كرامة الوطن من كرامة عماله وكادحيه
عانى العمال في القطاعين العام والخاص من التداعيات السلبية للأزمة، إذ انخفضت التعويضات الممنوحة للعمال نتيجة توقف شركاتهم مما أثر سلباً على وضعهم المعيشي، هذا ما أكده صالح منصور رئيس نقابة عمال الغزل والنسيج في مؤتمرهم، مشيراً إلى تسريح عدد كبير من العاملين في القطاع الخاص، ولم يتبق على رأس عمله إلا حوالي 10% من العمال ويتقاضون رواتب متدنية.
وطالب منصور من خلال التقرير المقدم لأعمال المؤتمر تسريع البت بالدعاوى العمالية وتفعيل عمل المحكمة العمالية، وزيادة الراتب التأميني للعاملين في القطاع الخاص بنسبة 9% كل سنتين، وإعادة النظر بمرسوم الحوافز الإنتاجية بما يتناسب مع ارتفاع الرواتب، ومنح تعويض الاختصاص لخريجي المعاهد والثانويات الصناعية والفنية والمعينين بعد عام 1987، واعتبار تعيين خريجي الإجازات الجامعية على شاغر محدث أسوة بالمهندسين المفرزين.
مواجهة قوى الفساد
ونظرا لأهمية المداخلة التي ألقاها النقابي هاشم اليعقوبي ننشر أهم ما جاء فيها:
ينعقد مؤتمرنا الأول للدورة السادسة والعشرين ونحن نعيش كارثة إنسانية كبرى، ولدها استمرار الأزمة الوطنية العميقة الشاملة الآخذة بالتطور المتسارع لمناحي خطيرة جداً تهدد وحدة البلاد أرضاً وشعباً، ولما كان لتفجر الأزمة عاملها الخارجي المعروف والبديهي ألا وهو تربص أعدائنا التاريخيين بنا وتآمرهم علينا؛ فإن مجموعة العوامل الداخلية هي التي سمحت لهذا التربص والتآمر أن يتحول إلى قوة مادية فاعلة، وأهمها السياسات الاقتصادية الليبرالية التي تبنتها الحكومات المتعاقبة، والتي أدت لتراجع دور الدولة في الحياة الاقتصادية الاجتماعية، وارتفاع معدلات البطالة والفقر، وسهلت عملية الهجوم الكبير والمتلاحق على مكاسب وحقوق أصحاب الأجور وسائر الكادحين وفي مقدمتهم العمال، ناهيك عن انخفاض مستوى الحريات السياسية والنقابية التي افقدت وسلبت الطبقة العاملة وقيادتها النقابية أدوات الدفاع عن مصالحها في مواجهة قوى الفساد الكبير المستشري داخل جهاز الدولة وخارجه.
ضرب الخطوط الحمراء
من هنا نحن مدعوون اليوم لتحمل واجبنا الوطني الذي لازم حركتنا منذ نشوئها إلى اليوم بالإسهام الفعال في الدفاع عن وحدة البلاد في وجه أعداء الداخل والخارج عبر الدفع باتجاه الحل السياسي الشامل للأزمة، وتعزيز وحدة الحركة النقابية واستقلالية قرارها، وذلك من خلال الدفاع الفعلي والمستميت عن مصالح الطبقة العاملة والنضال المستمر من أجل تحقيق حياة كريمة لطبقتنا العاملة فكرامة الوطن من كرامة عماله وكادحيه .
قامت الحكومة مع بداية العام الحالي بضرب الخطوط الحمراء مجدداً تلك الخطوط التي طالما تغنت وتفاخرت بها طوال الأعوام الأخيرة إذ أصدرت القرار المتضمن رفعاً جديداً (الواضح أنه ليس الأخير) للدعم عن المواد الأساسية (خبر، مازت، غاز، فيول) مجددةً هجومها على جيوب الفقراء ومضيفة عبئاً معيشياً على العمال الذين لم يعودوا قادرين على تحمل المزيد، وممررةً قرارها بعناوين مضلل وبراق ( نزولا عند رغبة المواطنين) (عقلنة الدعم) متجاهلة أكداساً من أموال الفاسدين الذين تورموا مما سرقوه من عرق المنتجين الحقيقين.
التقشف الإلزامي
وكانت جريدة قاسيون في عددها 691 بتاريخ 1 شباط 2015 نشرت دراسة اقتصادية علمية تناولت فيها القرار الأخير وانعكاسه المعيشي على المواطن السوري صاحب الأجر حيث خلصت الدراسة إلى أن العائلة السورية المكونة وسطياً من خمسة أفراد تحتاج لمبلغ 68 الف ليرة سورية كي تستطيع تأمين احتياجاتها الأساسية وفق معيار الأمم المتحدة وهي (الغذاء، الصحة، المسكن، التعليم، النقل، اللباس) في حين أن متوسط الأجر حاليا 20 ألف ليرة سورية، والحد الأدنى للأجور 14 ألف ليرة سورية، مما فرض على الأسر العمالية السورية حالة من التقشف الإلزامي والحرمان المستمر، ولم يستطع التعويض المعيشي الذي صدر مصاحبا للقرار، والذي قدره أربعة آلاف ليرة سورية إلا على تغطية 63% من فرق الأسعار الذي بلغ 5900 وفق الدراسة نفسها، وقد استفاد عمال القطاع العام من هذه النسبة التعويضية في حين بقي عمال القطاع الخاص تحت رحمة ومزاجية أرباب العمل الذين إما أنهم عوضوا عمالهم بجزء من التعويض أو لم يعوضوهم أبداً.