بصراحة: مستلزمات إعادة الإنتاج؟
في الآونة الأخيرة كثر الحديث حكومياً عبر وسائل الإعلام والندوات والاجتماعات عن أهمية وضع الخطط والدراسات وخلافه من أجل التحضير لمرحلة ما بعد الأزمة صناعياً، أي إعادة إعمار ما دمر من منشآت صناعية يمكن إعمارها وهذا الأمر قد يجري بالتعاون مع القطاع الخاص، وفقاً لقانون التشاركية الذي أقرته الحكومة مؤخراً، وقانون الاستثمار، أي أن الخطط والبرامج المطروحة مبنية على الاحتمالات التي ستجذب القطاع الخاص والمستثمرين الأجانب والمحليين للمساهمة في انجاز ما تطرحه الحكومة بسبب «قلة» الموارد المتاحة، من التحضير للعملية الإعمارية التي تطمح الحكومة لإنجازها متجاوزةً قضيه على غاية من الأهمية،
وهي أن رأس المال لا يتحرك برغبته، ولكنه يتحرك وفقاً للسياسات التي ترتئيها المؤسسات المالية الإمبريالية على أساس الأهداف البعيدة والقريبة الموضوعة، وبما يخدم مصالح الرأسمال المالي وأهدافه السياسية والتجربة القريبة لمعظم الدول التي ابتليت بتبني السياسات الليبرالية، تؤكد على تسييس رأس المال، ومنها تجربة الاستثمار التي جرت في بلادنا وساهمت إلى حد بعيد في التحضير لانفجار الأزمة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، والتي سنبقى نحصد نتائجها لأجيال قادمة، إذا ما استطاع الشعب السوري أن يتخلص من تلك السياسات التي أوصلته إلى ما وصل إليه الآن.
عدد لا بأس به من المعامل الموزعة في المحافظات يمكن إعادة تأهيلها والإقلاع بإنتاجها، بجهود قليلة، ولا تحتاج إلى موارد ضخمة لذلك، ولكن إعادة تشغيلها وتقديم التسهيلات اللازمة لها ستسهم في تأمين الموارد لتطويرها مرةً أخرى، إلى جانب تشغيل العمال ودفع أجورهم من إنتاجهم كما هو حال بعض المعامل في الصناعات الهندسية وبعض معامل النسيج، التي يطرح الآن تشغيلها للغير، وصناعة الإسمنت في ريف دمشق والتي تعمل بثلاث ورديات على مدار الساعة بسبب نقص اليد العاملة حيث تعيق القوانين تأمينها، وهذا حال معظم المعامل التي بدأت بالإقلاع بجهود عمالها وفنييها.
إن الجزء الأساسي من مستلزمات الإنتاج ليس المواد الأولية والآلات والمشتقات النفطية والكهرباء التي يجري التأخير بتأمينها بشكل مستمر، مما يعيق الإنتاج، ويترتب على ذلك خسارات حقيقية إضافة للخسارات التي منيت بها المعامل في السابق، بل أيضاً خسرت المعامل الكثير من كادراتها الفنية والإنتاجية لأسباب كثيرة ولا يجري تأمين بدائل للمعامل عن العمال، وهذا الوضع شائع في معظم المعامل حيث تؤكدها التقارير التي تصدرها الإدارات وكذلك التقارير التي تقدمها النقابات.