دور لجان البيع والشراء في تخريب القطاع العام الصناعي
إصلاح القطاع العام الصناعي كان ومايزال أحد القضايا المهمة العالقة بين الشركات العاملة في هذا القطاع، ورؤية وزارة الصناعة بتطويرها أو إغلاقها خلال السنوات العشر الأخيرة، وعلى الرغم من وجود عوامل عديدة ساعدت في خروج وإطلاق الكثير من الحلول لإنقاذ هذه الشركات من مأزقها، فإن الأمور مازالت دون المأمول، ومن القضايا التي لم تأخذ حقها في الاهتمام والبحث هو دور لجان الشراء والبيع في تخريب هذا القطاع الحيوي. وكمثال بسيط على وضع هذه الشركات من هذه الناحية، سنسلط الضوء على حاله واحدة على سبيل المثال لا الحصر، وهو ما جرى في شركة «وسيم» للألبسة الجاهزة عند توقيعها عقد توريد لشراء لصاقة من مادة الاتيكيت ذات الترقيم الحراري قدرت بنحو /50/ مليون لصاقة، عن طريق المدير التجاري في الشركة ومدير الإنتاج.
فمن أهم شروط المطلوبة للصاقة أن تلصق بشكل جيد ومحكم على جميع أنواع الأقمشة، وأن تعمل بشكل متكامل ومتناسق على الآلة المخصصة لهذه العملية.. وبناء على عقد الشراء، وبعد أخذ ورد، تم تخفيض الكمية إلى /37.5/ مليون لصاقة في 1/6/2010، وتم تنظيم محضر لمطابقة المادة الموردة للمواصفات المطلوبة، واقترحت لجنة الشراء استلام المادة ودفع ثمنها كاملاًُ للمورد دون أي نقصان، لكن أثناء التشغيل تبين لصالة القص في الشركة أن المادة الموردة غير مطابقة للمواصفات، وتعاني الكثير من العيوب.
وللتأكيد على عدم مسؤوليتهم، رفع عمال الصالة مذكرة تحت رقم /1273/ تاريخ 3/10/2010 أوضحوا فيها أن اللصاقة سيئة وطرية ولا تلصق، وغير قابلة للطباعة عليها بسبب لمعانها الشديد. كما رفع عمال ورشة الخياطة مذكرة بالموضوع نفسه، وقام المدير الفني ودائرة الصيانة بتوجيه كتاب بالتاريخ نفسه يوضحون فيه عدم صلاحية اتيكيت الترقيم الجديد المخالف للمواصفات، واختلافه الجذري عن الاتيكيت الموجود في الشركة من حيث الملمس والقساوة، مما يؤدي إلى تجميع الكركر. كما قدمت لجنة الرقابة الداخلية في الشركة مذكرة تحت رقم /1661/ تاريخ 4/10/2010 بينت فيها عدم الصلاحية، وبناء على هذه المذكرة تم استدعاء المورد بعد أن قدرت نسبة الهدر بأكثر من 30%، لكن ولأسباب ليست خافية على أحد، وبعد لقاء بين المدير العام والمورد بتاريخ 19/10/2010، نظم محضر، وتم تقدير نسبة الهدر بأقل من 11%، ووقعت لجنة الاستلام والفنيين على المحضر بضغط وترغيب وترهيب من الإدارة، التي هددت لجنة الاستلام بإعفائها من مهامها أو نقلها أو إنهاء عقود كل من لهم صلة بهم، علماً أن أكثر الذين وقعوا المحضر تحت الضغط طالبوا بإعادة المادة إلى المورد. وهنا لابد من طرح مجموعة من الأسئلة ليس دفاعاً عن أحد إنما دفاعاً عن شركات القطاع العام، وهي: كيف تطلب كمية كبيرة من هذه المادة تكفي لمدة سبع سنوات في حين أن قوة اللصاقة تضعف سنة بعد سنة؟ لماذا؟ وكيف تم تخفيض نسبة الهدر من 30% إلى 11% بما يشكل مخالفة لتوجيهات الجهاز المركزي الذي رفض المادة؟ وما المعيار الذي تم اعتماده في التخفيض؟ ولماذا دفعت اللجنة كامل استحقاقات المورد قبل التجريب النهائي للمادة؟ إن كل هذه الأسئلة تؤكد أن العمال في مختلف الشركات لم يكن لهم أي دور في تخريب هذا القطاع، وإنما الفاسدون هم الذين كان لهم اليد الطولى في تخسيره وتدميره حتى وصل إلى ما هو عليه، وهذه القضية نضعها برسم نقابة عمال الصناعات النسيجية التي لابد أن تتحرك سريعاً قبل أن تصل الشركة لحالة لا يتمناها أحد، وتكريم العمال بدلاً من تهديدهم.