قانون العمل الجديد.. محور متقدم على جبهة عريضة هل تكمل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.. ما بدأه الفريق الاقتصادي؟!
كل المؤشرات والوقائع تؤكد أن المرحلة الحالية، ستشهد معارك عنيفة وطويلة المدى بين الفعاليات الوطنية من قوى سياسية ومنظمات وجماهير شعبية ونقابات، من جهة، وبين أصحاب المناهج الليبرالية الجديدة في الحكومة ومن لف لفها من خارجها من جهة أخرى، في جبهة عريضة ومتشعبة تطال جميع المناحي والقطاعات..
الأدلة على ذلك كثيرة ومتعددة الأوجه ولها أكثر من مستوى، وقد بدأت تطفو على السطح عملياً مع مطلع الألفية الثالثة حين ظهرت الدعوات الأولى الصريحة للخصخصة بموجاتها المتعددة، ومن ثم طرح بعض شركات القطاع العام الرابحة للاستثمار والتأجير، وما تلاها من تحجيم لدور الدولة في الرعاية الاجتماعية والتخطيط الاقتصادي، وأخيراً وليس آخراً محاولات رفع الدعم المتكررة الفاشلة التي طرحها الفريق الاقتصادي في الحكومة، وهنا مربط الفرس.
فمع اشتداد معركة الدعم الأخيرة بعد السيناريو الخطير الذي طرحه الفريق الاقتصادي، وانشغال الجميع بهذا الملف، استغلت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ديالا الحاج عارف ذلك، وحاولت، وما تزال، تمرير قانون العمل الجديد الذي فصّلته وزارتها على قياس قوى السوق الكبرى، وتبذل أقصى ما تستطيع من جهد لجعل هذا القانون نافذاً.
فقد علمت «قاسيون» أن القانون الجديد للعمل المجحف والمستخف بحقوق العمال، هو قيد الدراسة حالياً من اللجنة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء، ويبدو من خلال توجهات الحكومة أنه بات قاب قوسين أو أدنى من اعتماده، ولم يبق إلا عرضه على مجلس الشعب للتصويت عليه بغية إقراره!!
ونمي إلينا أن اتحاد نقابات العمال قد أعد مذكرة هامة سيرفعها إلى رئاسة مجلس الوزراء، يعترض فيها على القانون الجديد، مضمناً إياها النقاط التالية:
- رفض مبدأ (العقد شريعة المتعاقدين) الذي يشكل صلب القانون الجديد، حيث يرى اتحاد نقابات العمال، حاله كحال الطبقة العاملة التي يمثلها، أن هذا المبدأ قد ينفع في التجارة والإيجار والبيع والشراء، ولكنه لا ينفع في تنظيم العلاقة بين طرفين أحدهما قوي هو رب العمل، والثاني ضعيف هو العامل، إذ يصبح هذا العقد في الظروف الحالية التي وصلت فيها البطالة إلى حدود مريعة وتآكلت الأجور، بمثابة عقد إذعان، تخسر فيه الطبقة العاملة جميع المكاسب والضمانات التي حققتها بنضالها الطويل.
- رفض أية محاولة لإلغاء (لجان قضايا تسريح العمال) التي تفصل في القضايا العمالية، التي عُرفت تاريخياً بالنزاهة وإنصافها للعمال، وهذه اللجان لمن لا يعرف تضم ممثلاً عن النقابة المعنية، وآخر عن الحكومة، وثالثاً عن أرباب العمل، ويرأسها أحد القضاة، وقد استطاع العمال السوريون في مطلع الستينات أيام حكم الانفصال، أن يحققوا هذا المكسب من خلال إضرابات واعتصامات غاضبة استمرت شهوراً أسفرت عن إقرار القانون (49) الذي يأتي الآن أشخاص من حكومة يفترض أنها وطنية – تقدمية، لسحبه من أيدي العمال وحرمانهم من مكتسباته..
- رفض مقترح الحكومة بإعطاء رخص لفتح مكاتب لتوريد العمالة الأجنبية، ومكاتب وسيطة لتشغيل العمال السوريين، واعتبار ذلك بمثابة (سوق نخاسة) معاصر، حيث ستنوب هذه المكاتب عن العمال في تحديد الحقوق كافة، وستصبح هي الشريك المباشر، المتواطئ مع أرباب العمل ضد مصالح العمال، وبالتالي سيضطر العمال، وهم بأمس الحاجة للعمل، أن يعملوا في ظروف وأجور مجحفة..
لقد خاضت الطبقة العاملة السورية نضالاً مريراً ومتواصلاً لتحقيق بعض المكاسب التي ساهمت نسبياً في تحسين أوضاعها، وها هي الحكومة الحالية، تلهث وراء ضرب هذه المكاسب، في سعي يبدو أن غايته تجويع العمال وإذلالهم.. ترى ماذا تريد من وراء ذلك؟؟