من الأرشيف العمالي: بين الإنصاف والتعسف
صدر عن رئاسة الجمهوريّة السوريّة في 17/11/1942 مرسوم تشريعيّ حمل الرقم 67 جاء فيه البنود التاليّة:
المادة الأولى: يتحتم على كل صاحب عمل إذا أراد أن يسرَّح أحد عماله؛ وكان لهذا العامل خدمة مدتها سنة فأكثر، أن ينذره بذلك كتابة قبل التسريح بشهر واحد، ويحق للعامل خلال هذه المدّة أن يتغيب عن عمله ساعتين على الأكثر كل يوم ليبحث عن عمل جديد.
المادة الثانيّة: تشمل كلمة عامل المنصوص عليها في هذا المرسوم التشريعيّ المستخدم والصانع والأجير على اختلاف طبقاتهم.
المادة الثالثة: لا يجوز لصاحب العمل أن يسرح أحد عماله أو أن ينذره بالتسريح إذا كان هذا العامل متغيباً بإجازة عادية أو بإجازة مرضية.
المادة الرابعة: يجب على صاحب العمل عند تسريح أحد عماله أن يدفع له تعويض تسريح يعادل أجر شهر عن كل سنة ابتداء من تاريخ استخدامه.
إن صدور هذا المرسوم كان ثمرة النضالات التي خاضتها الطبقة العاملة السوريّة عبر سنوات وسنوات.
ولكن من المؤسف أن هذا المرسوم التشريعيّ الذي صدر عام 1942 قد نُسفْ ونسفّت معه نضالات الطبقة العاملة بصدور المادة (138) مادة التسريح التعسفيّ دون ذكر السبب التي جاءت في قانون العاملين الموحد الصادر عام1985 المأخوذة بنصها الحرفيّ عن المادة/85/ الصادرة أواخر الأربعينيات، إذ تعتبر تلك المادة سيفاً مسلطاً على رقاب العاملين بالدولة كافة. إذ تحرم بنودها الثلاثة العامل أو الموظف من أبسط الحقوق التي يكفّلها الدستور.
وملخص القول: إن الحقوق النقابيّة والعماليّة التي اكتسبتها طبقتنا العاملة بعد نضالات طوال تتم محاولة تفريغها من خلال مادة أو أكثر بقانون العاملين الأساسيّ للدولة.
والسؤال: ما دور بقاء المادة/138/ في قانون العاملين الأساسيّ؟ وما الضمانات التي تكفل لأيّ عامل أو موظف لدى الدولة أن لا تطاله تلك المادة التعسفيّة وتحيله بين ليلة وضحاها إلى مجرَّد منبوذ من ساحات العمل؛ ومحروم من أيّ عمل آخر لدى الدولة وبأيَّة صفةٍ كانت.
المثل العاميّ يقول «قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق» فلا مبرر لاستمرار وجود تلك المادة التعسفيّة. سؤال مشروع بانتظار إجابة «غير تعسفية»!!.
قاسيون العدد 146 كانون ثاني 1998.