فإن السؤال الأساسي الذي يبدو سؤالاً ملحاً، خصوصاً وأننا أمام دورة نقابية جديدة:
كيف يمكن للطبقة العاملة ونقاباتها أن تواجه المخاطر؟
لا شك أن الجواب يبدو صعباً، أمام تساؤلات أخرى:
هل النقابات مستوفية شروطها؟
كيف تمارس النقابات دورها الاجتماعي والسياسي؟ ما هو البرنامج المرحلي للنقابات؟