الثروة السمكية.. والعصابات.. وحقوق العمال
التقاني أحد العمال مصادفة، وعندما علم أنني أراسل جريدة قاسيون، اندفع يحدثني عن وضعه وزملائه كعمال مؤقتين وموسميين يعملون في شعبة الثروة السمكية التابعة لمديرية الزراعة بدير الزور، فقال:
منذ أيام عُيِّن مدير جديد للشعبة، وهو مهندس من العاملين فيها، ويعرف ما فيها من هموم، لكنه ما إن أصبح مديراً حتى اتخذ قراراً بجعل العطلة الأسبوعية يوماً واحداً بدلاً من يومين للعمال المؤقتين (أصحاب العقود) والموسميين، وهدَّدنا بأن من يعترض أو يشتكي للنقابة أو المديرية سيتم نقله فوراً إلى إحدى نقاط المراقبة الموزعة من الرقة إلى البوكمال.. «ألا يكفينا ما نعانيه من فقر وغلاء أسعار؟!» يتساءل ذلك العامل... وإذا نفذ المدير تهديده ونقلنا سنضطر لدفع أجور المواصلات من راتبنا الذي لا يكفي ربع معيشتنا، وخاصةً أن أجور النقل ارتفعت بعد رفع الدعم عن المازوت، كما أننا لا نشعر بالأمان ومهددون بالفصل في أي لحظة كوننا غير مثبَّتين، وفوق هذا وذاك فإن حياة العاملين في شعبة الثروة السمكية مهددة، وهم معرضون للقتل في أية لحظة من قبل «عصابات الصيد المسلحة» وهي معروفة للقاصي والداني!!!
هذه العصابات تمتلك حوالي /150/ محركاً للصيد الكهربائي تقوم بتدمير وإفناء ثروتنا السمكية، وعندما قمنا بمصادرة البعض من هذه المحركات، كانت ردّة فعل تلك العصابات قوية، فقد أصيب العديد من العمال بطلقات نارية وضربات السكاكين والخناجر، وكان مدير الشعبة الحالي المهندس «عباس الحجي» أحد المصابين، بل وتعرض أحد العمال للخطف والاحتجاز حتى اضطررنا لترك المحركات التي صادرناها لإخلاء سبيله... لا قانون يحمينا، ولا قانون يردع هؤلاء الوحوش..
جرى هذا الحديث صباح الأربعاء 21/5/2008، فقمنا بتدقيق ومتابعة التفاصيل لنجد أن هناك نحو خمسين عاملاً فضلا ًعن رؤساء الورشات يؤكدون هذا الكلام، فتوجهنا إلى مكتب نقابة عمال التنمية الزراعية، ونقلنا للمشرفين عليه تلك المعلومات، فاتصل رئيس المكتب مباشرة برئيس الشعبة السمكية، الذي تفاجأ بالاتصال، وارتبك، وظهر ذلك واضحا في إجاباته، فأنكر ذلك في البداية، ثم قال بأنه «سيعوض العمال يوماً آخر بدلاً عن يوم العمل الإضافي».
نحن أولاً نؤكد أن إجازة اليومين حق مكتسب للعمال، وإذا كانت ضرورة العمل تتطلب غير ذلك فعلى الشركات أن تمنح العمال تعويضاً مادياً، أو أن تعطيهم يوماً بديلاً عن يوم الإجازة الذي عملوا فيه، ولا يجوز الانتقاص من ذلك أبداً..
ثانياً: كيف يتم التفريق بين العمال المثبتين والعمال الآخرين من غير المثبتين طالما يقومون بالعمل نفسه؟ ثم ألا يولِّد ذلك الأحقاد بين العمال، بدلاً من أن يعزز من وحدة العمل والعمال؟! أم أن العمال المؤقتين والموسميين مجرد «ملك يمين» ولا حقوق لهم؟
وثالثاً: نؤكد مرةً أخرى على وجوب حماية العاملين في شعبة الثروة السمكية من العصابات، وحماية ثروتنا السمكية من الفناء، وذلك بإحداث «ضابطة سمكية» كضابطة البناء والضابطة الحراجية، لقمع العصابات، ويجب منح العاملين في تلك الدوريات تعويضاً مادياً لخطورة العمل. إن تضافر الجهود لردع هذه العصابات التي لا تدمر ثروتنا السمكية فقط، وإنما الحياة البيئية أيضاً بالصيد الكهربائي والمتفجرات والسموم، يعد واجباً وطنياً.. فهذه العصابات تقوم بنشاطاتها في وضح النهار ودون أي خوف، على الرغم من أن الكثير من أسماء أعضائها معروف، وتوجد بحقهم العديد من الضبوط القضائية، فكيف يحدث ذلك؟!
وقد استفسر العمال منا عما حدث، فنقلنا لهم ردّ المدير للنقابة، فعادوا وأكدوا مرة ثانية كلامهم... ولذلك فقد قمنا بكتابة هذا المقال لعلنا نشهد نهايةً سعيدةً لهذه المأساة.
وأخيراً نوجه الشكر لاتحاد عمال دير الزور، ممثلاً بمكتب نقابة عمال التنمية الزراعية، ورئيسه الذي انتفض غاضباً وتجاوب معنا متابعاً الموضوع فوراً عندما سمع بالتجاوزات الحاصلة، وهنا نريد أن نؤكد من جديد بأن على النقابات العمالية أن تقف موقفاً صلباً في الدفاع عن حقوق العمال، وفي وجه كل الإجراءات التي تستهدف حقوقهم ومكتسباتهم.