برسم المؤتمر الـ 25 للاتحاد العام لنقابات لعمال.. ماذا عن التوجهات الليبرالية لوزارة الشؤون الاجتماعية!!
خلل إداري.. خلل اقتصادي.. تآكل حقوق العمال.. أزمات يومية في النقل والمواصلات وفي التعليم وفي الصحة وفي المياه وفي الكهرباء.
فساد معلن.. ومحاربة الفساد شعار يكرره يومياً منذ سنوات، كل المسؤولين، قطاع عام ينهار يوماً إثر آخر وإنتاجه يتعرض إلى ضغوط كبيرة ومنافسة غير عادلة، وقطاع خاص وطني منتج يتعرض أيضاً إلى منافسة جادة وإلى ابتزاز من قوى العمولات والشراكات والفساد.
■ اقتصاد سوق اجتماعي نعم..
ولكن ما هي المحصلة حتى الآن؟
سؤال كبير يطرح أمام المؤتمر الخامس والعشرين للاتحاد العام لنقابات العمال، ويطرح أيضاً مع تساؤلات مرة، ماذا نفذ؟ وكيف كان الأداء النقابي في الدفاع عن القطاع العام؟ عن الحقوق المكتسبة؟ عن واقع عمال القطاع الخاص!!
قبل كل شيء نقدم لرفاقنا في المؤتمر هذه المداخلة من خارج المؤتمر..
بعد مباحثات استمرت أكثر من عام بين وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل واتحاد العمال وغرف التجارة والصناعة حول تعديلات قانون العمل 91 لعام 1959 في القطاع الخاص، كانت هناك خلافات حول مواد عديدة تنتقص من الحقوق العمالية تريد أن تكرسها الوزيرة في القانون بدلاً من تطويره نحو مكاسب جديدة، وقد تحفّظ اتحاد العمال على هذه المواد واعترض عليها، ونام المشروع في الأدراج، وقد استغلت الوزيرة انشغال الحركة النقابية في الانتخابات التي جرت منذ شهرين ومازالت، فرفعت المشروع كما تريده إلى اللجنة الاقتصادية لتمريره خلسة.
وقد علم الاتحاد العام لنقابات العمال بذلك، ووجه مذكرة اعترض فيها على المشروع وسحب من اللجنة الاقتصادية على أن تشكل لجنة أخرى لمناقشته من الاتحاد والوزارة وخبراء في القانون.
على كلٍّ، المناقشات مازالت قائمة، والنقابات بشكل عام تقدم احتجاجات ومذكرات تؤكد بأن الدور الجديد لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية في سورية ضمن المفهوم الليبرالي يعكس وبشكل واضح التحالف مع أرباب العمل بشكل مطلق، وقد بدأ هذا الدور أولاً في تعديل قوانين العمل بالتراجع عن مكاسب عديدة موجودة في هذه القوانين، وأبرزها القانون 91 لعام 1959، وإعطاء الحرية لأرباب العمل على حساب العمال، ومنها على سبيل المثال: محاولة إلغاء لجان قضايا التسريح التي أقرها المرسوم 49 لعام 1969، وتعديل قانون العمل من بوابة قانون الاستثمار على مقولة «العقد شريعة المتعاقدين»، وهذا يعني بشكل واضح الإخلال بالتوازن بين طرفين لمصلحة الأقوى، وعدم الاستجابة لمطالب عمال القطاع الخاص بزيادة أجورهم، وعدم تطبيق المرسوم 14 الذي أصدره الرئيس بشار الأسد بزيادة رواتب عمال القطاع الخاص رغم كل المطالب، وافتتاح مكاتب خاصة لاستقدام العمالة الأجنبية الوافدة، واستقدام عمال باسم خدم منازل لمنافسة العمالة الوطنية، وعدم تفعيل مكاتب التشغيل حيث أصبحت بؤراً للفساد، والامتناع عن إقامة صناديق للبطالة، وإهمال القطاع الخاص غير النظامي حيث أنه يشمل 40% من قوة العمل السورية دون حماية أو تأمين.
قالت هدى ملحي عضو المكتب التنفيذي في اتحاد العمال أمام مجلس الشعب: كان الأجدى على السيدة الوزيرة طرح فكرة فتح مراكز لتأهيل مربيات سوريات بدلاً من افتتاح مكاتب لاستقدام الخادمات.
وقالت إن مكاسب عديدة تعمل الوزيرة على إلغائها من قانون العمل بحجة اعتراض المستثمرين على هذه المواد وعلى بعض مواد قانون التأمينات الاجتماعية. ونحن نقول: إن إحجام المستثمرين من الاستثمار ناجم عن التعقيدات الإدارية والروتين وغيرها وليس حقوق العمال.
يقول النقابي ابراهيم اللوزة: تريد السيدة الوزيرة تحويل العامل إلى سلعة خاصة مع ازدياد البطالة، حيث أثبتت تجربة القطاع الخاص في سورية بأن أصحاب العمال كانوا دائماً يتهربون من مسؤولياتهم مثل: زيادة الأجور تسجيل العمال لدى التأمينات الاجتماعية، والعقد شريعة المتعاقدين يمكن أن يكون صحيحاً في عقود المقاولة، أما تطبيقه على العمال فإنه يحول العامل إلى سلعة خاصة للعرض والطلب. وبالتالي فإن هذا المبدأ ينسف كل المكاسب التي حصلت عليها الطبقة العاملة، مع العلم أن التشريعات العمالية في جميع البلدان الرأسمالية قد تجاوزت تلك المقولة، واتجهت لوضع ضوابط وأنظمة تحمل صفة القانون والإلزام. وما تطرحه الوزيرة يتعارض مع اتفاقيات العمل العربية والدولية التي وقعتها سورية، وفي حال أصرت الوزيرة على القانون فإن هذا يسيء إلى سورية دولياً وعربياً.
ويقول الرفيق اللوزة حول المرسوم 149: لقد أصدر خالد العظم رئيس وزراء سورية في العام 1962 هذا المرسوم والذي نص أنه «لا يجوز لرب العمل أن يصرف أي عامل من الخدمة دون علمه ودون موافقة مسبقة من لجنة قضايا التسريح، وفي حال تم التسريح تعسفياً دون التزام رب العمل بالشروط المذكورة، فإنه يحق للعامل بقوة القانون أن يحصل على كامل تعويضاته، إضافة على نسبة 80% من أجره طيلة حياته». والآن تطالب الوزيرة بإلغاء هذه المادة الهامة، أي العودة إلى ما قبل 45 عاماً، وضرب حق قانوني مكتسب للعمال.
كنا نأمل تطوير الأنظمة والقوانين نحو الأفضل من خلال قانون الضمان الصحي الذي يشمل الجميع ومن خلال تنظيم العمالة غير المنظمة ومن خلال متابعة أنظمة الصحة والسلامة في المؤسسات الصناعية في القطاعين العام والخاص، وليس ضرب المكاسب التي تحققت عبر سنوات طويلة وعبر نضالات وإضرابات دفع عمالنا ثمنها دماً وسجناً وتشريداً.
الرفيق خالد الخضر رئيس الاتحاد المهني لعمال البناء والأخشاب يقول في هذا الصدد: إن تعديل القانون 91 لعام 1959 يجب أن يأتي ملبياً لمطالب العمال والتنظيم النقابي من خلال توثيق العقود وتعزيز التفتيش على أماكن العمل بمشاركة التنظيم النقابي، وإن عدم وجود تشريعات ملزمة لأصحاب العمل بتنظيم عقود عمل لعمالهم، وتوثيق هذه العقود من جهة محددة، قد زاد من مشكلات عمالنا في القطاع الخاص، وكنا نأمل أن تعمل الوزارة على ضمان حقوق العامل وليس الانتقاص منها أو التراجع عن مكاسب سابقة.
■ وتبرز الحاجة ملحة اليوم إلى ضرورة: تنظيم سوق العمل والاستمرار في تعديل الأنظمة والقوانين وإصدار قانون عمل لعمالنا خارج سورية، ونأمل من المؤتمر الخامس والعشرين إيلاء عمال القطاع الخاص الأهمية الأساسية، وحث وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لتغطي التوسع في منشآت القطاع الخاص، وحماية الحقوق التقاعدية والتأمينية للعمال، ومتابعة أوضاع العمالة غير المنظمة، وإيجاد تشريعات تلزم أصحاب العمل بالتقيد التام بالشروط الصحية ضمن منشآتهم .