احتجاجات عمالية متصاعدة..
توقف عمال الشركة العامة للصناعات الإنشائية عن العمل يوم الاثنين بتاريخ 2/6/2008 احتجاجاً على عدم دفع رواتبهم عن شهر أيار.
ويبدو أن عدم دفع أجور العمال لن يتوقف عند هذا الشهر، بل قائمة الأشهر ستطول كثيراً، ومعاناة العمال أيضاً، في ظل سياسات الحكومة التي أوصلت هذه الشركات إلى نقطة خطرة في تراجع الإنتاج الذي أصبح دائماً ومستمراً.
فالحكومة تطالب هذه الشركات بـ(تدبير أمورها) لتأمين السيولة المالية اللازمة التي تمكّنها من الإقلاع بإنتاجها، والإيفاء بالتزامها تجاه عمالها، الذين يتجدد عندهم الشعور باليأس والإحباط مطلع كل شهر، ويزداد في أعماقهم السخط على ما وصلت إليه أحوالهم وأحوال شركاتهم، فالأوضاع المعاشية للعمال بتدهور مستمر، وهم يتقاضون أجورهم، فكيف سيكون حالهم دون أجور!! ألم تدرك الحكومة، وكل الأوصياء على شركات الدولة المخسّرة، أن هناك الآلاف من العمال وعائلاتهم قد ارتبط مصيرهم بهذه الشركات، التي كانت تقدم لخزينة الدولة المليارات كضرائب على الأرباح، وتأخذ منها الضريبة على الآلات؟ إن الحكومة لم تكن تبقي لهذه الشركات ما يمكنها من تطوير خطوطها الإنتاجية واستثماراتها، فقد أخذتها لحماً، والآن ترميها عظماً، وحتى هذا العظم أصبح مترققاً لا يقوى على الوقوف في وجه السياسات النيوليبرالية، والتي منها قانونها المالي العتيد الذي جاء ليطلق رصاصة الرحمة الأخيرة على الشركات وعمالها، والذي بُدئ العمل به منذ بداية العام الحالي.
وعلى ذكر النقابات، فإنها الآن بوضع حرج لا تُحسد عليه جراء السياسات الحكومية وموقفها من الشركات المتوقفة والتي لا تستطيع دفع أجور عمالها، فهي كالبالع الموسى على الحدين، فهي غير قادرة على إجبار الحكومة على تغيير سياساتها تجاه القطاع العام الصناعي، وفي الوقت نفسه تعاني الأمرين في تأمين أجور العمال الشهرية عن طريق وزارة الصناعة التي تنتظر الإفراج عن كتلة الأجور من وزارة المالية، والتي بدورها تحتاج إلى إيعاز من رئاسة الوزراء!!
السؤال الذي يدور في أذهان العمال المحتجين في شركة الأعمال الإنشائية من أجل تأخر أجورهم، وكذلك لدى عمال الكهرباء في منطقة القابون الذين تجمهروا أمام مكتب اللجنة النقابية من أجل حوافزهم، وعمال الشركات الإنشائية المتأخرة أجورهم لثلاثة أشهر سابقة، وغيرها..... وغيرها: إلى متى ستبقى الحال على ما هي عليه؟ هل ستطول المعاناة، وما يقال للعمال ينحصر في: «إذا استطعنا تأمين أجور هذا الشهر، فإننا لن نستطيع تأمينها إلى الأبد طالما الشركات متوقفة عن العمل»؟؟
لقد بات من المرشح انضمام شركات أخرى (مخسرة) إلى هذه القافلة، وعلى رأسها الشركات النسيجية..
قدم العمال في احتجاجاتهم المتصاعدة جزءاً من الإجابة للحصول على أجورهم، إنه الحق الذي يستطيعون القيام به رغم الموانع القانونية التي توضع عائقاً أمامهم في ممارسة حقهم الطبيعي في الاحتجاج والإضراب السلمي الذي تؤيدهم به كل القوانين الدولية والعربية لمنظمات العمل.. وهذا أول الغيث..
العمل الاحتجاجي الذي قام به العمال هو بمثابة رسالة إلى الحكومة، مفادها أن الطبقة العاملة السورية لن تستمر طويلاً صامتة، وهي ترى حقوقها تتآكل يوماً بعد يوم، وخاصة حقها بأجرها الذي هو خط أحمر لا يجوز المساس به أبداً مهما كانت المبررات الحكومية.
وأخيراً نتكئ على المثل الشعبي ونقول: من يدق الباب، سيسمع الجواب.. والبادئ أظلم..