نقابة الصناعات الغذائية تضع اللبنات الأولى للانطلاق

بعد أن تقاعست الحكومة عن إيجاد الحلول:

يبدو أن النقابات لم تعد تحتمل هذا التقاعس اللامعقول من الحكومة في إيجاد حلول جذرية للقطاع العام الصناعي بعد جملة من اللقاءات والاجتماعات مع الطاقم الحكومي، وخاصة الفريق الاقتصادي منه، والوعود المكررة التي أطلقها هذا الفريق وبقيت ضمن أدراجه دون تحريك أية قضية أو مشكلة يعانيها هذا القطاع، فبعد الانتهاء من اجتماعات المجلس العام للاتحاد قبل الأخير كان وزير الصناعة قد وعد بالقيام بجملة من الإجراءات لإنقاذ القطاع العام الصناعي لم تلق النور حتى تاريخه، ونتيجةً لهذا التقاعس ابتكرت النقابات لنفسها طريقة جديدة يبدو أنها ستكون أجدى من سابقتها، وذلك عندما دعت في الثامن من الشهر الجاري إلى اجتماع يضم جميع الإدارات التابعة للاتحاد المهني للصناعات الغذائية، برئاسة إبراهيم عبيدو رئيس الاتحاد، واللجان النقابية كافة في هذه المؤسسات، والدكتور خليل جواد المدير العام للمؤسسة العامة للصناعات الغذائية، في قاعة الاجتماعات في مبنى الاتحاد العام، بحضور عزت الكنج نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال، وعدد من أعضاء المكتب التنفيذي ورؤساء مكاتب النقابات للصناعات الغذائية في المحافظات، للوقوف بكل مسؤولية وجرأة على الواقع المر والصعب الذي تعانيه الصناعة الغذائية، في ظل المنافسة غير المتكافئة من القطاع الصناعي الخاص، ولإعادة الدور الهام والكبير الذي كان تلعبه هذه الصناعات في الاقتصاد الوطني.

إبراهيم عبيدو، رئيس الاتحاد المهني للصناعات الغذائية، تحدث في بداية الاجتماع عن واقع شركات القطاع العام الصناعية، الخاسرة والرابحة على السواء، مشدداً على الاجتماع بالخروج بجملة من المقترحات لتجاوز الصعوبات، وتقديم المساعدة الكفيلة بإنقاذ هذا القطاع الحيوي، وأكد على ضرورة إقامة تشاركية بين القطاعين الصناعي والزراعي في مجال الإنتاج الغذائي، لإعطاء وتحقيق قيمة مضافة للمنتجات السورية، وطرق أسواق جديدة ذات قدرة شرائية عالية، من خلال آليات عمل جديدة من حيث التسويق والترويج. وأكد عبيدو على ضرورة التعاون والتنسيق بين الإدارات والنقابات، للوصول إلى أفضل الحلول، منوهاً أن من أهم مهام هذا الاجتماع هو الخروج بجملة من الحلول الجذرية التي ستترجم على أرض الواقع، وتعطي انطلاقةً صحيحة لهذه الشركات، وتفتح آفاقاً مهمة في العملية الإنتاجية.

عزت الكنج نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال قال: في ظل المنافسة غير المتكافئة، فإننا نعمل الآن لإيجاد حلول تحقق الارتقاء بشركاتنا إلى واقع يرضينا، حتى نثبت وجودنا في السوق، لاسيما أن طبيعة شركاتنا في ظل اقتصاد السوق الاجتماعي أكبر بكثير من هذا المفهوم، بعد أن تم تطبيقه ودخلنا مرحلة المنافسة رغماً عنا.
وأكد الكنج أن الدور الهام المناط بالقطاع العام ليس من باب الوقوف على الأطلال والتغني بالماضي وأمجاده، بل لأن هذا القطاع لعب دوراً مهماً في الحفاظ على قرارنا الاقتصادي، ومع هذا فإن البعض مازال يضع هذا القطاع بعنق الزجاجة، بحجة أن خطوط الإنتاج قديمة ومتهالكة، دون أن يقدم أية حلول، فالشركات الغذائية الـ/21/ لها خصوصية معينة، فمع الإنتاج الزراعي الذي استطعنا به أن نحقق أمننا الغذائي الذي كنا نتباهى به، استطعنا أن نصمد بقرارنا السياسي تاريخياً، لذا لابد من الحفاظ على هذه السوية وهذه المبادئ التي لعبت دوراً مهماً في الوحدة الوطنية، وأوضح الكنج أنه في القديم لم يكن المطلوب تحقيق الريعية الاقتصادية، لكن التوجهات الحكومية حالياً تطلب ذلك، علماً أن القطاع العام بشركاته الـ/91/ قدم في العام 2008 مليارات الليرات للموازنة العامة للدولة، ولا يحق لأحد أن يزاود على هذا القطاع، فخلال الخمس السنوات الماضية أطلقت العشرات من المصطلحات للنيل من هذا القطاع، ونحن بدورنا في الاتحاد العام لنقابات العمال نؤكد أن من يعمل لإنهاء دور هذا القطاع إنما يريد خلق حالة تنتعش فيه الفوضى، فاقتصاد السوق الاجتماعي الذي أقره المؤتمر القطري يتطلب قطاعاً عاماً قوياً جداً بيد الدولة، لمنع السوق من الفلتان لأن أصحاب الفكر الاقتصادي النيولبيرالي يحاولون إقناعنا بأن السوق يثبت نفسه بنفسه، لكن الصحيح أن هذا الفكر قد فشل فشلاً ذريعاً مع اندلاع الأزمة الاقتصادية العالمية، وأكبر مثال على ذلك الشركات العملاقة التي تتساقط الواحدة تلو الأخرى.
وأضاف الكنج أن المليارات الأربعة التي خصصتها الحكومة لتطوير خطوط الإنتاج غير كافية، فهناك شركات لم يتغير فيها شيء منذ تركيب آلاتها في الخمسينيات وحتى الآن، وعلى الجميع أن يعلم أنني كنائب لرئيس الاتحاد عندما أسلط الضوء على أهمية دور القطاع العام إنما لأذكِّر بالدور الاجتماعي والاقتصادي الذي لعبه هذا القطاع في الحفاظ على السيادة الوطنية، وعندما نطرح بجرأة مشاكل هذا القطاع فلأننا لا نخاف من أحد بوجود قيادة تساندنا، إننا نحمِّل الحكومة كامل المسؤولية بدخول بضائع دون المواصفات المطلوبة إلى السوق المحلية وعلى حساب المنتج الوطني، لذا يجب إيقافها فوراً وبقرار من تلك الجهات الوصائية التي سمحت بدخولها. لقد كنا نأمل بترقب شديد أن يصدر قانون إصلاح القطاع العام الصناعي حتى تنكشف كافة الأمور، فموضوع العمالة الفائضة الذي يسوق له منذ سنوات، لم يعد مجدياً بالمقارنة مع ما قدمته هذه الشركات، ولو تركوا لنا الحرية باختيار السبل لكنا الآن في كامل الأهلية للانتهاء من الإصلاح بالاعتماد على أنفسنا، والحلول التي اعتمدتها وزارة الصناعة بتحويل هذه العمالة إلى وزارات وإدارات أخرى خدمية لم يعد منطقياً، فالقطاع العام هو أحد أهم نقاط الارتكاز في البقاء على القرار السياسي في هذا البلد، لذا فإن أي تفرد بالقرار سيؤدي إلى المحرقة، لذلك فلا بد من اتخاذ قرارات جماعية لمصلحة شركاتنا وإداراتنا وبلدنا، فالواقع يقتضي وقفة مسؤولة من الجميع، والارتقاء بأنفسنا وسلوكنا وعملنا إلى مستوى التحديات التي تواجهنا في هذا القطاع، عندها سنكون قادرين على تجاوز كل الصعوبات.
أحمد الحسن، عضو المكتب التنفيذي ومسؤول العمل، قال: إن نهج اقتصاد السوق الاجتماعي أصبح نهجاً لابد منه، وهو بالنهاية اقتصاد سوق، فما هي وظيفة القطاع العام في ظل هذا النموذج الاقتصادي؟ هل له وظيفة اقتصادية أم وظيفة اجتماعية حمائية وسياسية؟ إن القطاع العام إن لم يحقق الهدف الاقتصادي منه فلن يحقق أهدافه الاجتماعية، لكن السؤال هل هذا أيضاً مشروط؟ وهل هناك أصلاً من يريد إصلاح القطاع العام الصناعي تحديداً؟ والجواب: نعم بقوة وإصرار النقابات والعمال وبعض الإدارات الغيورة نستطيع فعل ذلك، لكن هناك من يؤخر هذا الإصلاح بحجة أن وزارة الصناعة لن تستطيع القيام بذلك وحدها، إن كل منطق اقتصادي يجبرنا أن نطالب بحماية منتجنا الوطني، وهذا ما تقوم به أكثر الدول الرأسمالية، وعندما صدر القانون /2/ بخصوص نسب الأرباح تم دراسته بسطحية، وبعد إعادة قراءته بشكل جيد وجدت أن هناك تكاليف معيارية واجهتنا في مسألة الـ/10%/ من الأرباح.
أحمد حباب، أمين العلاقات العربية والدولية في الاتحاد العام، طلب من الإدارات المزيد من الجدية في العمل والتخفيف من التكلفة، وأن تتعاون الصناعات المتشابهة في القطاع فيما بينها، وأكد أن الاتحاد العام لن يقصر في متابعة أي موضوع يصل إليه، ولن يجامل أحداً، وأن العمالة الفائضة ليست مسألة خاصة بالمؤسسة الغذائية، وإنما هي موجودة في القطاع العام الاقتصادي برمته.
د.خليل جواد، مدير المؤسسة العامة للصناعات الغذائية، اعتبر أن المؤسسة والنقابات في خندق واحد في مواجهة التحديات كافة، وخاصة المنافسة الشديدة من القطاع الخاص، بعد أن أعتمد النهج الاقتصادي المنفتح الذي زاد الطين بلة، مع دخول المنتجات المستوردة في المنافسة.
وأكد أنهم في المؤسسة طالبوا أكثر من مرة بالتدخل الإيجابي في السوق لتخفيض الأسعار، مؤكداً على ضرورة خفض التكلفة واستبدال وتجديد خطوط الإنتاج التي تجاوزت عمرها الإنتاجي وأصبحت خردة، وفي تناوله لواقع شركات الصناعات الغذائية طالب جواد باتخاذ إجراءات متناسبة مع النهج الاقتصادي الجديد، بحيث تكون أولى أولوياته الجدة الاقتصادية، لأن المؤسسة لا تخاف من منافسة القطاع الخاص بقدر ما تخاف من المنتج المستورد الذي ينافس بالإغراق. وطالب جواد في نهاية حديثه بإيجاد وإقرار قوانين تكون غايتها حماية المنتج الوطني والمستهلك معاً.

آخر تعديل على الثلاثاء, 12 تموز/يوليو 2016 15:03