بصراحة: المؤتمر العام والحريات النقابيّة والديمقراطيّة
استكملت الاتحادات المهنيّة لنقابات العمال عقد مؤتمراتها التي جاءت بقيادات نقابيّة منها ما هو جديد على هذه المواقع القياديّة، والأغلب من القيادات بقيّت محتفظة بموقعها الذي كان تشغله في الدورة السابقة، وذلك وفقاً للتقسيمة التي جرى العمل على أساسها على مدار العقود السابقة؛ ومازال معمولاً بها إلى الآن، وهذا ينطبق على المؤتمرات «الأدنى» في التراتبيّة النقابيّة «مؤتمرات اتحادات المحافظات» مما يجعل اللوحة النقابيّة تكتمل باتجاه عقد المؤتمر العام الجاريّ التحضير لعقده في موعده المحدّد.
في العددين السابقين من صحيفة «قاسيون» طرحنا وجهة نظرنا فيما هو مفترض أن يكون على جدول أعمال المؤتمر القادم من ضرورة امتلاك الحركة النقابيّة لرؤيّة سياسيّة واقتصاديّة انطلاقاً من المصلحة الحقيقية للطبقة العاملة السورية، إذ أن الفرصة مواتية لصياغة ذلك البرنامج السياسيّ الاقتصادي -الاجتماعيّ المعبر عن الموقف الوطنيّ للحركة النقابيّة، الذي جوهره الدفاع عن الوطن أرضاً وشعباً والدفاع عن الاقتصاد الوطنيّ، وفي القلب منه القطاع العام الذي هو ملك للشعب السوريّ، والدفاع عن حقوق ومصالح الطبقة العاملة السياسيّة والاقتصاديّة واستقلاليّة الحركة النقابيّة، واستكمالاً لما تم طرحه سابقاً في سياق الرؤيّة السياسيّة والاقتصاديّة تحتل قضية الحريّات الديمقراطيّة والنقابيّة مكاناً هاماً في إطار المراجعة المفترضة لتجربة الحركة النقابيّة السابقة؛ وصياغة الموقف على أساس ما يتم استنتاجه من تلك التجربة التي أدت إلى خسائر حقيقيّة على الصعيد الوطنيّ وحقوق الشعب السوريّ بأغلبيته الفقيرة، ومنها حقوق العمال.
جاء في مقدمة كتاب «الحقوق والحريات النقابية» الذي يتضمن اتفاقيات منظمة العمل الدولية والعربية: «إن قوّة المنظمة في حريتها واستقلاليتها، وهي بذلك سلاح فعال ضد كل من يريد النيل من حقوقها ومكتسباتها، وهي قوّة كبرى بيدها للنضال ضد كل مساومة على الحقوق والمصالح الوطنية، ومن أجل الحفاظ على الاتجاه التقدميّ لتطور البلاد، وتحقيق أهدافها القريبة والبعيدة؛ وإن النقابات القويّة هي النقابات الجماهيريّة التي تضم إليها العدد الأكبر من العمال إلى صفوفها، وتعبئتهم دائماً في سبيل الحصول على حقوقهم وتحقيق مطالبهم المشروعة».
إن ما جاء في المقدمة يؤكد ما ذهبنا إليه مراراً وتكراراً في أن عدم استقلاليّة الحركة النقابيّة عن أيَّ شكل من أشكال الاحتواء سيضعف قدرتها على الدفاع عن مصلحة الطبقة العاملة، ومنها أجورها التي وصلت إلى مستوى لم يعد محتملاً ليس بسبب الأزمة فقط، بل بسبب النهب والاحتكار والسياسات الاقتصاديّة المنحازة لمصالح قوى الفساد الكبير، وقوى رأس المال التي تحتاج مواجهتها لحركة نقابيّة مستقلة تملك الأدوات الضروريّة للمواجهة؛ وفي مقدمتها حق الإضراب والتظاهر السلمييّن اللذين نص عليهما الدستور السوريّ.