تساؤلات دون إجابة....؟ الفريق الاقتصادي أدخل المواطن في متاهة رفع الدعم! التنظيم النقابي أمام تحدي المسؤوليات والواجبات الوطنية!

مع ارتفاع وتيرة الاستياء الشعبي والإعلامي تراجع الحديث الآن عن رفع الدعم أو كما يحلو للفريق الاقتصادي أن يسميه /إعادة توزيع الدعم على مستحقيه/ المعركة الكلامية والإعلامية بعد أن أشارت الحكومة إلى عدم التعاطي معها إعلامياً، والواضح أن هذا السكوت الحكومي غير المألوف عن القضية لم يأت نتيجة مراجعة قام بها الفريق الاقتصادي لسياسته الاقتصادية، ومبرراته التي استند إليها في طرح شعاره غير المنطقي بل نتيجة الضغط الذي مارسته القوى والشخصيات، الوطنية والاستياء الشعبي العارم، إضافة إلى تشكيك الكثير من الاقتصاديين بالأرقام التي أعلنتها الحكومة عن تكاليف الدعم على المشتقات النفطية والبالغة نحو 350 مليار ليرة سورية ما دفع الفريق الاقتصادي العتيد إلى التراجع والانكفاء عن طروحاته وشعاراته المستعارة من وصفات المؤسسات المالية الدولية بعد أن لمس خطورة الموضوع المقدم عليه، اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، خاصة ونحن نعيش ظروفاً استثنائية بسبب التهديد الأمريكي للمنطقة، ولسورية بالذات وأيضاً بسبب الوضع المعيشي الذي وصل مستواه إلى مستويات خطيرة بسبب السياسات الاقتصادية التحريرية التي اتبعت منذ سنوات، وكذلك تجميد الأجور تحت درجات حرارة منخفضة جداً و التي أدت نتيجة كل ذلك، إلى المزيد من الفقر للطبقات الشعبية، والمزيد من الغنى لأباطرة المال.

وبدل أن تبحث الحكومة عن موارد جديدة لرفد الخزينة راحت إلى الحلول السهلة التي يدفع فاتورتها المواطن الفقير الذي لا حول له ولا قوة وإلا كيف تفسر الأرقام الخيالية التي أعلنتها عن كلفة الدعم عن المشتقات النفطية وراحت تهول الأمر وكأننا أصبحنا على شفير كارثة اقتصادية إن لم تسارع إلى وقف الدعم الذي اعتبرته نزيفاً وطنياً في حين لم تأت على ذكر التهرب الضريبي وعمليات التهريب وارتفاع الأسعار التي أنهكت كاهل المواطنين ولماذا لم يتجه الفريق الاقتصادي إلى الاستثمار الحكومي في الإنتاج الصناعي ذي القيمة المضافة العالية وأين الوعود المعسولة بتحويل السياحة إلى صناعة رابحة تعوض عن تراجع إنتاج النفط، بل أين أصبحنا من مشروع إصلاح القطاع العام الصناعي الذي تأخر سنوات طويلة رغم أهميته الاقتصادية وهو الآن يعاني من الترهل والخسائر المتلاحقة وسوء الإدارة جراء الهدر وتراجع الجودة وارتفاع التكاليف وضعف القوانين التسويقية، مما يعني تحقق المزيد من الخسائر للقطاع العام، وهذا سيكون مبرراً إضافياً للهجوم عليه، وكذلك سيعكس نفسه على تكاليف الإنتاج في القطاع الخاص المنتج، حيث سيرفع أسعاره استناداً للتكاليف الجديدة، ويفقده القدرة على التنافس مع المنتجات الأجنبية الواردة إلى الأسواق المحلية.

إذاً المعركة كانت حاسمة،  وستتحكم في جولة منها بمصير البلاد والعباد، ومن هنا أهمية موقف الحركة النقابية، بسبب وزنها الاجتماعي والسياسي، وما تمثله من مصالح الطبقة العاملة السورية، وضرورة الدفاع المستميت عن هذه المصالح ككل، وهذا لا يتناقض مع أهمية وضرورة دعم الموقف السوري، الممانع للمشاريع الامبريالية الأمريكية، واحتمالات عدوانها على وطننا الغالي، والذي سندافع عنه جميعاً، بل سيشد أزر ذاك الموقف المطلوب دعمه وتطويره بكل الأشكال والطرق، والتي منها الدفاع عن مصالح العمال وحقهم بمستوى معيشي يحقق كرامتهم ويؤمن لقمتهم.

إن المهام الوطنية التي تواجه الحركة النقابية والطبقة العاملة كبيرة، وهذا قدرها وخيارها منذ تشكلها وإلى الآن، وسيزداد هذا الخيار الوطني تجذراً، كلما اشتدت الصعوبات والمواجهات مع المشاريع العدوانية، ومحاولات البعض داخلياً للانتقاص من حقوق العمال الاقتصادية والديمقراطية.

إن خيار المقاومة عند الطبقة العاملة السورية خيار أصيل، وهي ستدافع عن حقوقها ومصالحها الوطنية والاقتصادية بكل السبل والوسائل، وهذا شيء مؤكد.

أهم ما يمكن استنتاجه، واستخلاصه من معركة رفع الدعم، والمعارك التي سبقتها فيما يتعلق بالخصخصة، وتأجير المعامل، ومجمل السياسات الاقتصادية الليبرالية المتوافقة مع تعليمات صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية الدولية، أنها أفرزت اتجاهين أساسيين:

ـ اتجاه يحاول ويسعى بكل ما أوتي من قوة ونفوذ، ويقود البلاد والعباد باتجاه تطبيق السياسات الليبرالية، وتطبيق قانون السوق المتوحش، وهذا متناقض مع مصالح شعبنا، ولا يخدم معركتنا الأساسية في مواجهة العدوان الأمريكي الصهيوني، بل يخدم الدور العربي الرجعي.

والاتجاه الآخر، بقواه وشخصياته الوطنية في كل المواقع وفي كل الاتجاهات، يسعى للدفاع عن مصالح الشعب السوري، ويعتبرها جزءاً من معركة المواجهة الأساسية، وبالتالي لا خيار ثالث بينهما.