بصراحة الأول من أيار عيد المقاومة العالمي
(ليست العولمة الرأسمالية مرادفاً لهزيمة نهائية للحركة العمالية، فكما في السابق يعيد الرأسمال بشكل كامن إنتاج شروط نفيه)..
في الأول من أيار من كل عام تنتفض الحركة العمالية في أرجاء المعمورة، نازلة إلى الشوارع، والساحات لتؤكد استمرارية الصراع بين العمل، والرأسمال المتوحش، الذي يعيش أزمة بنيوية حقيقية، تجعله أكثر شراسة في تصعيد هجومه على مقدرات الشعوب، وعلى حقوق ومكاسب الطبقة العاملة التي حققتها بفعل نضالها البطولي في مراحل سابقة من توازن القوى العالمي، حيث أتاحت لها تلك التوازنات انتزاع الكثير من المكاسب، وتثبيت الكثير من الحقوق.
لقد ابتدعت الشركات الاحتكارية المتعددة الجنسيات الكثير من الطرق لإضعاف الحركة العمالية وتجريدها من عناصر قوتها وشل قدرتها على المقاومة، بأن نقلت الكثير من الصناعات إلى دول شرق آسيا، ودول أخرى تحت شعار اليد العاملة الرخيصة والمنضبطة، بالإضافة إلى تصنيع اتحادات نقابية في بلدانها تستجيب لشروط تلك الشركات الاحتكارية، ولكن رغم ذلك استطاعت الحركات العمالية أن تنهض من جديد، وتكيف نفسها مع الواقع الجديد، وتخوض نضالها، وأنصع برهان على ذلك الإضرابات الواسعة في فرنسا وكوريا الجنوبية واليونان والصين والمغرب والولايات المتحدة الأمريكية.
إن تصاعد نضال الطبقة العاملة على الصعيد العالمي هو تعبير عن استعادة دورها الريادي في مواجهة الاستغلال والاحتكار، ولتشكل مع الحركات الاجتماعية المناهضة والمعادية للمشاريع الامبريالية جبهة مقاومة واسعة، داعمة بذلك المقاومات الأخرى في العالم، ومنها منطقتنا العربية التي هي في خط المواجهة الأول في التصدي للعدوانية الأمريكية الصهيونية على أوطاننا، حيث بدأت الطبقة العاملة في منطقتنا تستعيد دورها ومبادرتها في التصدي للسياسات الليبرالية وللمشاريع الأمريكية والصهيونية، كما عبرت عن ذلك الطبقة العاملة المصرية في انتفاضتها الأخيرة ضد السياسات الليبرالية التي فرطت بمقدرات الشعب المصري الاقتصادية والسياسية، وأيضاً ضد سياسة التطبيع مع العدو الصهيوني التي فشلت إلى الآن في تحقيق نتائج ملموسة يقبل بها الشعب المصري وقواه الوطنية بالرغم من كل أشكال الترغيب والترهيب التي مارسها ويمارسها النظام المصري، حيث كان يعد فيها الشعب المصري بالرخاء والنعيم والرفاهية، ولكن ما حصدته الطبقة العاملة المصرية والشعب المصري هو الفقر والجوع والبطالة، نتيجة لتلك السياسات المعادية.
إن نهوض الطبقة العاملة المصرية بقواها الذاتية وبقياداتها الميدانية الجديدة التي تكونت عبر سنوات من الكفاح البطولي اليومي، ستشكل رافعة حقيقية للنضال الوطني المصري في مقاومته، بالرغم من خيبة أملها في الكثير من القوى التي من المفترض أن تكون معها على خط النار الأول، والتي بقيت متفرجة، وعلى الحياد.
إن كل ذلك يستدعي التفكير في المآل الذي ستوصلنا إليه السياسات الليبرالية التي ينفذها الفريق الاقتصادي، وقوى السوق الكبرى، بدعم جدي من القوى الرأسمالية العالمية المتمثلة بصندوق النقد الدولي والبنك الدولي اللذين يقدمان الوصفات والدراسات لما يجب أن يكون عليه اقتصادنا الوطني، ولا يهم أصحاب السياسات الليبرالية إن جاع العمال والفقراء من أبناء شعبنا، أو لا!! طالما أن ذلك يحقق (الإصلاح المطلوب) من وجهة نظرهم.
إن الطبقة العاملة السورية ذات التاريخ العريق في النضال الوطني والطبقي، حيث ترعرعت واشتد عودها في غمرة النضال الوطني الذي خاضه شعبنا السوري ضد الاستعمار وضد الديكتاتوريات ومشاريع الأحلاف الاستعمارية، لن يطول انتظارها لترد على سياسة الإفقار والتجويع والحرمان، بل ستقول كلمتها كما كانت تفعل سابقاً، ولن تفيد كل الرتوشات والمساحيق وسياسات التضليل التي تمارس الآن تحت مسميات كثيرة لتحييد وتهميش الطبقة العاملة السورية لكي لا تمارس دورها في مقاومة تلك السياسات الليبرالية الكارثية.
وفي هذه المناسبة، مناسبة الأول من أيار، نتوجه إلى الطبقة العاملة السورية وإلى الحركة النقابية بتشديد نضالها والانتقال من مرحلة الدفاع والممانعة إلى مرحلة الهجوم الذي تتطلبه الظروف الحالية الصعبة المتمثلة بالتصعيد السياسي الإمبريالي الأمريكي والصهيوني والتهديد العسكري، مما يتطلب تحصين جبهتنا الداخلية وتعزيز وحدتنا الوطنية، وبذلك تتحقق كرامة الوطن والمواطن.