أساليب الليبراليين الجدد، التسلُّل أو التمرير خلسة.
عُقد اجتماع في قاعة الاجتماعات في مريديان دمشق بتاريخ 17/2/2008، دعت إليه إدارة مرفأ اللاذقية، حضرة نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية عبد الله الدردري، ووزير النقل، وخبراء أجانب، وممثلون عن إدارة مرفأ اللاذقية، وممثلون عن إدارة مرفأ طرطوس، وممثلون عن إدارة مرفأ بيروت، وممثلٌ عن الاتحاد الأوربي، وممثلون عن الاتحاد العام لنقابات العمال. نوقش خلاله طرح محطة حاويات في مرفأ اللاذقية للاستثمار، بينما صرّح وزير النقل أن هذا الاجتماع هو مجرّد ورشة عمل فنية.
وقد بدأ وزير النقل الاجتماع المغلق البعيد عن الصحافة والإعلام والإعلان بقوله:«إن النظام الاشتراكي قد انتهى، ولا يصلح الآن للتعامل التجاري والإنتاجي، وإن عقلية القطاع العام، عقلية الستينات، أصبحت غير مقبولة»
وتحدث مدير عام مرفأ اللاذقية قائلاً: «لا تخصيص، لا تأجير، لا استثمار، بل تحديث وتطوير» معتبراً أن طرح المرفأ للاستثمار هو من هذا الباب، وبعد ذلك، بدأ في أكثر من مناسبة، يسرب بعض التصريحات مثل: «إن مرفأ اللاذقية متخلف، ولا يمكن العمل بعقلية القطاع العام، عقلية الستينات، وإن الأنظمة والقوانين لا تسمح بتحسين أجور العاملين، إن لم يكن مرفأ اللاذقية شركةً منافسةً للمرافئ العالمية، وهذا يتطلب إدخال الأتمتة بالعمل، من خلال استقدام شركة متخصصة بمحطة الحاويات، لاستثمار المرفأ، وإن عمال المرفأ وكوادره وفنييه، في وضعه الحالي، غير قادرين على إيصاله إلى مرتبة المنافسة العالمية».
هل صحيح إن عقلية القطاع العام أصبحت متخلفة وغير مقبولة؟! أم إنها لم تعد تلبي طموحاتهم الفردية وتمرر مشاريعهم التصفوية، الرامية لربط الاقتصاد السوري بالشركات العالمية والاقتصاد المعولم؟!
إن هذا الفريق الاقتصادي الليبرالي، يسعى لتمرير مشاريع الخصخصة خلسةً، ومن بينها مشروع استثمار مرفأ اللاذقية، هذه المنشأة الاقتصادية الحيوية الهامة، التي بُنيت وطُوِّرت بعرق وجهد العمال، وهناك معدات وآلات حديثة اشترتها إدارة المرفأ من المال العام، وهي على استعداد لتقديمها خدمةً للشركة المستثمرة، التي ستوقع معها عقد «الإدارة مع المشاركة بالعائدات»، لمدة عشر سنوات، ثم يمدد لمدة خمس سنوات، حيث يقدم المرفأ البنى التحتية والفوقية، ويُبقي على التعرفة التي يعمل بها، ويبقى المرفأ جهازاً مشرفاً، ويُحصِّل المبالغ من المتعاملين، مقابل نسبة لإدارة المحطة، ومن يدفع للمرفأ النسبة الأعلى، ويقبل بالنسبة الأقل، يتم التعاقد معه، وفي نهاية مدة العقد، البالغة خمسة عشر عاماً، تعود المعدات للمرفأ.
تساؤلات خائفة تعلق في ذهننا مباشرة:
ـ إذا كان المرفأ هو الجهاز المشرف، وهو الذي يُحصّل المبالغ من المتعاملين، فما الحاجة لإدارة وهمية تقتطع نسبتها بدون وجه حق؟!
ـ ثم ما الذي يتبقى من البنى التحتية والفوقية، بعد خمسة عشر عاماً من الاستعمال والإهتلاك؟!
نعم، إن ما حاولوا إخفاءه عن الصحافة والإعلام، قد تم اتخاذ القرار به، وبموافقة كل القوى الليبرالية المعنية بالأمر، من اللجنة الإدارية لشركة المرفأ، إلى اللجنة الاقتصادية، وصولاً إلى الوزارة، وبمباركة النائب الاقتصادي، وممثلي التحديث والتطوير المؤسساتي في سورية، وممثلين عن برنامج الأمم المتحدة للتطوير، مع أننا أكدنا أكثر من مرة أن هذه السياسة مخالفة للقانون ولدستور الجمهورية العربية السورية، الذي ينص على أن «الاقتصاد في الجمهورية العربية السورية اقتصاد اشتراكي مخطط، يهدف إلى القضاء على جميع أشكال الاستغلال، وإن الثروات الطبيعية والمرافق العامة والمنشآت والمؤسسات المؤممة، أو التي تقيمها الدولة، هي ملك للشعب» أي أنه لا يجوز لأي كان المتاجرة بها، أو التفريط فيها، وعلى جميع الشرفاء في هذا الوطن التصدي لكل ممارسات الخصخصة والمتاجرة بمؤسسات ومكتسبات القطاع العام، وعلينا دعم موقف التنظيم النقابي، والاتحاد العام للعمال، واتحاد عمال محافظة اللاذقية، الذين وجّهوا المذكرات للجهات الوصائية، رافضين مشروع العقد، ووجّه الاتحاد العام للعمال مذكرة إلى رئيس الجمهورية، وإلى رئيس مجلس الوزراء، مبيناً فيها أخطار هذا العقد، على المنشآت الحيوية الهامة لاقتصاد البلد وعماله، مؤكداً أن عمال المرفأ وكوادره، والمهندسين العاملين فيه، قادرون على إدارة محطة الحاويات في مرفأ اللاذقية، بعد إخضاعهم لدورات تخصصية، وإن القطاع العام، قطاع الدولة، قادر على منافسة القطاعات الأخرى، وإن الشركة العامة لمرفأ اللاذقية قادرة على أن تكون بمستوى تنافسي مع المرافئ العالمية.