بصراحة عمال القطاع الخاص (بين رغبة النقابات وممانعة أرباب العمل)؟!
قضية عمال القطاع الخاص من أكثر القضايا حضوراً وسخونة في الحوارات والنقاشات التي تدور، باعتبار ذلك يشكل هماً نقابياً حقيقياً يواجه الحركة النقابية، وكل المهتمين بالشأن النقابي، ويكاد لا يخلو اجتماع، أو تقرير نقابي من الإشارة إلى واقع عمال القطاع الخاص،
وهذا يعكس حجم المشكلة التي تكبر، وتتوسع مع توسع منشآت القطاع الخاص، وتوسع الاستثمارات المختلفة التي تستخدم عمالاً سوريين في المدن الصناعية التي أنشأت حديثاً أو خارجها، حيث ازداد عدد العمال في هذه المدن الصناعية ليصبحوا عشرات الآلاف، وهذا يعني مهمات إضافية تقع على عاتق الحركة النقابية بالإضافة إلى المهام السابقة التي لم تحل في المواقع التقليدية التي تتموضع فيها المنشآت الصناعية للقطاع الخاص، مثل معامل النسيج، والغذائية، والأدوية، والبلاستيك، وغيرها من الصناعات التي يخضع عمالها لشروط عمل غير إنسانية في مواقع العمل، أما بالنسبة للحقوق والأجور، فحدث ولا حرج، وهي معروفة للقاصي والداني، لدرجة أن العمال ملوا من طرح مشاكلهم وحقوقهم، وخاصة أجورهم، حيث لا مجيب لها، ولا حركة فاعلة تجاه مساعدتهم في تحصيل تلك الحقوق، والدفاع عن المكاسب، وإذا تحركوا منفردين فإن الغضب واللوم سيواجههم من جهات عدة، هذا بالإضافة إلى خطر التسريح الذي يتوعدهم به أرباب العمل في ظل غياب الحماية الفعلية، وغياب العمل بالمرسوم /49/ الخاص بقضايا التسريح، والتي تحاول جهات عدة من ضمنها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إلغاءه باعتباره يعيق عمليات الاستثمار، ويتعارض مع مصالح المستثمرين، وهذا يتحقق فعلاً، حيث تنص اتفاقيات الاستثمار على عدم خضوعها للمرسوم /49/، مما يعني بقاء العمال تحت رحمة القوانين الخاصة لهذه الاستثمارات، وليس لقوانين العمل السورية، فإذا رأى المستثمر أن مصالحه متعارضة مع حقوق العمال، فإن التسريح سيكون بانتظارهم طالما أن هذا الحق منحته له حكومتنا العتيدة، ليبقى العمال من دون ضامن لحقوقهم أو مدافع عن مكتسباتهم؟!
النقابات طرحت كثيراً في أدبياتها وتقاريرها وخطط عملها قضية التوجه إلى عمال القطاع الخاص من أجل تنظيمهم في النقابات، وقُدّم في هذا الإطار مقترحات لزيادة النقابات خدماتها المقدمة (الاجتماعية، الصحية) من أجل جذب العمال وتشجيعهم للانتساب إليها، كما جاء في دراسة اتحاد عمال دمشق حول هذا الموضوع، حيث خرجت اللجنة الدارسة باقتراحات جيدة، ولكن ماذا بعد؟؟
إن الأفعال تقاس بنتائجها، والنتائج حتى الآن ضعيفة وغير واضحة، ولم يتغير الواقع السائد، لأن الخطط والمقترحات كانت وماتزال تصطدم بالكثير من العقبات الذاتية والموضوعية التي أعاقت إنجاز هذه المهمة الشاقة، المحتاجة أصلاً إلى الكثير من المبادرات الفردية والجماعية من المكاتب واللجان النقابية لخلق صلة وصل قوية ومتينة في المواقع الإنتاجية الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، على أساس الدفاع المباشر عن مصالح العمال وحقوقهم، وهذا يحتاج كخطوة أولى للتواجد بالقرب من التجمعات العمالية الجديدة من خلال مواقع يقوم الاتحاد بإنشائها هناك، تقدم الإرشاد والخدمات المباشرة للعمال، وخاصة في مجال التعريف بالحقوق عبر نشرات بسيطة (بروشورات)، توضح للعامل طريقة الوصول إلى النقابات باعتبارها الملاذ الحقيقي من أجل ضمان حقوقه كافة.
إن القبول بشروط الواقع الحالي للعمل يعني خسارة ملايين من العمال، وهذا سيجعل الذين يصطادون في الماء العكر ينجحون بمسعاهم، وبالتالي فإن الحركة النقابية والحركة العمالية تكون في موقع ضعيف، والمطلوب وطنياً النضال من أجل تعزيز وحدة الحركة النقابية والحركة العمالية بالدفاع عن حقوق الطبقة العاملة السورية، كل الطبقة العاملة!