بصراحة وزارة للعمل.. أم لأرباب العمل؟؟
وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إحدى الوزارات الأساسية التي لها علاقة مباشرة بشؤون العمل، والعمال، أي أنها تنظم العلاقة بين العمل والرأسمال من خلال القوانين، والأنظمة، والتشريعات، والمفترض أن تكون الحكم الفاصل لحقوق الأطراف المعنية وواجباتها من خلال متابعتها المستمرة في تطبيق تلك القوانين، ولكن الواضح لكل ذي بصر وبصيرة، أن سير عمل هذه الوزارة في واد، وحقوق العمال في واد آخر، أي أن الوزارة تتخطى القوانين، والتشريعات التي أوجبت على أرباب العمل تطبيقها، حيث تصبح القوانين والتشريعات، وكأنها مفصّلة على مقاس تلك المصالح، ويستطيعون تجاوزها بحكم العلاقة الحميمة بين الوزارة، وأرباب العمل، وتكون النتيجة خسارة العمال لحقوقهم التي أقرتها التشريعات والقوانين، وزيادة أرباح الرأسمال من خلال ذاك التجاوز، وأمام أعين الوزارة التي تنظر إلى مصالح أرباب العمل، فلا ترى إلاّ تلك المصالح.
إن الواقع الأليم الذي يعيش فيه عمال القطاع الخاص يجعلنا نطرح متساؤلاً مشروعاًَ (هل هذه الوزارة هي وزارة رجال الأعمال أم وزارة للعمل؟؟).
ومن خلال الوقائع التي تتراكم يومياً، ومن خلال المعاناة الشديدة التي يرزح العمال تحت وطأتها تبين لنا وللكثيرين أن هذه الوزارة هي وزارة أرباب العمل أو كما يحلو لهم رجال الأعمال، رغم كل ما يصدر عنها من بيانات، وتأكيدات في المحافل المحلية، والدولية، وخاصة في مؤتمرات منظمة العمل الدولية، والتي تؤكد الوزارة على حسن تطبيق الاتفاقيات الصادرة عن هذه المنظمة فيما يتعلق بحقوق العمال، ومكتسباتهم، وخاصة بالاتفاقيات السبع الأساسية التي وقعت عليها سورية من ضمن (47 اتفاقية)، هذا بالإضافة إلى مجموعة التعديلات التي تمت على قانون العمل (91 لعام 59) عام 2001، والمتمثل بالمواد 117، 121، 124، 125، 126، والذي لم يعجب أرباب العمل، والذين يسعون لتعديل مجمل قانون العمل بما يؤمن التحكم بشروط العمل، وأهمها (العقد شريعة المتعاقدين)، بحيث يأخذ مفعولاً رجعياً يتضمن كل العقود السابقة على صدور التعديلات الجديدة.
مع أن أرباب العمل الآن يمارسون العقد شريعة المتعاقدين من خلال العقود الموقعة مع العمال بدون تاريخ، وفرض الاستقالة المسبقة، التي أثبتت كل تجارب العمال مع هذه الإجراءات عدم قدرة الوزارة على حماية حقوق العمال، وكذلك النقابات لم تستطع فعل ذلك بسبب عدم مشاركتها في صياغة عقود العمل، وتوثيقها لدى الجهات المختصة مما يجعل العامل وحيداً في معركته.
وحتى لا يبقى الكلام فقط بالعموم يمكن أن نطلع على ما قالته السيدة الوزيرة بخصوص معدل البطالة ومعدل النمو وتسجيل العمال في التأمينات: (لقد استطعنا الحد من معدل البطالة، وأصبح معدل النمو يفوق معدل البطالة، ونستغرب أن يكون في سورية عمالاً خارج مؤسسة التأمينات الاجتماعية)، إن استغرابها ليس مستغرباً لأنها لا تنظر سوى باتجاه واحد، وحديثها عن نسب البطالة والنمو لن نقول لها شيئاً بصدده لأن وقائع الحياة اليومية كفيلة بالرد، أما حول تسجيل العمال في التأمينات فإننا نقول للسيدة الوزيرة إن في سجلات مؤسسة التأمينات الاجتماعية في دمشق (48538) عاملاً مسجلاً للقطاع الخاص من ضمنهم العمال العاملون في المنظمات الشعبية مثل اتحاد العمال، الشبيبة، الاتحاد النسائي..الخ، فمن هذا الرقم ماذا تبقى للعمال العاملين في الشركات والورش الصناعية والخدمية للقطاع الخاص، ونحن نعلم أن هناك عشرات الألوف من العمال العاملين في تلك الشركات والورش غير مسجلين، والمسجل منهم يكون برواتبهم الدنيا أي ما يقارب الـ20% فقط من أجر العامل، فتكون الخسارة مزدوجة للعامل أولاً وللمؤسسة ثانياً. هذا بالإضافة إلى تجاوزات كثيرة يقوم بها أرباب العمل من حيث تشغيل الأحداث، وساعات العمل، والإجازات، والعطل الرسمية وأهم من ذلك كله الأجور، التي لا تستطيع الوزارة حراكاً تجاهها مهما أصدرت من تعاميم وبلاغات التي تدعو أرباب العمل بضرورة زيادة أجورهم.
ما نريد أن نقوله بهذا الصدد أن حقوق العمال ومكتسباتهم ليست قوانين وتشريعات فقط، وهي لن تحقق لعمال حقوقهم إن لم يترافق ذلك بميزان قوى يقود نضال العمال بكل الوسائل ومنها حقهم بالإضراب الذي يستطيع إيصال الرسالة واضحة بتلك الحقوق.